نافياً حدوث بوادر انشقاق في صفوف التيار الرسالي... في حديث لـ «الوسط»
المحفوظ: معتادون على تعددية الرأي و«الحضور السياسي» لا تحدده المشاركة
الوسط - وسام السبع
أوضح أمين عام جمعية العمل الإسلامي (أمل) الشيخ محمد علي المحفوظ أنه ليس قلقاً أبداً على سلامة الجبهة الداخلية لجمعيته نتيجة قرار الجمعية عدم المشاركة في الانتخابات الأخيرة.
وقال في حديث لـ «الوسط» إن «مستقبل التيار لا تحدده انتخابات عابرة وليست مصيرية»، مؤكداً أنهم في الجمعية «معتادون على تعددية الرأي وبالتالي قادرون على ضبط الأصوات المتعددة وإدارة الاختلافات في وجهات النظر بين الأعضاء».
وقال المحفوظ إن «رؤيتنا في كل المسائل السياسية المطروحة تنبع من قناعتنا الدينية، والأمل معقود بالأخوة أن يتم الالتزام بمقررات الجمعية وموقفها الرسمي من الانتخابات».
كما أوضح المحفوظ أن موقف الجمعية جاء بعد رفع تقرير من اللجنة الانتخابية في «أمل» يحمل توصياتها إلى الأمانة العامة التي درسته وخرجت بقرار المقاطعة، ولفت إلى أنه «تم الاسترشاد برموز التيار وقادته في الخارج وعلى رأسهم السيد محمد تقي المدرسي والسيد هادي المدرسي، باعتبار أننا حركة دينية ونلتزم بالموقف الفقهي في تحركها وهذا أمر اعتيادي».
وفي سؤال عما إذا كانت الجمعية ستستغرق في الشأن الديني بعد قرار المقاطعة وعدم إيلاء الشأن السياسي عناية كبرى قال المحفوظ: «الدين هو الأصل وما دون ذلك مجرد عناوين، الدين هو المرجعية في كل شيء وعلى كل صعيد بما في ذلك الصعيد السياسي، هذه هي رؤيتنا وهذه هي قناعاتنا، أما الحديث عن ضعف تعاطي الجمعية مع الشأن السياسي فلا أعتقد أن (أمل) خلال المرحلة السابقة ابتعدت عن التعاطي مع القضايا السياسية أو فقدت تأثيرها في الساحة سواء على مستوى التحالفات أو التنسيق مع القوى الوطنية، والكلام عن درجة التأثير السياسي لتيار معين هو كلام غير دقيق ويدخل في إطار المزايدات السياسية، لأننا لا نعيش في ظل واقع ديمقراطي مفتوح وحر حتى نقول درجات التأثير تتباين بين قوة وقوة أخرى».
وأضاف «كل التكوينات المجتمعية لها حظها من التأثير، وجمعية العمل ليست بعيدة عن مقاربة الشأن السياسي والانتخابات لا تعطي الأطراف أحجامها في الساحة إنما المعيار هو في العمل الميداني».
وكرر المحفوظ موقف جمعيته من البرلمان بقوله إن «البرلمان الحالي لا يلبي طموحات الناس وهو في أحسن الفروض يعتبر مجلس شورى مطوراً أكثر مما هو برلمان، وهو مرفق من مرافق الدولة أكثر منه مجلساً للمراقبة والتشريع، والجدل الحالي بشأن المقاطعة والمشاركة بات اليوم مطروحا أكثر مما مضى».
ورداً على سؤال عما يمكن أن يسببه موقف الجمعية من ظهور خطابات متشددة تكون لها تأثيراتها على تدهور الحالة الأمنية نفى الشيخ المحفوظ ذلك بقوله «لا ينحصر الأمر بين المشاركة أو التدهور الأمني، الواقع برمته يحتاج إلى معالجة جادة من الجميع، التجربة البرلمانية بحاجة إلى تصحيح أوضاعها والوضع الأمني السيئ بدوره يحتاج إلى معالجة».
من جهة أخرى علّق عضو الأمانة العامة في «أمل» رضوان الموسوي، في وقت سابق، على أسباب مقاطعة الجمعية الحالية على رغم مشاركتها في 2006 بالقول: «يحصل اشتباه وتغييب للحقائق، فقرار مشاركتنا في 2006 جاء بعد الاجتماع التشاوري مع الجمعية العمومية الذي جرى في مأتم سار، ولقد خرجت نتيجة التصويت بفارق بسيط لصالح قرار المشاركة، وبالتالي التزمت رئاسة الجمعية حينها بهذه النتيجة، وعرض الشيخ علي سلمان في حينها على الشيخ محمد علي المحفوظ الانضمام إلى كتلة الوفاق، إلا أن الشيخ المحفوظ رفض عرض رئيس الوفاق وأكد له أنه شخصيا لا يرغب في المشاركة في البرلمان لكنه اقترح أن يتم تشكيل كتلة وطنية تضم كل قوى المعارضة إلا أن رئاسة الوفاق تحفظت على هذا الأمر».
وأضاف الموسوي «أما قرار المقاطعة في 2010 فهو قرار اتخذته الأمانة العامة في (أمل) بعد مداولات طويلة ودراسة مستفيضة للموقف، وقد لاقى القرار ترحيباً في أوساط التيار الرسالي بشكل عام».
