في الذكرى المشؤومة لقيام دولة العدو
نجدد رفضنا لاتفاق القاهرة ونعاهد شعبنا على مواصلة الجهاد
اتفاق القاهرة يحمل بذور فشله، وما حدث هو تكريس
للاحتلال وإقرار بشرعيته
تجيء ذكرى إعلان قيام دولة الاحتلال والعدوان الصهيوني على أرضنا الفلسطينية المقدسة والتي تصادف يوم غد الأحد 15 أيار (مايو) بعد أقل من أسبوعين على توقيع اتفاق القاهرة المشؤوم، حيث تمر قضيتنا الفلسطينية في مرحلة خطيرة من مراحل صراعنا الطويل مع الاحتلال الغاشم، ففي 15 أيار (مايو) من عام 1948 أعلن بن غوريون قيام دولة العدو المحتل بعد احتلال أرضنا الفلسطينية عام 1948 .
وفي هذه الأيام يحتفل الصهاينة المحتلون في ذكرى إعلان قيام دولتهم الباطلة بعد ان استطاعوا هزيمة فئة من شعبنا وإرغامها على الاعتراف بكيانهم الباطل والتنازل عن حقوق شعبنا وأرضه حيث تحقق أخيراً لأقلية مدريد وأوسلو والقاهرة ما أرادوا وانتهوا مما أسموه مفاوضات السلام مع العدو الصهيوني المحتل ووقعوا على بيع فلسطين وشعبها، ووقعوا مع الإرهابي رابين عقود تشغيلهم وعملهم في وظائف إدارية في الإدارة المدنية للعدو .
لقد بات واضحاً وجلياً لشعبنا الفلسطيني ولأمتنا العربية والإسلامية حجم التزوير الذي حاول هؤلاء ممارسته لتمرير تنازلاتهم المهينة، وأصبح لا مجال لهؤلاء لإخفاء ما اقترفت أيديهم من إثم وعدوان على شعبنا وأرضنا وقضيتنا وحقوقنا المقدسة .
شعبنا الفلسطيني . . أمتنا العربية والإسلامية :
إن حركتكم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التي أعلنت رفضها الحاسم لاتفاق العار المسمى غزة أريحا، ستعمل مع المخلصين والشرفاء في أمتنا ومع الفصائل الإسلامية والوطنية الرافضة لهذا الاتفاق المهين، على كشف حجم الانهيار والتفريط الذي أتى به الموقعون على الاتفاق المشؤوم في القاهرة وإليكم بعض (بشائر) هذا الاتفاق المهين، التي تزفها إلينا أقلية أوسلو ومدريد والقاهرة :
أولاً: سلطة الإدارة الذاتية، التي تتألف من 24 عضواً يجب أن تخضع لموافقة واعتماد العدو الصهيوني، وأي تغيير في أعضاء هذه الإدارة يجب أن يكون بالاتفاق بين المنظمة وحكومة ا لعدو، ولا يستطيع أي عضو من هؤلاء مباشرة مهامه دون موافقة العدو المحتل، وهذا ما تضمنته المادة الرابعة من اتفاق القاهرة، مما يؤكد أن هذه السلطة إنما هي أداة معينة من قبل الاحتلال، وتابعة له ولا يمكن اعتبارها سلطة وطنية مستقلة .
ثانياً: ليس من صلاحيات الإدارة الذاتية ولا من اختصاصاتها العلاقات الخارجية والأمن الخارجي، حسبما جاء في المادة الخامسة والمادة السادسة. مما يعني أن هذه السلطة لا تملك أي شكل من أشكال السيادة وأن مهامها محصورة في وظائف مدنية تنفيذية وخدماتية في إطار ما يسمح به الاحتلال .
ثالثاً: إبقاء المستوطنات على حالها في قطاع غزة، وإعطاء المستوطنات والمستوطنين شرعية الوجود وبقاء مهمة حماية المستوطنات والمستوطنين من مسؤولية جيش العدو، وبهذه الحجة فإن قوات الاحتلال وآلياته ستواصل وجودها في قطاع غزة وأريحا وستستمر في تحركاتها في كل الشوارع .
