«موتايناي» من أجل خفض المخلفات الصلبة
المنتجات اليابانية اخترقت الأسواق الاستهلاكية بمنتجاتها المبتكرة منذ عقد السبعينيات في القرن الماضي، لكن أحد المفاهيم البيئية التي نجحت اليابان في تصديرها إلى دول العالم هو فلسفة «الموتايناي» أو Mottainai وهو مرادف لثلاثة عناصر أساسية ضمن استراتيجية إدارة النفايات المشهورة: التدوير، خفض الاستخدام، و إعادة الاستخدام (Reduce, Recycle, Reuse). هذه الفلسفة تتضمن عنصرا رابعا هو «الاحترام» و هو عنصر متجذر في نسيج المجتمع الياباني لكن الاحترام المقصود في هذه الفلسفة هو عدم العبث بالموارد الطبيعية المادية.
هل نستطيع تطبيق هذه الفلسفة النبيلة في مملكة البحرين؟ سؤال دار في مخيلتي و أنا أقرأ عن إطلاق مشروع وطني لخفض كمية المخلفات الفردية و المنزلية بعد وصولها إلى مستويات قياسية بالنسبة للدول الأخرى. حسب إحصائيات وزارة البلديات فإن كمية المخلفات الصلبة المنزلية بالنسبة للشخص البحريني حاليا يقدر بـ 730 كيلوغراما في السنة مقارنة بالياباني الذي يبلغ نحو 400 كيلوغرام و لكننا نعتبر في مصاف الشخص الأميركي – المعروف بنمط حياته الاستهلاكي – الذي يبلغ 750 كيلوجراما. التحديات البيئية و اللوجستية و المادية لمواجهة تبعات هذا الرقم الصعب خاصة في مملكة محدودة المساحة ستكون شاقة خاصة لأصحاب القرار سواء في المجالس البلدية أو الوزارة الحكومية.
مشروع الهدف «1000» لخفض كمية المخلفات المنزلية في عموم المملكة من 2500 طن في اليوم الى 1000 طن يعتبر إحدى الحلول العملية لمواجهة هذه المعضلة التنموية عن طريق التوعية. لتحقيق هذا المراد فان الفرد البحريني و المغترب الأجنبي لابد أن يخفض تطوعيا كمية النفايات المنزلية من 730 كيلوجراما في السنة الى 290 كيلوجراما و بالتالي فان تحقيق هذا السقف الجديد يعتبر أمرا غير واقعي و أعتقد أنه من المجدي أن أعلنت هذه الجهات رقم «2000» لتكون رقما قابلا للتحقيق و من ثم تدريجيا محاولة السعي لكسر الإنجازات تباعا.
المخلفات الصلبة تحتوي على الكثير من المصادر الأولية والتي يمكن فصلها وإعادة استخدامها مثل البلاستيك والورق المقوى والمعادن والزجاج. لكن هناك مصدرين مهمين لزيادة كميات المخلفات الصلبة هما مخلفات البناء والمواد العضوية الغذائية. فأولا، فورة البناء والتعمير في المملكة في السنوات الأخيرة أدت إلى زيادة نسبة أنقاض البناء ضمن المخلفات الصلبة و لكن و بسبب الأزمة العقارية الحالية فهناك تعطل أو إلغاء جزء مهم آخر ولذلك فإنه من المتوقع وبصورة عامة انخفاض كمية المخلفات الناتجة على المدى القصير.
ثانيا، نسبة مساهمة المواد العضوية الغذائية ضمن المخلفات المنزلية تعتبر من النسب الأعلى في العالم وبالتالي لابد أن يكون هناك توجه نحو التوعية في هذا المجال والمطالبة بعدم الإسراف خاصة في المنزل و حتى التنبيه في المطاعم المنتشرة.
فلسفة الموتايني اليابانية تدعو إلى احترام الموارد الطبيعية وهذا يشمل المواد الغذائية وبالتالي هناك دعوة إلى تغير في العادات الاستهلاكية وترقية السلوك الحضري. لا شك أن تطبيق و نشر العادات المفيدة في المدارس والمنازل سيكون عمود إنجاز أهداف معلنة من قبل المجالس البلدية ووزارة البلديات.
مجيد جاسم
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 2766 - السبت 03 أبريل 2010م الموافق 18 ربيع الثاني 1431هـ
_________________
نحن انصار حر كة جعفر الخابوري الثقافيه