شاعر الحسين» يحلّق في نسخته الرابعة
انطلقت «مسابقة شاعر الحسين» في نسختها الرابعة، مساء الجمعة الماضي (4 فبراير/ شباط 2011)، حيث احتل ثلاثة من الشعراء من السعودية الشقيقة، المراكز الثلاثة الأولى، في أجمل إشارات التواصل الثقافي بين ضفاف الخليج.
المركز الأول كان من نصيب الشاعر ياسر آل غريب (القطيف)، والثاني جاسم محمد عساكر، والثالث زكي إبراهيم السالم (وكلاهما من الاحساء)، باختيار لجنة التحكيم المكوّنة من عدد من الأكاديميين الذين أعملوا أدواتهم النقدية في تشريح النصوص المتنافسة (96 قصيدة)، فيما نال زميلهم من البحرين فاضل رحمة لقب شاعر الجمهور.
شارك في المنافسة هذا العام شعراء من الجنسين، من السعودية وعمان والعراق ولبنان، بالإضافة إلى البحرين، من بينهم 24 مشاركة نسائية، فازت منها قصيدة زهراء المتغوي بالمركز الخامس. واستمع الجمهور إلى ستّة شعراء فائزين بالجوائز النقدية، اختارتهم اللجنة لإلقاء قصائدهم وتخللتها قراءات نقدية موجزة، واختتمت هذه الأمسية بقصيدةٍ جديدةٍ للشاعر المعروف غازي الحداد.
المسابقة جرى توقيتها سنوياً في أواخر شهر صفر، لتأتي تتويجاً لموسم عاشوراء الحافل بعددٍ من المناسبات الدينية الحزينة، آخرها وفاة الرسول الأعظم (ص). ومن الطبيعي والحال هذه أن تتشرب غالبية القصائد بألوان وأوجاع كربلاء.
المسابقة التي تتشرف بتنظيمها «الحسينية المهدية» بالبلاد القديم، شارك في نسختها الأولى 63 شاعراً، وفي نسختها الثانية 82 شاعراً، وفي العام الماضي شارك 100 شاعر. وأصبح لها جمهورٌ يحرص على الحضور مبكراً يترقب سماع القصائد الجديدة، ولا يبرح مكانه ثلاث ساعات، ويستوقف الشعراء لاستعادة الأبيات التي تطربه، وتزداد وتيرة تفاعله مع القصائد الأكثر حزناً وتفجعاً.
المنافسة الكبيرة وزيادة المشاركات الخارجية وتطور أداء لجنة التحكيم والكوادر العاملة (أكثر من مئة شخص)... كلّ ذلك يؤكد تطوّر المسابقة خلال هذا العمر القصير. وبالمقابل يفرض على المنظّمين التزامات أكبر تجاه هذا الجمهور، وتجاه هذه الشخصية التي تنعقد تحت لوائها وتتحلق حول ملحمته رايات الشعراء.
أول هذه الالتزامات وأوجبها، تغيير موقع المسابقة، فلم يعد جائزاً أن يستمر عقد مثل هذا المنتدى الثقافي في العراء، ويصبح ضيوفك من داخل وخارج البحرين، عرضةً لتقلبات الجو. ومن حسن حظّ الجهة المنظمة أن السماء لم تمطر في تلك الليلة الملبّدة بالغيوم، وإن لم يجنّب ذلك الجمهور معاناة البرودة القارسة.
إن مسابقةً نوعيةً جادّةً من هذا القبيل، تستحق مكاناً أجمل وأكبر وأرحب؛ وإن جمهوراً متعطشاً للشعر يستحق مكاناً أكثر دفئاً، ولم يعد مقبولاً أن يبقى في العراء عرضة لتقلبات الجو. ومن كمال الضيافة أن نستقبل جمهور الشعر الحسيني في مكان لائق غير العراء. وإذا فكّرت اللجنة المنظمة في استبدال مكان الضيافة، وهذا أمرٌ يأمله الكثيرون، فعليها أن تفكّر بأفضل الخيارات، فلا يكفي الانتقال من العراء إلى صالة صغيرة أو مصلّى عيد. ابحثوا عن الأفضل دفئاً ورحابةً وإمكانياتٍ فنيةً من إنارة وصوتيات، فمن تجتمعون تحت لوائه سنام الكرامة وملهم الأحرار، وضيوفه يستحقون كل تكريم.
كل الشكر والتقدير للجهة المنظمة، وللجنة التحكيم، ولضيوف المسابقة... وسلامٌ دائمٌ على الحسين الشهيد.
قاسم حسين
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3080 - الجمعة 11 فبراير 2011م الموافق 08 ربيع الاول 1432هـ