أعمدة
محمود عباس في إقليم كردستان.. زيارة غامضة
جمال السلمان
جمال السلمان
قام رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بزيارة مفاجئة في الأسبوع الماضي إلى مدينة اربيل عاصمة إقليم كردستان العراق في زيارة غير معلنة، والتقى رئيس الإقليم مسعود البارزاني، فكانت أول زيارة لمسؤول عربي يزور الإقليم الذي يطمح المتنفذون فيه في فصله عن العراق، في الوقت الذي كان عباس في زيارة لبغداد في الأسبوع الأسبق. وتعد زيارة عباس هي الثانية للعراق خلال هذا الشهر، وقد تناقلت وكالات الأنباء الزيارة بتحليلات متباينة إلا أنها اتفقت جميعاً على غرابة تلك الزيارة وغرابة توقيتها، وعدم قيام عباس بهذه الزيارة منطلقاً من بغداد عاصمة العراق الموحد.
ولنا أن نسأل عن مسوغات تلك الزيارة التي تعد سابقة لم يسبق لها أحد من المسؤولين العرب قاطبة، وقد رأت فيها حركة المقاومة في العراق ومعارضي الاحتلال، سابقة خطيرة وغير مبررة وهي تخدم مشروع الانفصال والتقسيم للعراق الذي تسير عليه السلطة الحالية في شمال العراق مهما قيل في شأنها، فكيف يمكن لمسؤول عربي ملتزم بقرارات القمم بشأن وحدة أراضي العراق أن يزور هذا الإقليم في زيارة رسمية منفردة، في الوقت الذي رفض فيه مسعود البرزاني رفع علم العراق على هذه الأرض، تحت دعوى فارغة ومشبوهة، ويتعامل هو ومن معه باستقلالية عن المركز، في ظل الاحتلال ومحاولاته تفتيت العراق.
من المعروف أن المسؤولين في إقليم كردستان العراق يرتبطون بعلاقات قوية مع الكيان الصهيوني، بل إن تاريخ عائلة البرزاني من مسعود وأبيه الملا مصطفى معروفة بارتباطاته بالصهاينة وزيارات متكررة للمسؤولين الصهاينة منذ الستينات من القرن الماضي. وكان البرزاني وأبوه من قبله شوكة دائمة في خاصرة العراق جعلوا من شمال العراق محطة استنزاف في السبعينات ثم حولها مسعود إلى مركز للموساد والمخابرات الأميركية بعد حرب العام .1991
ما علاقة الزيارة بمؤامرة ترانسفير جديدة للفلسطينيين تحت عنوان ''يهودية دولة إسرائيل''؟ وما مدى تناغمها مع دعاوى '' إيجاد حل عادل للاجئين الفلسطينيين'' ومحاولة تسويف موضوع حق العودة الذي صدرت بشأنه الكثير من القرارات الدولية. لقد نشرت الكثير من الأخبار والتصريحات عن مخطط توطين الفلسطينيين في العراق، وجرت الكثير من المساومات مع الحكومة الوطنية في العراق قبل الاحتلال، وفي ظل الحصار الجائر بأن توافق الحكومة المركزية في بغداد على توطين عشرات الآلاف من الفلسطينيين ضمن صفقة لتصفية القضية الفلسطينية، وكان الرفض المبدئي من قبل قيادة العراق في ذلك الوقت لأي مساومة على حساب القضية الفلسطينية.
وبعد الاحتلال الأميركي للعراق، فقد أذاق عملاء الاحتلال الفلسطينيين القاطنين في بغداد خصوصا مر العذاب والتنكيل واستباحة بيوتهم وممتلكاتهم من قبل مليشيات الأحزاب العميلة التي دخلت مع الاحتلال الأميركي للعراق، فهل لكل ذلك علاقة بتهجير الفلسطينيين من بغداد إلى إقليم كردستان ومعهم عشرات الآلاف ممن تجري المخططات لتوطينهم وتصفية حق العودة؟ إن مسار الأمور لا يبشر بالخير أبداً في ظل حكومة يمينية عنصرية متطرفة، وفي ظل مزاج عربي رسمي ينحو باتجاه التخلص من القضية الفلسطينية وتبعاتها، وفي ظل دعاة الاستسلام وعرابي أوسلو وكامب ديفيد وانابوليس، وتحت حراب حصار الشعب الفلسطيني وتجويعه التي يمارسها العرب الأقربون، أملاً في رضا السيد الأميركي، ذلك ما ستكشف عنه الأيام.
- كاتب بحريني