أدب الأطفال إلى أين؟ سلسلة النشابة لقصص الأطفال نموذجاً
من الأدلة القطعية على رقيّ الأمم عنايتها بالطفل على جميع المستويات ومنها الاهتمام الكبير بأدب الطفولة وفي هذا الإطار تبذل مملكة البحرين مجهودات كبيرة من أجل الرفع من مستوى الطفولة البحرينية، والسمو بوعيها الذهني والتخيلي، والرقي بذائقتها الفنية والجمالية ذلك ما شهد به الباحث جميل حمداوي في دراسة له بعنوان «أدب الأطفال في البحرين» نشرها في سبتمبر/ أيلول 2009.
يذكر أن هذه المجهودات مشتركة بين المؤسسات والأفراد ولعل المناسبة هنا تفرض نفسها لشكر المؤسسات الرسمية على هذا المجهود ولكن التنويه بدور الأفراد على هذا الصعيد حقيق أن يحتل المكانة الأهم في هذا الثناء والتقدير.
وأدب الأطفال هو نوع من الفن الأدبي يشمل أساليب مختلفة من النثر والشعر المؤلفة بشكل خاص للأطفال والأولاد دون عمر المراهقة.
وقد أشادت الدراسة المذكورة آنفا بعدد من الأسماء البحرينية في هذا المجال يحسن هنا التذكير بهم تقديرا لدورهم الريادي في سرديات الأطفال وهم: عبدالقادر عقيل، الكاتبة إيمان أسيري، زهير رسام، وإبراهيم بشمي، وخلف أحمد خلف، وإبرهيم سند...
كما يقوم الباحث والكاتب يوسف أحمد النشابة بدور مهم في النهوض بأدب الأطفال من خلال تصدّيه للكتابة ونشر سلسلة النشابة لقصص الأطفال وقد صدر له في هذا المشروع التربوي الرائد زهاء العشرين قصة منها النخلة الطيبة مجموعة سنور وحوحو والغيمة والشمس وغيرها كثير والمطلع على هذا المشروع الرائد الذي يقف وراءه رجل ذو كفاءة عالية يقف على عدة حقائق:
أولا: أدب الأطفال ليس من السهولة بمكان بحيث يتجرّأ عليه من هبّ ودبّ إنما يجب أن تتوافر في كاتبه مواصفات عديدة استقامت في شخص يوسف أحمد النشابة من ذلك التخصص في مجال التربية فلقد عمل يوسف النشابة اختصاصيا في إدارة المناهج فخبر الكتب والمقررات كما عمل أستاذا جامعيا في المعهد العالي للمعلمين إضافة إلى العديد من المهمات والدورات التي شارك فيها مستفيدا أو مفيدا بما يعرضه على الآخرين من رؤى وأفكار وقد أبانت قصصه عن شخص مبتكر استطاع الجمع بين القراءة المستهلكة والقراءة المنتجة بتوظيف فكرة حل المشكلة من خلال الوقوف في بعض القصص عند مرحلة الذروة أو العقدة ثم يفسح المجال للقارئ الطفل أن يتم القصة.
ثانيا: يحتاج هذا النوع من الأدب إلى الدعم المادي من أجل التشجيع على مزيد تحسين إخراجه شكلا ومضمونا ومصادر الدعم المادي عديدة منها وزارة الثقافة التي يمكنها تشجيع أدب الطفل بشراء مجموعات منه وتوزيعها في المكتبات العامة، كذلك وزارة التربية فضلا عن المؤسسات الخاصة التي يجب أن تضطلع بدور مهم في هذا المجال كالبنوك وغيرها...
ثالثا: الدعم النقدي حيث نلحظ فقرا مدقعا في نقد أدب الأطفال إذ من الحري بالبحوث الأكاديمية أن تخصص بعضا من موازنتها لمثل هذه الدراسات فضلا عن دور النقاد والمدرسين الذين هم الأقرب إلى معرفة تصورات التلاميذ إزاء هذه القصص أو تلك.
رابعا: نجح يوسف النشابة في المعادلة الصعبة في أدب الأطفال: أنكتب ما يحبه الأطفال بلغتهم أم نحشو قصصهم بما نريد تعليمهم إياه من قيم ودروس ومواعظ؟
نعم استطاع النشابة التوفيق في ذلك فكانت قصصه لسان حال الأطفال بأسلوب سلس مبسط يحوي في ثناياه دروسا عميقة دون حشو أو إسقاط.
أخيرا وليس آخرا يعتبر مشروع النشابة لقصص الأطفال مشروعا ناجحا بمقاييس عديدة سواء من حيث الإخراج أو البعد الأخلاقي والتربوي الثاوي بين أعطاف القصص غير أن قراءة نقدية عميقة لهذه المجموعة تستجلي مواطن الضعف فيها ونقاط القوة ضرورية حتى يتمكن الكاتب من تطوير أدواته السردية.
سليم مصطفى بودبوس
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3028 - الثلثاء 21 ديسمبر 2010م الموافق 15 محرم 1432هـ