أعمدة
مسيرات «الصدور والرصاص»
فوزي الجندي
فوزي الجندي
من يدقق أكثر في فلسفة الممارسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة وانتهاكاتها التي لم تنقطع ساعة واحدة، يدرك ومن دون أي مجهود أن إسرائيل، لا تعبأ أبدا بردود الفعل، وحالة الشحن والغضب التي يمكن أن تسود الشعوب العربية وتعبر عنها مسيرات هنا وهناك.
لقد رأيت بأم عيني ومنذ ما يزيد عن 4 سنوات، كيف وقف الجنود الإسرائيليون ''يضحكون ويتحدثون مع أنفسهم بسخرية'' وهم يحيطون مظاهرة، في منطقة باب العمود شرقي القدس، والتي تقود إلى المسجد الأقصى، وكان لسان حال هؤلاء الجنود يقول ''قولوا واهتفوا ما شئتم، فقد صدئت مشاعرنا تجاهكم، ولا يمكن أن تؤثر فينا تلك المظاهرات، سواء منكم أو من قبل أشقائكم العرب''.
لكن هذا الموقف الذي رأيته في كلمات وعيون الجنود الإسرائيليين، بدا ما يناقضه تماما، حين تسربت معلومات إلى قيادة الجيش والشرطة، مفادها أن مسيرة ضخمة تتخطي الآلاف سوف تخرج مترجلة من رام الله وتعبر حاجز قلنديا متوجهة إلى القدس، فضلا عن معلومات تفيد بتوجه مسيرة مماثلة من مدينة خليل الرحمن ''كبرى مدن الضفة الغربية'' متوجهة إلى القدس المحتلة، من أجل الذود عن الحرم القدسي وفداء الأقصى.
حينئذ، فقدت إسرائيل، بوصلتها، وارتبكت الآلة الحربية الإسرائيلية، ودخل ما يسمى ''جيش الدفاع'' في حيرة من أمره، إذ كيف له أن يطبق ''المعايير الأخلاقية'' في مواجهة هذه المسيرة، هل يمطر المتظاهرين ''العزل'' بالرصاص الحي ويقتل المئات؟ وحينئذ سوف يبدو أمام العالم وكأنه ''بلا أخلاق'' ويفقد هذه الورقة ''المزيفة'' في الترويج لأدائه في أجهزة الإعلام الغربية، أم تترك القوات الأمنية الإسرائيلية، المتظاهرين الفلسطينيين، يمرون ويخترقون شوارع القدس العتيقة، وصولا إلى المسجد الأقصى، والعسكرة بداخله، ليصبحوا بمثابة ''القنبلة الموقوتة والحامي إلى يوم الدين لأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين؟''
ما طرحته في السطور السابقة، هو السبيل الوحيد، بحسب ما أعتقد، لمواجهة هذه العنجهية الإسرائيلية، والنظر بازدراء للمسيرات التي تنطلق هنا وهناك.
لا سبيل لحماية الأقصى إلا من خلال مسيرة ''ألفية أو نصف مليونية'' تتحرك على الأقدام وتنطلق من أكثر من مكان في الضفة الغربية وغزة، وصولا إلى القدس الشريف، لا سبيل إلا بمواجهة إسرائيل من خلال ''الأجساد والتضحية'' فلن يتم حماية الأقصى، إلا بمسيرات جريئة تتواجه فيها الصدور مع طلقات الرصاص، فهل من مجيب؟