مغسّلو الأموات: نخيط الجروح ونجبر الكسور... ونُحرَج إذا تأخرنا في التغسيل
أموات يسلّمون إلى أهاليهم بثقوب أنابيب المغذي وجروح مفتوحة
الوسط - علي الموسوي
الحاج عبدعلي ينظر إلى كفن مهيأ لأن يلف به أي متوفى
(تصوير: محمد المخرق) يستعدون بمعداتهم وملابسهم التي لن يلبسوها مرة أخرى، ويقفون أمام ذلك المكان الذي يقلبون فيه جسداً، ويغسلونه بماء السدر والكافور، والقراح، ويهيئونه في آخر ساعة من حياته الدنيوية، ليدخل في حياة الآخرة.
يقفون على باب المغتسل، ينتظرون سيارة نقل الموتى، لتجلب لهم جثة من مشرحة مجمع السلمانية الطبي، بعد إعلان الوفاة، ويفاجأون عند وصولها، ووضعها على حوض المغتسل، أن الجروح الموجودة فيها، وثقوب أنابيب السائل المغذي، مازالت مفتوحة، لتكون بذلك مهمتهم الأولى قبل البدء بالتغسيل، هو خياطة الجروح، وسد الثغرات، وجبر الكسور.
هذا ما فجّره عدد من مغسلي الأموات، في حديثهم لـ «الوسط»، وكشفوا الحالة التي تكون عليها جثث المتوفين في الحوادث المرورية، أو من كانوا يرقدون في مستشفى السلمانية الطبي، بل حتى من توفوا خلال إجراء عملية جراحية لهم.
مغسلو الأموات وهم (عبدعلي أحمد مرهون، رضي حسن محمد، وفيصل ميرزا موسى)، شرحوا حالة جثث كثيرة غسّلوها، وحنّطوها، ولفّوها بأكفان الموت، وأكدوا «يجلبون لنا الميّت من مشرحة السلمانية من دون أن تجبس الكسور، ولا تخاط الجروح أو تُضمد».
وبدأ الحاج عبدعلي مرهون، وهو مغسل أموات البلاد القديم، الصالحية، وطشان، وقضى أكثر من 15 عاماً في هذا العمل الإنساني، بالقول «نضطر إلى خياطة الثقوب والجروح التي نكتشف وجودها في أجساد بعض الجثث، ونحن لا نملك الأدوات الصحية لخياطة الجروح، ولذلك نذهب إلى المركز الصحي التابع لنا، ونأخذ منهم هذه الأدوات».
وقال الحاج عبدعلي «لدينا اتصالات مستمرة مع بعض الأشخاص العاملين في مشرحة السلمانية، ودائماً ما نطلب منهم القيام بهذه المهمة الطبية، التي لا نفقه فيها بقدر ما يعرفها المختصون والفنيون، إلا أن الوضع لم يتغير، وحتى الآن تصلنا جثث حالتها حرجة، والدماء تنزف منها».
وذكر الحاج عبدعلي أن الأمر لم يَقتصر على ذلك فقط، «في بعض الأحايين، تصلنا جثث وعليها آثار لصقات الجروح، إذ تبقى المادة اللاصقة على الجسم، ولا يمكن إزالتها إلا بمادة طبية لا تتوافر لدينا في المغتسل، وهذا أمر آخر نعاني منه، ما يضطرنا إلى شراء هذه المادة من الصيدليات».
وأوضح مغسل الأموات الحاج عبدعلي أنه «نستخدم المفركة والبودرة البيضاء (فودر)، في إزالة بعض البقع الموجودة على الجسم»، منوّهاً إلى أنه «يوجد مادة يطلق عليها اسم (وجو)، وهي مادة دهنية تستخدم في كراجات السيارات، وهي مادة عازلة عن الماء، وعلى رغم أنها تزيل البقع وآثار لصقات الجروح، إلا أننا لا نستخدمها كرامة للمتوفى».
وذكر عبدعلي ومغسلا الأموات رضي وفيصل، أن وزارة الصحة «لا تقوم بخياطة جروح المرضى المتوفين، فبمجرد موت المريض، يقومون ببعض إجراءات الوفاة، ويسلمونه إلى أهله، ويُنقل بواسطة سيارة نقل الموتى، وعند وضعه على المغتسل، يكتشف المغسلون الجروح والثقوب الموجودة في الجسم، وهي مواضع يخرج منها الدم».
