دعى لتفاعل الشعب مع الشعار ..آية الله قاسم:
شعار «مع القرآن» تجربةٌ للإرادة الإيمانية في البلد وهمة النهضة والإصلاح عند الشعب واخلاصه للإسلام
دشّن سماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم (دام ظلّه) أثناء خطبة الجمعة هذا الاسبوع 5/11/2010 هـ شعار المجلس الإسلامي العلمائي لعام 1432هـ «مع القرآن»،وقال سماحته "إن شعار «مع القرآن» لا ينبغي لأي مسلمٍ أن يتغافل عن اهميته أو يتخلف عن التفاعل معه أو يقصر في الإعتناء به وخدمته، وطرح هذا الشعار فرصةً لأن نحاول الوفاء لحق القرآن، والإعتراف الجاد بمكانته، والتحرك بكل حياتنا على خطه، والإقتراب منه، والإرتفاع بإرادتنا إلى الصبر على إرادته، وأن نستقي ثقافتنا وهدانا منه، ونربي أنفسنا وأهلينا وأجيالنا بتربيته، ونصوغ أوضاعنا على هداه ووفق طريقته " وتابع " شعارٌ من مسئولية كل الأفراد والمرسسات الصارحة أن تسانده وتفعله وتخلص له، وتبذل في سبيله، وتنفق من جهدها وامكاناتها من اجله"
ويحمل شعار العلمائي عدة قضايا وهموم وتطلعات يعيشها المجتمع والأمة الإسلامية في ظل الهجمة الممنهجة في استهداف المعجز الإلهي من الإستكبار العالمي .
وفيما يلي نص مقتطف من الخطبة المتعلقة بالشعار:
ليس بعد القرأن الكريم من كتابٍ سماويٍ منزل، وليس من بين كتب السماء ما هو اجمع منه، وإذا اختلف التشريع بينها مراعاةًً لتطور الحركة الإنسانية في الأرض وما تطلبته من جديد فهو المرجع في مورد الإختلاف مع قداسة الجميع.
ولقد جاء القرآن الكريم مستوعباً ما تفرضه حركة التطور البشري بجميع أبعادها من حاجاتٍ ومقتضيات، فما تحتاجه البشرية اليوم من هداياتٍ وإضاءاتٍ ونظمٍ وتشريعات لا يقتضي تنزل رسالةٍ إلهيةٍ جديدة وكتابٍ سماويٍ جديد، وإنما يتطلب فهماً مستوعبا ومعصوما للقرآن الكريم، وبالدرجة الثانية وبلحاظ الظروف الإستثنائية إلى استنطاقٍ علميٍ موضوعيٍ شامل من المختصين للكنوز الترة التي يغنى بها القرآن ويمكن لها ان تمد الحياة في كل درجات تطورها وتعقدها بما يصلحها من فكر ويلبي حاجتها من ثقافة ويضع مسيرتها على الصراط، ويكفي لسد كل حاجتها التشريعية.
والأمة الشاهدة الوسط التي أنقذت الأرض بالأمس، ثم تراجعت وتغيب دورها وخف ثمنها الصوت فعادت الارض يحكمها الهوى والظلال، تحتاج عودتها وعودت دورها وصوتها إلى عودةٍ جادةٍ للقرآن إيماناً وفهماً وعملا، وأن تتربى الأمة تربيةً قرآنيةً شاملة، وتأخذ به عقيدةً ومفاهيم وروئ ومشاعر وأخلاق وتشريع في كل مناحي حياتها، وأن تتخلص من كل فكرٍ مضاد وشعورٍ معادٍ واخلاقيةٍ مناهضة ومفهومٍ تشريعٍ مخالف.
إن أي شعبٍ من شعوب الأمة وأي مجتمعٍ من مجتمعاتها تكون له هذه العودة الجادة، سيتقدم الركب وسيكون منطلق حركة الإنقاذ لا للأمة وحدها وإنما للعالم اجمع، وسيعم النور الدنيا بعد أن أغرقها الضلال.
