لا مشروع لتكييف السوق رغم الوعود 3 سوى عازل للحرارة فاقم الأزمة
تلف أطنان من السلع في «المنامة المركزي» بسبب الحرارة
المنامة - صادق الحلواجي
لا زبائن مقابل تدهور جودة السلع بسبب غياب التكييف
(تصوير: عقيل الفردان) تعرض غالبية تجار الجملة والتجزئة بسوق المنامة المركزي طوال الشهرين الماضيين لخسائر كبيرة يومية بسبب ارتفاع درجة الحرارة داخل مبنى السوق غير المكيف، والتي أدت بدورها إلى تلف عشرات الأطنان من السلع عقب ساعات فقط من عرضها.
وأسفر مشروع وزارة شئون البلديات والزراعة الأخير المعني بتركيب عازل للحرارة بسقف مبنى السوق، إلى مضاعفة نسبة الضرر على السلع المعروضة خلال الفترة النهارية، إذ ساهم في زيادة احتفاظ المبنى بالحرارة على رغم مهمته في خفض نسبة الحرارة الواردة من الأعلى.
وعمد تجار الجملة وباعة التجزئة طوال الفترة الماضية إلى التخلص من كميات كبيرة من الخضراوات والفواكه في القمامة بعد نحو 3 ساعات فقط من وصولها إلى السوق، وخصوصاً أن الفواكه الموسمية الصيفية المستوردة من الدول العربية والأجنبية لا تتواءم ودرجة الحرارة التي تبلغ أكثر من 40 درجة مئوية على الأقل خلال فترة الظهيرة داخل مبنى السوق، مثل الموز والخوخ والمشمش وغيرها.
واكتفت وزارة «البلديات» بتركيب مراوح هوائية على أعمدة مبنى السوق وصيانة أخرى، في الوقت الذي أكد فيه كل تجار السوق من دون استثناء على 3 وزراء تولوا الإشراف على السوق، وكذلك المسئولين في زياراتهم الميدانية الرسمية للسوق ضرورة تكييف السوق وتعديل وضعها من حيث درجة الحرارة.
وعلى رغم قيام بلدية المنامة حالياً بتنفيذ مشروعات تطويرية في السوق تشمل إعادة صيانة شاملة لدورات المياه وإعادة هيكلة مواقف السيارات وتنظيم الموقع المخصص للشحن والتفريغ والمزايدة، إلى جانب إيجاد أماكن مخصصة للمزارعين أصحاب فرشات بيع الخضراوات وإعادة رصف وتأهيل البنية التحتية، فإنه لم ترد حتى نية رسمية من قبل الحكومة في النظر بموضوع وطلب التجار بتكييف السوق سوى أنباء عن تركيب مراوح هوائية تعمل برذاذ الماء تساهم في خفض درجة الحرارة فقط.
هذا، واضطر عدد من التجار إلى خفض كميات البضائع المستوردة التي تتضرر سريعاً جراء درجات الحرارة المرتفعة.
كما لجأ عدد من مستوردي المواد الغذائية إلى التخلص مراراً من حزم تحتوي على مئات الصناديق من الخضراوات والفواكه مباشرة في القمامة بسبب عدم تدهور جودتها وعدم صلاحيتها للبيع حتى في اليوم نفسه.
وحمل التجار وزارة «البلديات» مسئولية الأضرار التي تلحق بهم يومياً بفعل حرارة السوق، لدرجة أن الزبائن أصبحوا شبه مختفين في السوق منذ بدء موسم الصيف الذي من المفترض أن يكون حيوياً، مبينين أن «عدم تكييف السوق والاقتصار على صيانتها طوال الأعوام الماضية يؤكد نية الحكومة في إزالة السوق ونقلها إلى مكان آخر نهائياً، وخصوصاً مع رغبتها في استثمار الأرض الكبيرة لموقعها عبر إنشاء مبانٍ تجارية ومجمعات وفنادق وغيرها.
وقال التجار ممن التقته «الوسط» في السوق أمس إن «ما تنفقه وزارة البلديات في عمليات صيانة البنية التحتية وتنظيم مواقف السيارات وغيرها من المشروعات المشتتة، يعتبر مشروع تكييف السوق كفيلاً بغض النظر عن كل تلك النواقص، لأنه لا فائدة من تطوير البنية التحتية والمرافق العامة في الوقت الذي تفتقر السوق لأدنى عوامل استمراريتها».
