الاستدامة البيئية والفورمولا
في يوم الغد، سيمخر عباب مضمار حلبة البحرين الدولية العشرات من سيارات الفورمولا السريعة في عرض مثير وتنافس مشوق بين سائقيها المحترفين في سبيل الحصول على الجائزة الكبرى. في سياق آخر، هناك سباق بين منظمي سباقات الفورمولا في مختلف دول العالم وأطقم الفرق المتنافسة من أجل إدماج مفاهيم الاستدامة البيئية ضمن أدبيات هذه السباقات محاولة منها لكسب معركة العلاقات العامة العالمي.
الاتهامات البيئية ضد سباقات الجائزة الكبرى عديدة ومتنوعة المحاور من قبل وسائل الإعلام والمنظمات البيئية العالمية. على سبيل المثال، قامت ناشطة في منظمة السلام الأخضر بحساب كميات ثاني أكسيد الكربون التي يتم انبعاثها من سيارة حامل لقب بطولة العالم البريطاني جينسون باتون ووجدت أن سيارته تنبعث منه 1.5 كيلوجرام لكل كيلومتر (يعادل 9 مرات الكمية المنبعثة من متوسط السيارة العادية) أو نصف طن من الغاز في مضمار كل حلبة بالإضافة إلى الغازات المنبعثة بسبب الطيران المكثف طول العام وبالتالي وجدت أن المجموع العام للغازات المنبعثة لكل سائق في العام يصل إلى نحو 50 طن من الكربون.
ومثال آخر هو انسحاب شركة بي أم دبليو الألمانية في نهاية موسم 2009 من سباقات الجائزة الكبرى وإعلان مدير الأبحاث والتطوير بتلك الشركة أن السبب الرئيس لقرار الانسحاب هو المحافظة على صورة الشركة المستدام وتنفيذ خطة إستراتيجية لخفض بصمتها الكربونية.
هذه الاتهامات من قبل جهات نافذة في وسائل الإعلام أجبرت مسئولي تنظيم هذه السباقات السريعة إلى محاولة الدفاع عن نصاعة صورتها واستمالة الرأي العام العالمي مع بيان بعض الحقائق الخافية لعشاق هذه اللعبة سواء من قبل أصحاب الحلبات أو مالكي فرق السيارات السريعة.
الصفحة الإلكترونية لحلبة البحرين الدولية توضح أنها قامت بشراكة مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة (اليونيب) تهدف إلى نشر مفاهيم الاستدامة والزراعة في المجتمع المحلي عن طريق برامج التوعية في المدارس والجامعات، أو الحفاظ على التنوع البيولوجي في منطقة الصخير ونقل طرقها الحديثة في إبراز المناظر الطبيعية (landscaping) إلى المزارعين المحليين. بل إن الشراكة تتعدى هذه المفاهيم وتشمل محاور المجتمع المستدام كإدارة النفايات والتدوير وتطبيق المسؤولية البيئية. لاشك أن هناك منافسة بين الحلبات العالمية في مجال تطبيق السياسات البيئية فحلبة نورمبرغ الألمانية قامت بوضع نظام لمراقبة الضوضاء وخفض كميات القمامة الناتجة من عشرات الألوف من الزائرين.
أما رعاة الفرق المتنافسة خاصة الشركات العالمية في صناعة السيارات فقد أكدت أنها تعمل على تطوير تكنولوجيات حديثة تعمل على خفض استهلاك الوقود وتزيد من كفاءة استخدام الطاقة، والقيام بمزيد من الأبحاث والتطوير في مجال المحركات والإلكترونات وهذا التقدم التكنولوجي سينعكس على مواصفات النماذج السنوية الجديدة للمركبات الشخصية وبالتالي ستساهم بطريقة مباشرة في خفض البصمة الكربونية للسيارات وتساهم في تنفيذ التزامات الاتفاقات الدولية مثل كيوتو.
في الختام، لاشك أن مجموع الانبعاثات من هذه السباقات السريعة لا تقارن بشيء يذكر بالمجموع العالمي لكن شهرة هذه الرياضة يجعلها هدفا أساسيا ضد التلوث الناتج من السيارات.
مجيد جاسم
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 2745 - السبت 13 مارس 2010م الموافق 27 ربيع الاول 1431هـ
_________________
نحن انصار حر كة جعفر الخابوري الثقافيه