وتابعوا «وزارة الصحة لا تخبرنا بأن بعض المتوفين كانوا مصابين بأمراض معدية، كالتهاب الكبد الوبائي، وهو مرض معدٍ وخطير، فضلاً عن ذلك، فهي لا تعطينا كمغسلي أموات، أجهزة الوقاية من الإصابة بهذه الأمراض، كالكمامات والقفازات والملابس الخاصة، فضلاً عن القطن وأدوات جبر الكسور»، هذا ما أكده مغسلو الأموات. وأشاروا في الوقت نفسه إلى أن «إدارة الأوقاف الجعفرية خاطبت في وقت سابق وزارة الصحة، بضرورة توفير هذه الأدوات والمستلزمات لنا، إلا أن الأخيرة لم تستجب، ومازلنا نعاني من هذه المشكلة حتى الآن».
ولفتوا إلى أن «إدارتي الأوقاف السنية والجعفرية، توفران الأدوات الصحية البسيطة، كالمطهر (ديتول) والصابون، إلا أن هذه المواد يمكن توفيرها من خلال المحلات التجارية، ولا نواجه أي صعوبة في شرائها».
وقالوا إنهم «في فترة انتشار فيروس إنفلونزا الخنازير، أقامت لنا وزارة الصحة ورشة عمل عن كيفية تغسيل من يتوفون بهذا الفيروس، وعلى رغم ذلك لم تخبرنا الوزارة عن من توفوا بهذا المرض، لنأخذ الحذر في تغسيلهم، ولولا علمنا من خلال الأهل بأن هذا المتوفى كان مصاباً بإنفلونزا الخنازير، لكانت إصابتنا نحن بالفيروس محتملة جداً».
ونوّهوا إلى أن «تطلب منا وزارة الصحة تطهير المغتسل بأكمله، إذا كان المتوفى الذي غسلناه مصاباً بالتهاب الكبد الوبائي، وكذلك التخلص من الملابس التي كانت علينا، وهذا ما يدل على خطورة مثل هذه الأمراض المعدية، التي تحتاج إلى وقاية وحرص شديدين عند التعامل معها».
--------------------------------------------------------------------------------
مواقف تحرج المغسلين
وبسؤالهم عن المواقف التي يصابون بالحرج عند التعرض لها، أفاد مغسلو الأموات «نصاب بالإحراج مع بعض أهالي المتوفين، خصوصاً عندما نتأخر في التغسيل، بسبب وجود ما يؤخرنا، كقيامنا بخياطة جروح، أو إيقاف دم ينزف من جسد المتوفى».
وأضافوا «في بعض الأوقات نستغرق ساعة كاملة في التغسيل، وهذا يحدث عندما يكون المتوفى بسبب حادث مرور أو مصاباً بجروح وكسور، وهنا نأخذ احتياطنا، نغسله بحذر شديد، وأيضاً إذا كان المتوفى يرقد في السلمانية أو توفى خلال إجراء عملية جراحية له، أما إذا كان المتوفى ليس مصاباً بأي شيء، فلا يستغرق سوى ربع ساعة».
وذكروا أن «بعض الأوقات يكون المتوفى فارق الحياة خلال إجراء العملية، وفي هذه الحالة يرفع الأطباء أيديهم عنه، ولا يقومون بخياطة الجروح، وبالتالي نكون مضطرين للقيام بهذه العملية في المغتسل، في حين أنها وظيفة المختصين والفنيين في وزارة الصحة، وبالتالي نتأخر كثيراً في عملية تغسيله».
ونوه في هذا الجانب الحاج عبدعلي أحمد مرهون قائلاً «أوصي دائماً المغسلين بأن لا يفشوا أسرار المتوفى، ولا يبوحون بها أمام أي أحد، وخصوصاً أولئك الذين يسألون، ولديهم حب الفضول، ومعرفة أسباب التأخر في تغسيل المتوفى، ويبدأون بالإلحاح وطرح الأسئلة لمعرفة ما شاهده المغسل في جسد المتوفى»، مؤكداً «أنا شخصياً لا أبوح بأسرار المتوفين، حتى وإن كان السائل زوجتي أو أولادي».
