شباب مصر أكثر تطوراً
الثورة المدنية التي يقودها شباب مصر فاجأت العالم، وهناك تصريحات كثيرة انطلقت من جهات عدة. بعض التصريحات في صعود ونزول تجاه الحدث المصري، وتصريحات أخرى تشير إلى رعب شديد من تحول مصر إلى دولة ديمقراطية بقدراتها الكبيرة جداً. وفي المقابل فإن هناك تصريحات من بعض الجهات تضرّ بالمصريين لأنها توفر مادة سهلة لمن يودُّ اتهام ثوار مصر بأنهم يسعون إلى إقامة دولة على نمط غير واقعي وغير ممكن الحدوث في مصر.
شباب مصر أطلق في 25 يناير/ كانون الثاني 2011 «ثورة مدنية» تهدف إلى إعادة تأسيس العلاقة بين المواطنين والدولة على نهج حقوقي - تعددي، يلتزم بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ويضمن التزام الدولة بإطارها الدولي والإقليمي.
شباب مصر أثبت أن تحشيد الجماهير وتحريكهم لا يتطلب بالضرورة اللجوء إلى الخطابات الشمولية، سواء القومية منها أو الدينية، أو أي مزيج من الخطابات القومية - الدينية، واستطاع هؤلاء الشباب أن يتخذوا من المواقع الإلكترونية منبراً سياسياً للتعبير عن مطالبهم العادلة، ومن ثم قادوا حركة اجتماعية - سياسية على الأرض تهدف إلى تمكين الناس من تحقيق مجتمع عادل ينتهج الأسلوب السلمي في التغيير.
شباب مصر أثبتوا للعالم أنهم أكثر الناس حرصاً على الممتلكات العامة والخاصة، وأكثرهم محافظة على المتاحف الأثرية والمكتبات، وكل ما يتصل بالتحضر والتطور، وأنهم ليسوا عبثيين أو فوضويين، وإنما متعلمون يمتلكون وضوحاً في الرؤية ووضوحاً في الأساليب.
شباب مصر أوضحوا أن انتهاج رموز الحكومة المصرية السابقة لمفاهيم السوق الحرة على النمط النيوليبرالي (من دون ضوابط تضمن العدل الاجتماعي) أدى إلى تكدس المليارات عند الأقلية وأفقر مصر وشعبها وحوّل كثيراً من الأفراد إلى شحاذين، بدلاً من العيش الكريم... وأثبت الشباب أن العدالة الاجتماعية جوهر أساسي لأيِّ برنامج وطني لا يمكن تأجيله بانتظار أن «تتقطر الثروة من الأعلى إلى الأسفل»، كما تدعي النظرية النيوليبرالية ذلك.
شباب مصر قضى على نوايا التوريث في أكبر بلد جمهوري عربي، وحقق الشباب معظم الأهداف التي رفعوها حتى الآن، وما بقي من أهداف سيتحقق بإذن الله مع استمرار النشاطات المدنية السلمية التي حققت المستحيل لحد الآن، وستحقق مزيداً من المستحيلات في الفترة المقبلة
منصور الجمري
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3076 - الإثنين 07 فبراير 2011م الموافق 04 ربيع الاول 1432هـ