الملفات المؤجلة
تفاجأ الجميع بإطلاق سراح آيات القرمزي، التي توقع لها البعض حكماً أشد قسوة، بانياً هذا البعض حكمه على التهم التي وجهت إليها، والحملة الإعلامية التي تصاعدت خلال رحلة اعتقالها، وجلسات محاكمتها. حقيقة الأمر ان الأهم من الحكم النهائي الذي أفرج عنها، هناك سرعة آلية معالجة ملف القرمزي مقارنة مع ملفات أخرى تستحق الإسراع في النظر فيها هي الأخرى، وإصدار الأحكام العادلة بحق أصحابها، التي لا تلحق الظلم بهم، ولا تقلل من هيبة الدولة أو تمس نزاهة القضاء.
نورد على سبيل المثال لا الحصر قضية القائمة الأخرى من المعتقلين ممن لم يقدموا إلى المحاكمة بعد، ولا يزالون بانتظار تحديد مصيرهم، والبت في أوضاعهم، التي لم يعد من المفيد تأجيل النظر فيها، وإليهم نضيف أولئك ممن ينتظرون موعد محاكمات الاستئناف التي سيمثلون أمامها.
أما خارج قوائم الاعتقال فهناك ملفات من نمط مختلف، لكنها هي الأخرى في حاجة ماسة إلى إعادة النظر، سريعاً، في أوضاع أصحابها. هناك على سبيل المثال لا الحصر مُلاك سيارات الأجرة من البحرينيين، الذين لا يزالون ينتظرون الفرج، كي يعودوا فيمسكوا بمقود سياراتهم، ويمارسوا مهنتهم التي لا يتقنون أخرى غيرها، ناهيك عن كونها مصدر رزقهم الوحيد. مصير هؤلاء مازال معلقاً، رغم أن الجميع يعرف أن نتيجة التعليق هو قطع أرزاقهم.
ويقف معهم في الطابور ذاته، مجموعة الأساتذة الجامعيين الذين يتوقون للعودة إلى أبنائهم الطلبة، بعد أن أوقفوا عن العمل لأسباب ليس هنا مكان الخوض في تفاصيلها أو الغوص في حيثياتها، بقدر ما نريد الإشارة إلى كونها من الملفات المؤجلة التي بحاجة إلى من ينقلها إلى عتبة أعلى في سلم الأولويات.
وإلى جانب هؤلاء الأكاديميين، يقف الأطباء الاستشاريون، ممن أوقفوا عن العمل، وحرموا إلى فترة قريبة من فتح عياداتهم الخاصة، والذين ينتظرون بفارغ الصبر الأحكام النهائية التي يتحدد وفقها مصيرهم.
مرة أخرى نؤكد أننا لا نحرض ضد السلطة، ولا نشكك في نزاهة القضاء البحريني، لكننا نلمس أن الكثير من هذه الملفات إنما هي ضحية البيروقراطية أولاً، وربما الحسابات الشخصية ثانياً. وبالتالي لا يتجاوز ما ندعو إليه حاجز الإسراع في فتح هذه الملفات من جديد، وعلى نحو سريع، ومعالجتها وفقاً لقوانين مملكة البحرين، ومن خلال المؤسسات ذات العلاقة.
لا ينبغي أن يفهم من كلامنا هذا الطعن في أحكام القضاء، فهذا أمر ليس من اختصاصنا، لكن ذلك لا يمنعنا من لفت النظر، كي نساهم مع الدولة، والقضاء على حدٍّ سواء، في إعادة الثقة إلى مؤسسات المجتمع المدني، حكومية كانت تلك المؤسسات أم مدنية، فاستمرار تأجيل مثل هذه الملفات، يمارس، هو الآخر، دوراً سلبياً في إفشال الكثير من المشروعات التي تطمح إلى إعادة الاستقرار المدني، واللحمة المجتمعية، إلى المجتمع البحريني على النحو الذي كان عليهما قبل الأحداث المؤلمة التي عرفناها مؤخراً
عبيدلي العبيدلي
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3232 - الخميس 14 يوليو 2011م الموافق 12 شعبان 1432هـ