وعما يطمحون إليه من وزارة الصحة، أمل مغسلو الأموات في أن تستجيب الوزارة لمطالبهم، وهي مطالب يشترك فيها جميع مغسلي الأموات، وأن تقوم الوزارة ممثلة في مشرحة مجمع السلمانية الطبي، بخياطة الجروح التي تكون في جسد أي متوفى، وكذلك الجروح، وتعمل أيضاً على سد الثقوب التي تتركها أنابيب السائل المغذي وغيرها الموصلة إلى داخل الجسم.
--------------------------------------------------------------------------------
كيف يتم تغسيل المتوفى؟
سؤال طرحته «الوسط» على المغسل الحاج عبدعلي أحمد مرهون، لكونه قضى أكثر من 15 عاماً في تغسيل الأموات، ومازال، فأجاب بالقول «قبل أن نقوم بتغسيل المتوفى، نفتح وجهه أمام الولي الشرعي، وهو إما أن يكون والد المتوفى أو شقيقه، أو خاله، المهم أن يكون أقرب الناس للمتوفى، بعد ذلك نخلط المطهر (ديتول) مع المبيّض، ومن ثم نسكبه على جسد المتوفى، كنوع من التطهير عن أية جراثيم أو ميكروبات على الجسد، بعد ذلك نباشر تغسيل المتوفى 3 أغسال، الأول بماء السدر، والثاني بماء الكافور، وآخرها بالماء القراح».
--------------------------------------------------------------------------------
ما قصة الأوراق البيض والصفر والزّرق؟
روى الحاج مغسل الأموات الحاج عبدعلي أحمد مرهون، قصة 3 أوراق تحمل الألوان (الصفر والبيض والزّرق)، تكون إحداها فقط مع كل جثة تصل إلى المغتسل، إذ كانوا في بادئ الأمر لا يعرفون ما معناها، وخصوصاً أن المكتوب عليها باللغة الإنجليزية، فتارة تصلهم جثة معها ورقة صفراء، وأخرى معها ورقة بيضاء، وفي أحايين زرقاء.
بعد عدة أعوام من قيامه بتغسيل الأموات، عرف الحاج عبدعلي أن وجود الورقة الصفراء مع الجثة تعني أن هذا المتوفى لا يشكو من أي أمراض، وقد توفي طبيعياً، أما إذا كانت هناك ورقة بيضاء مع الجثة، فإن ذلك يعني إصابة المتوفى بأمراض، إلا أنها ليست معدية، إلا أن الورقة الزرقاء، فإنها تعني إصابة المتوفى بمرض معدٍ وخطير.
وأوضح الحاج عبدعلي أنه «لم أكن أعرف سر هذه الألوان، فسألت ذات مرة أحد الأطباء في مجمع السلمانية الطبي، وهو الذي وضح لي معناها».
--------------------------------------------------------------------------------
الوداعي: تجهيز الرجال للنساء في المشرحة مع إمكانية وجود المرأة «غير جائز»
أوضح رجل الدين السيدسعيد الوداعي أن تجهيز الرجال للنساء المتوفيات في مشرحة السلمانية مع إمكانية وجود العنصر النسائي للقيام بهذا العمل، أمر غير جائز. وقال الوداعي لـ «الوسط» إن نظر الرجل إلى المرأة الأجنبية، لا يجوز شرعاً، وهناك إشكالات عدة في هذا الجانب، بل تعتبر من المحرمات.
وفي سياق حديثه عن الأموات وتجهيزهم وتغسيلهم، ذكر الوداعي أن «إذا دُفن المتوفى ومضت مدة على ذلك، فإنه لا يجوز نبش القبر، وإخراجه منه، وهذا الفعل يعد هتكاً لحرمة الميّت».
وبسؤاله عن الإشكالات التي تحدث عند تغسيل الموتى وتشييعهم، ذكر الوداعي «من النقاط المهمة التي يجب على المغسلين الالتفات إليها، عدم تغليب ماء السدر أو الكافور على الماء القراح، بحيث ينقلب الماء من قراح إلى مضاف، وفي هذا الحال يصبح غسل الميّت باطلاً».
