عرض شرطة المعارض!
مع ازدحام الدراما على الشاشات الخليجية في شهر رمضان، ومع كثرة الكتّاب والمؤلفين، والنقاد والممثلين، بدأ المنتجون في إنتاج أعمال (حيّا الله)، وصارت النصوص الفنية تبتعد عن الواقع بمسافات ضوئية، وصارت القصص تُحلّق في عوالم من الخيال والميتافيزيقيا.
الواقع المادي المحسوس مليء بالحقائق والوقائع التي تنافس نصوص هوليوود! ونظرة واحدة نخرج من خلالها رؤوسنا من الغرف المظلمة ونطل بها من نوافذ الحياة سنقتنص قصصاً ونصوصاً تمتد واقعيتها للأيام الرمضانية الثلاثين التي اعتدنا على ملئها بكل ما لا يمتّ إلى الواقع بصلة.
واحدة من القصص المبكية المضحكة في آن واحد والتي تصلح نَصّاً يستقطب جمهوراً عريضاً من المشاهدين هو المشهد البطولي الذي كانت خشبته على قسم الاستقبال في مركز شرطة المعارض يوم الجمعة الماضي كما رواه رئيس اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس النواب عبدالجليل خليل!
يقول النائب غير المعترف به من قبل أبطال هذا المشهد: «شهدت تعذيب اثنين من المواطنين، وأن ضابطاً من قوات سافرة مع خمسة أفراد انهالوا بالضرب المبرح على المواطن سيدمحسن الشرخات في قاعة استقبال مركز شرطة السنابس، ولم يكتفوا بذلك بل سحبوا أخاه سيدصالح الشرخات الذي كان قد حضر معي لتقديم شكوى على أحد رجال الأمن بلباس مدني، اعتاد على إهانة وضرب المواطنين في السنابس والمناطق المحيطة».
وأضاف خليل أنه «عندما سجلت احتجاجي على ذلك، قام الضابط بالصراخ علَيَّ، وتلفّظَ بألفاظ نابية، وقال: إنك نائب على غيري، واذهب وأخبر من تشاء، لا يهمني من أنت ولا من تمثل».
والطامة أن الأمر تطور أكثر عندما تقدم النائب خليل بطلب لكتابة محضر ضد التعذيب الذي شاهده، فما كان من الشخص الذي ذهب لتسجيل شكوى ضده إلا أن ألقى بنفسه على الأرض مدعياً بأن الأهالي ضربوه، وأنه يقدم شكوى عليهم، وعلى أساس ذلك تم اعتقال المواطنين الأبرياء في مركز النعيم، ثم نقلوهم إلى النيابة العامة أمس الأول (السبت)، والتي أمرت بإيقافهم أسبوعاً!
هل هناك أروع من هذا النص؟! في المكان المعوَّل عليه لتطبيق القانون، يسقط القانون مغشياً عليه؟! ليصبح المجني عليه متهماً، والمتهم مجنياً عليه؟! وفي المكان الذي يلجأ إليه المواطن الخائف ليأمن على نفسه وماله، تجده فيه خائفاً هلعاً بفعل الضرب والشتم، وقلب الحقائق على وجهها؟!
وحتى النائب الذي أصبح نائباً بحكم القانون والدستور يصبح بين عشية وضحاها ليس نائباً! ولا أعرف كيف تنتظر الحكومة بأسرها استكمال موازنة الدولة التي تزيد مصروفاتها على 5 مليارات دينار، بتوقيع من رئيس اللجنة المالية، وهو غير معترف به في مخافر الشرطة، بل إنه ليس نائباً لمن يعملون في هذه المراكز فهو لا يمثلهم ولا يعنيهم؟! فمن يدلني على إهانة للدستور والقانون أكبر من هذه؟!
عقيل ميرزا
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3048 - الإثنين 10 يناير 2011م الموافق 05 صفر 1432هـ