رابعاً: لحكومة العدو الحق في الاعتراض وإيقاف أية قوانين أو لوائح تصدرها السلطة الفلسطينية، كما أشارت المادة السابعة، الأمر الذي يعني أن هذه السلطة لا تملك من أمرها شيئاً وأن مرجعيتها العليا في كل شأن من شؤونها هو الاحتلال، وأن أي قوانين أو قرارات يمكن أن تصدرها يجب أن تخدم الاحتلال أو على الأقل لا تتعارض مع مصالحه .
خامساً: مهام الشرطة الفلسطينية تنحصر في حفظ النظام والأمن الداخلي للفلسطينيين في غزة وأريحا وليس من مسؤولياتها الوقوف في وجه التهديدات الخارجية أو حماية الحدود، ويبقى ذلك من صلاحيات جيش العدو الذي تبقى له الصلاحيات لاتخاذ أية إجراءات يراها ضرورية للقيام بمهامه تلك .
سادساً: يجب أن تعرض منظمة التحرير القوائم الكاملة لأسماء عناصر الشرطة الفلسطينية على سلطات العدو الصهيوني، وللعدو الحق في الاعتراض على أي أسم من هؤلاء مما يؤكد أيضاً على عدم استقلالية أي قرار لسلطة الإدارة المدنية .
سابعاً: تم الاتفاق على أسلحة الشرطة الفلسطينية وعلى نوعيتها وعددها، والاتفاق على تسجيل الرقم المتسلسل لكل قطعة سلاح واسم الشخص الذي سيتسلمها من أفراد الشرطة ولا يجوز لأية منظمة أو فرد في غزة وأريحا تصنيع أو بيع أو شراء أو حيازة أو استيراد أو إدخال أية أسلحة نارية أو (أسلحة أخرى؟!) أو حتى البارود الذي يستخدم في أعمال الحفر ولأغراض مدنية .
ثامناً: بموجب هذا الاتفاق تعهدت منظمة التحرير بالامتناع عن أي شكل من أشكال النقد أو التحريض بما في ذلك الحملات الدعائية ضد العدو المحتل وممارساته القمعية، وستتخذ الإجراءات المختلفة لمنع أي منظمة أو مجموعة أو شخص من ممارسة ذلك حسبما ورد في المادة ا لثانية عشر من الاتفاق، الأمر الذي يحول سلطة الإدارة الذاتية إلى أداة لخدمة المصالح الصهيونية والدفاع عنها. كما يتيح ذلك لهذه الإدارة وسلطات العدو المحتل اعتبار نشر آيات القرآن الكريم التي تتكلم عن أخلاق اليهود الفاسدة وعداوتهم الأبدية للذين آمنوا عملاً من أعمال التحريض الذي يجب منعه وملاحقته .
تاسعاً: المعتقلون الذين تم إطلاق سراحهم أو الذين سيطلق سراحهم خلال الأيام القادمة ملزمون بالبقاء في منطقة قطاع غزة وأريحا طيلة المدة المتبقية من محكومياتهم، وهو ما يؤكد أن غزة وأريحا حسب المفهوم الصهيوني عبارة عن سجن كبير لشعبنا. وهو ما أشارت له المادة العشرون من الاتفاق .
عاشراً: المعتقلون الذين يتم الإفراج عنهم ينتمون إلى حركة فتح ومؤيدي التسوية، وترفض حكومة العدو وكذا سلطة الإدارة الذاتية الموافقة على إطلاق سراح معارضي ا لتسوية إلا إذا تعهدوا بتوقيع وثيقة إقرار وتعهد لإدانة كل ماضيهم وجهادهم والتعهد بتأييد الاتفاق المشؤوم ودعمه، وصيغة هذا التعهد المذل فرضتها منظمة التحرير ووفدها المفاوض، وقد رفض المعتقلون الأبطال التوقيع على هذه الوثيقة المهينة .
حادي عشر: ساوت منظمة التحرير بين المجاهدين المعتقلين وبين العملاء الذين خانوا شعبهم ووطنهم حيث قبلت المنظمة أن يتم الإفراج عن المعتقلين مقابل إصدار عفو عن العملاء، والتعهد بإيجاد حل لقضيتهم يقبل به العدو، كما تعهدت بعدم ملاحقتهم قضائياً أو إيذائهم بأي شكل من الأشكال .