وأضاف «كذلك يجب الالتفات إلى أن يكون رأس الميت عند الصلاة عليه، على يمين المصلين، وإلا تكون الصلاة باطلة، ويُدفن الميّت بلا صلاة».
ورداً على سؤالٍ عن خياطة الجروح وما إذا كانت حاجباً لتغسيل الميّت، أجاب الوداعي «يعتبر الخيط مانعاً بعض الأحيان لوصول الماء للجسد، ولذلك يجب الاحتياط بالتيمم، بعد تغسيل الميّت بالماء».
وبيّن الوداعي عدة نقاط، اعتبر أن البحرينيين يقومون بعكس ما أوصت به السنة النبوية القيام بها، ومنها «نلاحظ دائماً أن المشيعين يمشون أمام الجنازة، وهذا أمر غير جائز، لأن فيه تشبّه بأهل الكتاب، والكافرين، وكذلك نلاحظ في المقابر قفز المشيعين على القبور، أو جلوسهم عليها، وهذا أمر آخر نهت عنه السيرة النبوية»، مشدداً على أن «يوضع على بعض القبور آيات قرآنية تدل على الموت، وأن الحياة فانية بما فيها، وهذا من الأمور غير الجائزة».
وأوصى الوداعي كل المغسلين باتباع السنة النبوية في تغسيل الموتى، والحرص على تريب الغسلات الثلاث، بحيث يبدأ تغسيل الميت بماء السدر، ومن ثم بماء الكافور، وبعدها بماء القراح، مشيراً إلى أن «العضو المبتور وفيه عظم من جسد المتوفى يجب أن يجري عليه ما يجري في تغسيل بقية أعضاء الجسد».
ولفت إلى أن «التغسيل يجوز لمن بلغ في بطن أمه أربعة أشهر، ومن هم دون ذلك لا يجب عليهم الغسل، بل يكفي تغسيلهم بالماء القراح، ودفنهم».
--------------------------------------------------------------------------------
رئيس «مشرحة السلمانية» لـ «الوسط»:
تسليم الجثث من دون خياطة الجروح «وارد»... ولا إشكال في تجهيز الرجال للنساء المتوفيات
قال رئيس مشرحة مجمع السلمانية الطبي محمد الشهابي، إن تسليم جثث الموتى إلى ذويها من دون خياطة بعض الجروح الموجودة في جسد المتوفى «أمر وارد». ولم ينفِ الشهابي في حديثه لـ «الوسط» وجود بعض الجثث التي تسلمها ذووها من دون سد الثقوب، أو إزالة لصقات الجروح الموجودة عليها.
وأفصح الشهابي أن عدد العاملين في المشرحة 7 مساعدي خدمات طبية فقط، ولا يوجد أي عنصر نسائي في المشرحة، والرجال العاملين في المشرحة هم الذين يقومون بتجهيز كل الموتى، سواء أكانوا ذكوراً أم إناثاً، معتبراً أنه «لا يوجد أي إشكال في ذلك، والدين الإسلامي أجاز في الطب أن يكشف الرجل على المرأة».
وأوضح الشهابي أن العمل في المشرحة غير محبب لدى الكثير من الناس، ونحن سنسعى في التوسعة الجديدة للمشرحة، أن نوجد عناصر نسائية تعمل في المشرحة، لتفادي أن يكون المساعدون الطبيون الرجال هم الذين يتولون عملية تجهيز جثث المتوفيات».
وإليكم نص الحديث مع رئيس مشرحة السلمانية محمد الشهابي:
ما هي الإجراءات التي تقوم بها المشرحة للأموات قبل تسليمهم لأهاليهم؟
- نقوم بتسجيل كل بيانات المتوفى، وإصدار شهادة الوفاة إذا كانت الوفاة في المنزل، بعد أن يكشف الطبيب الشرعي على الجثة، أما إذا كانت الوفاة في مجمع السلمانية الطبي فتصلنا من الطبيب المعالج لحالة الوفاة، إخطار وفاة، بعدها يكشف الطبيب الشرعي على الجثة، ونُصدر شهادة الوفاة.