يشار إلى أن غالبية تجار وباعة الفواكه والخضراوات استأجروا ثلاجات لتخزين سلعهم فيها لليوم الثاني، غير أن ذلك لم يجد نفعاً بسبب تضررها خلال فترة العرض طوال الفترة النهارية.
من جانبه، قال مدير عام شركة البستاني التجارية (استيراد وتصدير المواد الغذائية) عبدالرضا أبوالحسن: «إن درجة الحرارة النسبية والاعتيادية التي يخزن فيها غالبية التجار بضائعهم لا تزيد على 5 درجات مئوية، في حين أن درجة الحرارة داخل السوق تتجاوز 45 في غالبية الأيام، وبالتالي يعد الفارق في درجة الحرارة كبيراً جداً ولا يساعد في السيطرة على بقاء جودة السلع ليوم واحد على الأقل، في الوقت الذي لا يستغني الجميع عن عرض البضائع للزبائن».
وأضاف أبوالحسن أن «الكثير من المواد الغذائية تتعرض للتعفن والتلف بصورة يومية وسريعة بمجرد عرضها في السوق بفعل درجة الحرارة المرتفعة»، مشيراً إلى أن «العازل الحراري الذي رُكب بسقف مبنى السوق لم ولن يجدي نفعاً نهائياً عدا التكييف الذي سيقلل من حجم الخسائر بالنسبة للتجارة، والتالي تشجيعهم على تداول السلع بصورة أفضل».
وأِشار إلى أن «غالبية التجار يكونون على أقل مستوى من الخسائر خلال فصل الشتاء بسبب الحالة الجيدة لدرجة الحرارة داخل السوق التي تسمح بتخزين البضائع ليوم ثانٍ في حال عدم بيعها وبجودة عالية، لكن الوضع حالياً في السوق يتطلب بيع البضاعة كلها قبل فترة الظهيرة وإلا سيكون التجار مضطرين للتخلص منها بسعر التراب أو عبر القمامة».
وقال البائع عباس محمد إن «من في السوق وصلوا إلى درجة اليأس من المشروعات الكثيرة التي سمعوا عنها بشأن تطويرها وإعادة تأهيلها، لحين أصبحوا (يتوحمون) على رؤية السوق بالشكل المطلوب، مع العلم أن السوق لا تتطلب إلا التكييف، ومباشرة صيانة وإصلاح المراوح والمرافق العامة فيها، إذ لا يتطلب ذلك أعواماً عدة طويلة لا يستفيد منها أحد».
كما أوصى عدد من التجار وأصحاب الفرشات في السوق المركزي بالمنامة على هامش مشروع تطوير السوق كلياً، بضرورة وضع خطة مدروسة لتكييف السوق، وألا يكون كباقي المشروعات التي لم تلتمس منها أي نتائج على أرض الواقع سوى التراجع المستمر إلى الأسوأ.
وكان المشرف على إدارة مشروع تطوير سوق المنامة المركزي فيصل شبيب، أفصح مؤخراً عن مشروع لاستخدام مراوح رذاذ الماء المطورة لتبريد السوق. وذكر أن «بلدية المنامة نسقت مع إحدى الشركات الموفرة لهذه المراوح من أجل استقدام عدد منها كعينات تركب ببعض المناطق لقياس مدى فاعليتها».
وأوضح شبيب في حديث إلى «الوسط» أن «البلدية ستتكفل بكامل إمدادات المياه والكهرباء لكل مساحة «فرشة»، على أن يتكفل المستأجر بشراء المروحة فقط بسعر مدعوم من البلدية».
وأفاد المشرف على إدارة السوق بأن «هذه المراوح ستخفض بدورها من درجة الحرارة بالداخل بنسبة 7 إلى 15 في المئة عن درجة الحرارة الخارجية، أي في حال كانت درجة حرارة الجو على سبيل المثال 40 درجة، فإن معدل الحرارة بالداخل يتراوح ما بين 27 و32 درجة فقط».
كما أبدى شبيب توجه البلدية حالياً لتعزيز مستوى التهوية في السوق من خلال تركيب مراوح تجديد الهواء. وقال: «تم الانتهاء حالياً من نحو 70 في المئة من مشروع إعادة تأهيل وتطوير السوق، وتبقت بعض الأمور التنسيقية مع أصحاب سيارات الشحن واستكمال أعمال الصيانة وغيرها من الأمور التنظيمية البحتة».
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 2880 - الإثنين 26 يوليو 2010م الموافق 13 شعبان 1431هـ