وكانت جمعية العمل الإسلامي البحرينية أعلنت مقاطعتها للانتخابات النيابية والبلدية المقررة في أكتوبر/ تشرين الأول، وذلك في مؤتمر صحافي عقدته بمقرها في قرية القرية في أغسطس/ آب الماضي. بينما رفضت المشاركة في الانتخابات العامة التي أجريت في 2002 ولم تحصل على أية مقاعد في انتخابات 2006.
ورأى أحد المراقبين أن قرار المقاطعة الذي اتخذته الجمعية «لن يغير الكثير من الواقع وعلى نسيج التيار، بل سيكرس القرار عزلة على كوادر الجمعية وناشطيها، فالقوى التي تشارك قد تلتقي بالناس على الصعيد الخدمي من خلال البرلمان والمجالس البلدية واللجان الأهلية التي تشكلها وفي هذه الحالة سيتعين على (أمل) أن تبتدع قنوات جديدة تعوض هذه الخسارة»، وأضاف أن «تيار أمل يعيش ازدواجية، فسلوكه المنفتح على النظام في بعض المواقع لا ينسجم مع قرار المقاطعة الأخير، والتفسير الملائم لهذا الازدواج يمكن فهمه في ظل تفسير المقاطعة بوصفها تكتيكاً لمواجهة حالة المقدرة على نسج تحالف يمكنها من إحراز فرص أوفر للفوز بمقعد انتخابي أو بلدي».
وحسبما يذكر الباحث علي المؤمن في كتابه «سنوات الجمر» الذي يؤرخ للحركة الإسلامية العراقية، فإن بدايات تيار الحركة الرسالية (الذي تنضوي تحته «أمل») كانت ما بين العام 1965 و1967، وكانوا ينشطون في كربلاء باسم «حركة الرساليين – الطلائع» وحركة المرجعية. وكان هذا التيار يواجه معارضة من المرجعيات الشيعية في النجف ولاسيما مرجعية الإمام محسن الحكيم.
أما الصيغة الأبرز التي تحرك باسمها التيار في سبعينات وثمانينات القرن الماضي فكانت منظمة العمل الإسلامي التي تأسست في الجمهورية الإسلامية الإيرانية في 13 أبريل/ نيسان 1979 بإشراف الإمام محمد الشيرازي وتحت رعايته وتولى قيادتها السيد محمد تقي المدرسي وكان الناطق الرسمي باسمها الشيخ محسن الحسيني ومن قيادييها السيد هادي المدرسي والسيد كمال الحيدري الذي انشق عنها لاحقاً.
ولقيت كوادر الحركة الرسالية دعماً من الجمهورية الإسلامية الإيرانية في سنوات التأسيس الأولى وخصوصا من قبل الحرس الثوري الإيراني وبعض الأوساط القريبة من آية الله المنتظري وخصوصا مهدي الهاشمي شقيق صهره السيد هادي الهاشمي. وانتشر «الشيرازيون» في سورية ولبنان والبحرين والكويت والسعودية، وأسسوا العديد من المنظمات: كالجبهة الإسلامية لتحرير البحرين، ومنظمة الثورة الإسلامية في الجزيرة العربية (السعودية)، وكان لهم دور فاعل في إيران من خلال المؤسسات الإعلامية (كمجلة الشهيد) بالإضافة إلى تغلغلهم في المؤسسات الإيرانية.
وحظي تيار الحركة الرسالية وخصوصا منظمة العمل الإسلامي بدعم كبير من العديد من الجهات الإيرانية وخصوصا خلال الحرب العراقية – الإيرانية، وأقام معظم قادة التيار في إيران لفترة طويلة. وتولى مهدي هاشمي (شقيق صهر الشيخ منتظري هادي الهاشمي) رعايتهم وتقديم الدعم المادي والمعنوي والإعلامي لهم. وكان العمل يتم من خلال «مكتب دعم حركات التحرير» الذي تأسس بدعم من الحرس الثوري الإيراني.
ونجح تيار الحركة الرسالية في تحقيق إنجازات إعلامية وثقافية كبيرة من خلال عدد من الفضائيات التي يمتلكونها وخصوصا «الأنوار» و»الزهراء»، وتركيزهم على نشاطاتهم التعبوية ومجالس العزاء ولاسيما في كربلاء والكويت ولبنان والبحرين. وهم يشكلون اليوم احد ابرز التيارات الشيعية التي تنطلق من خلال تعزيز التعبئة المذهبية. وتمثل جمعية العمل الإسلامي (أمل) اليوم الواجهة السياسية للتيار في حين تمثل جمعية الرسالة الإسلامية وجمعية أهل البيت (ع) الذراع الديني والاجتماعي للتيار فيما لم يعرف عن الجمعية أي تمثيل نسائي رسمي.
ومن أبرز الشخصيات القيادية للتيار الشيخ أمين عام «أمل» محمد علي المحفوظ ورئيس جمعية الرسالة السيد جعفر العلوي ورئيس جمعية أهل البيت الشيخ عبدالعظيم المهتدي البحراني ورجل الدين المعروف السيد محمد العلوي.
وأيا يكن موقف التيار من المشاركة أو المقاطعة، فإن مراقبون يتوقعون أن الحضور الديني والاجتماعي للتيار سيظل فاعلاً ومؤثراً في ظل واقع يشهد تجاذباً سياسياً حاداً واحتمالات مفتوحة
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3040 - الأحد 02 يناير 2011م الموافق 27 محرم 1432هـ