أما إذا كانت حالة الوفاة جراء حادث أو انتحار أو ما شابه، فيصلنا من وزارة الداخلية أو النيابة العامة، إخطار بذلك، وتجري على الجثث الإجراءات الأخرى من كشف الطبيب الشرعي عليها، وإصدار شهادة الوفاة.
ماذا بالنسبة لمن توفوا جراء حادث أو خلال إجراء عملية لهم؟
- في بادئ الأمر يعاينهم الطبيب الشرعي، وبعد ذلك نقوم بخياطة الجروح البارزة على الجسم، ونحن بشكل عام لا نفضل إزالة لصقات الجروح الموجودة على جسد أي متوفى، وخصوصاً أن بعضهم لا يتوقف النزيف، ولذلك نترك الأمر لمن سيتولى أمر تغسيل المتوفى.
هل تزوّدون المغسلين بالمواد الخاصة بإزالة آثار هذه اللصقات؟
- لا، لا نزودهم بهذه المواد، فالمغسلون أصلاً ليسوا تابعين لوزارة الصحة، وإنما لإدارتي الأوقاف السنية والجعفرية، وهذه المواد يمكن شراؤها من الصيدليات.
هناك عدد من المغسلين يشكون من أن الكثير من الجثث تصلهم غير مجهزة من المشرحة، بحيث آثار اللصقات موجودة، والجروح مفتوحة؟
- في أغلب الأحيان لا نسلم الجثث إلا بعد خياطة الجروح، وتسليم بعض الجثث من دون خياطة الجروح أمر وارد، فنحن لدينا فنيو تشريح وخياطة، نستدعيهم إلى المشرحة ليقوموا بخياطة الجروح البارزة على جسد المتوفين.
كم عدد العاملين في المشرحة؟
- 7 موظفين، ونطلق عليهم مساعدي خدمات طبية، جميعهم ذكور، ولا يوجد لدينا مساعدات طبيات.
إذن من يقوم بتحنيط الوفيات من الإناث؟
- في المشرحة لا يوجد نساء، والدين أجاز في الطب أن يكشف الرجل على المرأة، ولا يوجد أي إشكال في ذلك، وهذه فكرة يمكن أن نناقشها في اللجنة المعنية بتوسعة المشرحة، وخصوصاً أن العمل في المشرحة غير محبب، ولهذا سنسعى لأن يكون هناك نساء في التوسعة الجديدة.
يوجد من يدعي بأن من يقوم بتحنيط الجثث أشخاص غير مؤهلين، ولا يحملون الشهادات التي تؤهلهم لهذا العمل؟
- هذا كلام غير صحيح، فنحن نتعامل مع التحنيط منذ أكثر من 40 عاماً، ولم تصلنا أي شكاوى بهذا الخصوص، وللعلم فإن الجثث التي تحنط هي التي تُرسل إلى الخارج، وهي جثث الأجانب، أما الموتى البحرينيون فلا يتم تحنيطهم. وبالمناسبة فإن مكاتبنا مفتوحة للجميع، ونتقبل الانتقادات البناءة، والملاحظات من مغسلي الأموات.
--------------------------------------------------------------------------------
قصص من واقع الأموات...
إخراج متوفّى من القبر بعد إنزاله فيه لوجود بقع دم في كفنه
روى الحاج عبدعلي أحمد مرهون، بعضاً من القصص والمواقف التي صادفها خلال الأعوام التي قضاها وحتى الآن، في تغسيل الموتى وتطهيرهم، فذكر آخر المواقف التي وقعت قبل نحو 3 أسابيع، إذ إنهم اضطروا إلى إخراج أحد المتوفين من قبره بعد أن اكتشفوا وجود بقع دم في الكفن الذي لُف به.