أي شعبٍ وإن صغر حجمه يحقق عودةً صادقةً شاملةً للقرآن الكريم سيعظم بها، ويكون مصدر إلهامٍ لغيره من الشعوب، ويفتح باب الهداية والصلاح والإستقامة والتحرر والتقدم والرقي لكل الأمم، وهو يحقق بذلك أكبر سبق وأغنى سبق وأجلى سبق.
«مع القرآن» شعارٌ يطرحه المجلس الإسلامي العلمائي لهذا العام، تحريكاً لعقل هذا الشعب والأمة وضميرهما، وتذكيراً بالواجب الإلهي في احترام كلمة الوحي وتوقير القرآن والتعامل معه التعامل الذي يستحقه، من الجد في استشكاف كنوزه وأسراره، وتربية النفس على هداه، والأخذ بقيمه، وتطبيق تعاليمه، وإلتزام منهجه، والتسليم لمرجعيته وقيادته، وإقتفاء أثره، والدعوة إليه، ونشر ثقافته، وتعزيز مكانته، والذود عنه، واحياء ما احياه، واماتت ما اماته، والإشادة بما اشاد به، والإهمال لما اهمله.
إن المعية مع القرآن تطلق في بعدٍ منها من نور الفطرة الذي يلتقي معه ولسانها الذي يتحدث بلغته، ولغتهما الواحدة هي لغة التوحيد والحق والعدل والهدى والإستقامة والرقي والصلاح. وتنطلق هذه المعية في بعدها الأخر من متابعة القرآن في مفاهيمه ورؤاه وعقيدته واخلاقه وتشريعاته وتقديم ما قدم ومن قدم، وتأخير ما أخر ومن أخر، والأخذ بإراداته، وتطبيق منهجه، وتعميم ثقافته، ونشر تعاليمه، وإنشاء المؤسسات العلمية المتخصصة لدراسته، وتاكيد ريادته ومرجعيته وقيادته، وتنطلق كذلك من مناصرته والدفاع عن شأنه العظيم وحمايته.
إن شعار «مع القرآن» لا ينبغي لأي مسلمٍ أن يتغافل عن اهميته أو يتخلف عن التفاعل معه أو يقصر في الإعتناء به وخدمته، وطرح هذا الشعار فرصةً لأن نحاول الوفاء لحق القرآن، والإعتراف الجاد بمكانته، والتحرك بكل حياتنا على خطه، والإقتراب منه، والإرتفاع بإرادتنا إلى الصبر على إرادته، وأن نستقي ثقافتنا وهدانا منه، ونربي أنفسنا وأهلينا وأجيالنا بتربيته، ونصوغ أوضاعنا على هداه ووفق طريقته.
هذا الشعار فيه تجربةٌ للإرادة الإيمانية في هذا البلد، وهمة النهضة والإصلاح والتقدم عند هذا الشعب، وجدية الحركة الإجابية فيه، ومدى شوقه واخلاصه ووفاءه للإسلام.
شعارٌ من مسئولية كل الأفراد والمرسسات الصارحة أن تسانده وتفعله وتخلص له، وتبذل في سبيله، وتنفق من جهدها وامكاناتها من اجله.
شعارٌ من شأنه أن يُحدث نقلةً كبيرة في مستوى فكرنا وإرادتنا وتقديرنا للإسلام وارتباطنا به وإنشدادنا القوي به وتفعيلنا له وتفانينا في سبيله.
شعارٌ لا تنقصه القدسية والكفاءة، ولا الصدق والجدية، ولا القدرة على التغيير، ولا امكان الدفع القوي إلى الأمام والنهوض بالمستوى المتعثر.
شعارٌ يضعنا أمام امتحانٍ لإرادة النهوض، والقدرة على الإستجابة لهذه الإرادة وحالة الإستنهاض.
وأفقنا في كل أبعاد شخصيتنا الفردية والإجتماعية وحياة مجتمعنا وكل أفقٌ أخر وإن سما، بعيدٌ كل البعد عن السماء العالية للقرآن، وحتى نقطع بعض المسافة بيننا وبينها علينا أن نتعلم كثيراً ونجهد كثيرا ونبذل كثيرا ونصبر كثيرا، ونزيد في تعاوننا، ونجد في السيرِ بلا فتور.