هذا بعض ما اشتمل عليه اتفاق القاهرة بين منظمة التحرير والكيان الصهيوني . . وهو يصوّر حجم التفريط والتنازل الذي قدمته م.ت.ف ومفاوضوها، ويصوّر الانهيار التام لهؤلاء أمام المفاوضين الصهاينة وأمام الإملاءات الأمريكية، ويؤكد أن ما تم ليس تحريراً كما يحاول الواهمون أن يدّعوا، وليس انسحاباً كما تزعم سلطات العدو، وإنما هو إعادة انتشار لجيش العدو بطريقة جديدة تخفف من أعبائهم وتقلل من (المخاطر) التي يتعرضون لها. إن بقية مواد الاتفاق وخرائطه وملاحقه تشتمل على مصائب أكبر وأخطر، وهذا ما يفسر إحجام قيادة المنظمة عن نشر كل ما يتعلق بالاتفاق وتفصيلاته، وستعمل حركتنا على كشف هذا الاتفاق المشؤوم وتبيان مخاطره المدمرة على شعبنا وقضيتنا وفضح رموزه وعرّابيه أولاً بأول..
إننا في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) نؤكد على ما يلي:
أولاً: إن توقيع ذلك الاتفاق المشؤوم هو نهاية مرحلة وليس نهاية القضية الفلسطينية، ولا يعني نهاية جهاد شعبنا المشروع ضد الاحتلال كما لا يعني نهاية طموحات شعبنا وأهدافه التي كافح وقدم قوافل الشهداء من أجلها، وإنما يعني نهاية مرحلة من مراحل القضية الفلسطينية كما انتهت عدة مراحل سابقة، ونهاية الدور الوطني والنضالي لفئة أوسلو ومدريد والقاهرة .
ثانياً: إن معارضة شعبنا الحاسمة للاتفاق لا تحتاج إلى دليل أو برهان، بل إن أركان مجموعة مدريد وأوسلو والقاهرة نفسها قد بدأت تتضعضع وتنهار بسبب حجم التنازلات المخزية التي اشتمل عليها الاتفاق وهو الأمر الذي يفسر عزوف بعض عرّابي الاتفاق – حتى الآن – عن قبول مناصب في إدارة السلطة الذاتية لخوفهم من غضبة شعبهم وسخطه، ويقينهم أن هذا الاتفاق هو استسلام مقيت للمحتل الغاصب .
ثالثاً: إن ما جاء به هؤلاء من إدارة مرتهنة للاحتلال ومنزوعة السيادة يؤكد أن هذا الاتفاق يحمل في طياته بذور موته وفشله، وأنه غير قابل للاستمرار بأي شكل من الأشكال، ويؤكد أن ما أخد بالقوة لا يسترد بالمفاوضات والتنازلات وأن الكفاح والجهاد وتقديم التضحيات هو الطريق الوحيد للتحرير ودحر المحتلين .
رابعاً: لقد اتخذت قيادة حركة (حماس) قراراً برفض توقيع أي معتقل من معتقليها الأبطال على ما يسمى (وثيقة إقرار وتعهد) المذلة التي فرضها الوفد المفاوض. لأن التوقيع على نص هذا التعهد يعني إدانة لجهاد شعبنا وإدانة لكل تضحياته وشهدائه وهو ما لا يرضاه أي مخلص وطني .
خامساً: إن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إذ تؤكد رفضها المطلق لهذا الاتفاق، وتعتبره تفريطاً واستسلاماً مهيناً، فإنها ومعها شعبنا الفلسطيني المجاهد ومعظم الفصائل الوطنية والإسلامية ستبقى وفية للشعب والقضية، عازمة على مواصلة طريق الجهاد والتحرير، وتعزيز وحدة شعبنا وتكتيل قواه المجاهدة وتوحيد صفوفه لمواجهة هذا المنعطف الخطير، مع حرصنا الشديد على تجنب أي شكل من أشكال الاقتتال بين أبناء الشعب الواحد .
والله أكبر . . والنصر لشعبنا المجاهد
السبت 3 ذي الحجة 1414 هـ
الموافق 14 أيار (مايو) 1994م
حركة المقاومة الإسلامية
(حماس) – فلسطين