بين مدرسة سار الثانوية وجمعية المعلمين
هناك من يسأل متى سيرجع الأمان بالبحرين، ومتى سترجع تلك اللحمة الوطنية التي تجمعنا، ومتى سنتجاوز خطاب «لا حوار إلا في الدوار»؟
هناك من يعتقد أن تلك التساؤلات مجرد أحلام، أو يربطها بشعارات نتفق مع بعضها ونختلف في بعضها، ولكن مراهنتنا على العقلاء بالبحرين كبيرة، فالبحرين تستحق منا التعقل والتدبر لتجاوز ما نمر به، ليس فقط كبلد ولكن كنسيج اجتماعي تعايش منذ القدم.
إن ما حصل في مدرسة سار الثانوية يوم الأحد الماضي من قبل مدرسات وموظفات نظافة وطالبات من هتافات تخللها السب واللعن لرموز قيادية، وترويع طالبات من هذه الفئة أو تلك، لأنه أمر مقزز وخطير ولا يعبر عن رأي، ويجب أن لا يمر مرور الكرام، كما أنه لا يمت بالمطالبات الإصلاحية بصلة، ولا يمثل من ينادي بالإصلاح السياسي أصلا، داعين الله عز وجل أن لا يؤثر هذا الحدث على نسيجنا الاجتماعي، كما أننا سنسعى وبإصرار بالتواصل مع أصدقائنا وزملائنا من الطائفتين لتذويب تلك الفجوة فهذا واجبنا وواجبهم وحق البحرين علينا.
وفي هذا المقام نسجل شكرنا لحكمة مديرة المدرسة التي قامت بعزل طالبات من فئة معينة، والاتصال بأولياء أمورهن ليأخذوهن بعيدا عن هذا الجو المشحون، كما نسجل استنكارنا الشديد لما قامت به بعض المدرسات مربيات الأجيال القادمة وبقيادة مدرسة أولى وقفت على الكرسي لتحفيز الطالبات وعاملات النظافة على الهتاف بالسب واللعن.
نعم هذا ما حدث، ومسجل لدى المدرسة وبشهادة شهود عيان، كما أن التبرير لهذه الحادثة بأن الطالبات مراهقات لهو قول سفيه واستخفاف، فهل المدرسات وعاملات النظافة مراهقات أيضاً؟
إن ما يدمي القلب في هذا الحادثة هو قيام بعض أولياء الأمور بنقل بناتهن من هذه المدرسة إلى مدرسة أخرى وهذا مؤشر خطير يجب الوقوف عنده وهذا ما لا تنكره مديرة المدرسة.
أهذه البحرين التي نبحث عنها، أهذا النوع من الإصلاح السياسي المرجو؟
لقد هز بدني اتصال الأخت «أم محمد» حين نقلت لي شكواها، وبينت ما ألم بابنتها والأخريات جراء الصراخ في وجوههن، خاصة بعد خروجهن عندما زاد الهتاف طردناهم، طردناهم!
إن المسئولية الوطنية تحتم علينا أن ننقل هذه المشكلة لنعرضها على العقلاء من أولياء الأمور والمهتمين لتدارس هذا الأمر الخطير لنعالجه بحكمة الكبار والحرص على الوطن الجامع، لذلك نوجه ثلاث رسائل:
- الرسالة الأولى؛ إلى المدرسات المشاركات في هذا الحدث، أقول لهن:
أرجوكن لا تقحمن أبناءنا وهم في عمر الزهور في السياسة من الطائفتين الكريمتين، فما يدور في دوار اللؤلؤة والفاتح ليس لهم علاقة به كما أنهم ليسوا الطرف المعني بالإصلاحات الدستورية والسياسية فهم جيل المستقبل الذي نراهن عليه.
- الرسالة الثانية: أوجهها إلى جمعية المعلمين، وأقول للقائمين عليها:
إن التعليم يفتح الآفاق ويوسع الصدور ويجعل الإنسان متطلعا لمستقبل زاهر مبعثه قبول الآخر، فالعلم والثقافة بحر واسع كلما نهلنا منه نزداد حباً وتواضعا لما نلنا من علم، لا نزداد كرها وتفرقا، فالمطلوب منكم تحديد موقفكم جراء هذا الحدث وأن تصدروا بياناً تستنكرون فيه ما حدث للم الشمل بهذه المدرسة كي لا تنتقل هذه الحادثة لا قدر الله إلى مدارس أخرى، فحل هذه المشكلة أهم من الرسائل النصية المرسلة للمدرسات، التي منها ما يحرض على عدم التوقيع على أي منشور ورفض دخول المتطوعات للصفوف، وأخرى تقول إن الجمعية تقف مع المعلمين الشرفاء، وهنا نسأل هل هناك معلمون منتمون للجمعية غير شرفاء، وأخرى تحرض على عدم الرد عن استفسارات الغياب أو التوقيع على أوراق مدرسية أو وزارية.
وهنا أقول إذا كانت هذه الرسائل لم تصدر من الجمعية فعليها التحقق، فهناك من يستغل اسمها في إرسال هذه الرسائل ولدي تلك الرسائل النصية، ولتعلموا بأننا لسنا بالحلقة الأضعف في هذا التجاذب السياسي، فإننا نحبكم في الله عقديا قبل أن يكون وطنيا، فليس ديدننا السب واللعن فنرجو أن نواجه بمثل هذا الحب والاحترام، فلدى الشعوب العربية كثير من الخطوط الحمراء تتمثل أما في مرجع ديني أو حاكم أو شيخ دين، لكن خطنا الأحمر في البحرين هو نسيجنا الاجتماعي، فلا نريد أن نكون لبنان أو عراق آخر.
ولتعلموا أن الكل لديه مطالب لأننا مواطنون تجمعنا هذه الأرض الطيبة، فإذا كان قدرنا أن يكون نظام الحكم في البحرين من فئة ما ليس ذلك بمبرر أن نفرز مدننا وقرانا بتقسيمات طائفية.
- الرسالة الثالثة: موجهة للأخت أم محمد وأقول لها:
اطمئني فبناتك خرجن من دارك في الشمالية إلى دارك بالجنوبية، وما نشهده اليوم سنتخطاه غداً بحكمة العقلاء وهم كثر، فالفرج قريب بإذن الله فمن قاموا بذلك لا يمثلون إلا أنفسهم ومن أوعز لهم، ألا ترين إني أطرح هذه القضية بصحيفة، هناك من يحسبها على الطائفة الشيعية، فأنا وبعض من السنة نعمل مع كتاب من الطائفة الشيعية الكريمة منذ سنين نسأل الله أن يديم المودة بيننا، سبيلنا الحوار وعملنا المشترك إبداء الرأي لما فيه خير البلاد والعباد، وهدفنا تثبيت هذا الوطن الذي يجمعنا.
حفظ الله البحرين من كل سوء
سلمان ناصر
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3099 - الأربعاء 02 مارس 2011م الموافق 27 ربيع الاول 1432هـ