وسرد الحاج عبدعلي الموقف قائلاً «طُلب مني تغسيل متوفى كان يرقد في مجمع السلمانية الطبي، فقمت مع مساعديّ بتجهيز المغتسل، وقمنا بالتغسيل والتكفين وبقية الأمور المستحب القيام بها للمتوفى، وبعد أن خرج موكب التشييع، ووصلت الجنازة إلى المقبرة، وهمّ المشيّعون بإنزال المتوفى في القبر، وإذا بهم يرون بقع دم على الكفن، وبذلك يكون الغسل باطلاً، وسرعان ما تم إخراج المتوفى من القبر، ورجعنا به إلى المغتسل، وقمنا بتغسيله مرة أخرى». وأفاد «تبيّن لنا وجود ثقب أنبوب في الجزء السفلي من فخد المتوفى، ولم نلاحظه، وهذا واحد من المصاعب التي تواجهنا في تغسيل الموتى، وخصوصاً مع عدم علمنا بأن هذا المتوفى كانت موصلة به أنابيب أو ما شابه».
ابن متوفّى وهو ينظر إلى الجثة على المغتسل... «هذا ليس والدي»
موقف آخر عرضه الحاج عبدعلي، وهو عندما طلب الإذن من ابن أحد الأشخاص المتوفين، فبعد أن كشف الحاج عبدعلي وجه الجثة الممدودة على المغتسل، فوجئ بأن الولد يقول «هذه ليست جثة والدي». وهناك كانت المفاجأة بالنسبة للحاج عبدعلي، فما كان منهم إلا أن اتصلوا بالمشرحة لتخبرهم بأنهم جلبوا جثة بالخطأ، وقاموا بدورهم بإرسال سيارة نقل الموتى، وجلبوا بعدها الجثة الصحيحة.
--------------------------------------------------------------------------------
اتصلوا به الساعة 12 ليلاً وطلبوا منع تغسيل «علَقة»
ذكر مغسل الأموات الحاج رضي حسن قصة تعرض لها في أحد الأعوام الماضية، فقال «كانت الساعة تشير إلى 12 بعد منتصف الليل، عندما استقبلت مكالمة من أحد الأشخاص، يطلب مني الحضور إلى المقبرة لتغسيل متوفى لديهم، قمت مسرعاً ولبست ملابسي، وهممت بالذهاب إلى المقبرة، وقمت مع بعض الأشخاص بتجهيز المغتسل والماء وحفر القبر، وبقينا بانتظار مجيء جثة المتوفى». وأضاف الحاج رضي «انتظرنا لفترة طويلة، ولم تصل أية جثة، والمقبرة ليس فيها أحد، وفجأة حضر شخصان، وجلسا على مقاعد الاستراحة في المقبرة، فذهبت أسألهم إن كانوا هم أهل المتوفى، فأجابوا بنعم، وعاودت طرح السؤال عن جثة المتوفى، فقالوا إنها معهم، فقلت أين هي؟، وإذا بهم يُخرجون قنينة صغيرة بها علَقة، أي جنين لم يبدأ حتى في النمو!».
وأضاف «كيف سأغسل هذه العلقة؟، أين الرأس والرجل واليدين؟»، منوّهاً إلى أنه «لا يجوز الغسل إلا للجنين الذي بلغ عمره 4 أشهر في بطن أمه، وهو الوقت الذي يبدأ فيه الطفل مرحلة النمو».
--------------------------------------------------------------------------------
أُذيع خبر وفاته... فجاء للمقبرة يسأل «من المتوفى؟»
أُذيع خبر وفاة أحد الأشخاص في إحدى مناطق المحافظة الشمالية، فاستعد المغسلون وهيأوا الأدوات ومعدات التغسيل، وبينما كانوا بانتظار وصول جثة المتوفى من مشرحة السلمانية، وإذا بالشخص الذي أُذيع اسمه بأنه رحل عن الدنيا، جاء يتمشى إلى المقبرة، وذهب على الفور إلى المغسلين وسألهم، «من المتوفّى؟»، فأجابوا بنظرات الاستغراب، «يقال إنك المتوفى؟»، ولكونه يمتاز ببرودة أعصاب، ردد الإجابة نفسها بابتسامة «يعني أنا المتوفى؟». وبعد كلام من هنا وهناك، تبيّن أن الشخص المتوفى أصلاً، يحمل نفس اسم الشخص الذي جاء يتمشى إلى المقبرة. وطلب المغسلون منه الذهاب سريعاً إلى أهله قبل أن يصلهم الخبر، ويصابوا بردة فعل وصدمة.
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3067 - السبت 29 يناير 2011م الموافق 24 صفر 1432هـ