مخالفات وتجمعات
محظورات كثيرة يسردها قانون «التجمعات» للعام 1973، وكذلك النسخة المعدلة في العام 2006، كان من الواجب استحضارها في الوقت الراهن، للتأكد من دقة تطبيقها في ظل الحراك السياسي الساخن الذي تعيشه البلاد.
عدة بيانات لوزارة الداخلية تحدثت فيها عن جملة مخالفات لعدد غير قليل من المسيرات والاعتصامات المختلفة، بحجة مخالفة القانون، بعد الدراسة المستفيضة التي يقوم بها جهاز الأمن العام لموقع الحدث أو ظروفه وفقاً لنصوص القانون.
فقد رفض جهاز الأمن العام عدة مسيرات من قبل بسبب موقعها الجغرافي كالعاصمة المنامة وخليج توبلي، وكذلك توقيتها الزمني كتعارضها مع وجود اعتصام آخر في التوقيت والمكان ذاته.
إلا أن الواقع يشير إلى أن اعتصامات سياسية أخرى تدعو لها جمعيات سياسية تقام في دور عبادة وساحات تابعة لدور العبادة، دون أن نرى أي تحريك لمواد القانون، أو للدراسات المستفيضة التي تقوم بها الأجهزة الأمنية قبل الترخيص لمثل هذه الاحتجاجات!
الفقرة (و) من المادة رقم (6) من قانون رقم (26) لسنة 2005 بشأن الجمعيات السياسية واضحة في أنه «يُحظر على الجمعيات السياسية ممارسة أي نشاط من أي نوع وبدون استثناء يتصل بعمل الجمعيات السياسية، حيث جاء في نصها «عدم استخدام مؤسسات الدولة والمؤسسات الخاصة ودور العبادة والمؤسسات التعليمية لممارسة نشاطها».
جمعيات سياسية دعت أيضاً غير البحرينيين للمشاركة في فعاليات سياسية، ولأكثر من مرة، وليس كمشاركين فقط بل كمتحدثين رئيسيين في هذه التظاهرات السياسية، ومشاركين بكلمات وخطابات سياسية وتحريضية أيضاً.
الفقرة (ز) من المادة رقم (2) من القرار الوزاري لوزير الداخلية رقم (57) لسنة 2011 بتحديد واجبات ومسئوليات اللجنة المنصوص عليها في المادة (6) من المرسوم بقانون رقم (18) لسنة 1973 بشأن الاجتماعات العامة والمسيرات والتجمعات المعدل بالقانون رقم (32) لسنة 2006، هي الأخرى واضحة وضوح الشمس وتنص على «منع اشتراك غير المواطنين البحرينيين في التجمعات أو المسيرات التي تتم لغرض سياسي».
وجاء النص واضحاً لا يقبل الجدل أو التأويل ولا يحمل في طياته استثناءات، فليس من حق أية أجنبية أو عربية سواء في داخل البحرين أو خارجها المشاركة في أي حراك سياسي في البلاد.
شواهد واضحة ومخالفات عديدة تحدث في تجمعات سياسية كثيرة، أصبحت بحكم تكرارها عرفاً واقعاً رغم مخالفتها للقانون الصريح في ذلك، وذلك نتيجة لغض الطرف عنها بشكل مقصود وبيّن للجميع ضمن أجندة سياسية هي الأخرى واضحة غلبت على حاكمية القانون.
فمن باب المساواة والعدل، يجب المعاملة بالمثل من قبل الجهات الأمنية بين مختلف تكوينات البلد وأطيافها، المعارضة والموالية في حال تنفيذها لأي اعتصام أو مسيرة أو احتجاج.
فليس من المنطق أن يهدد تحويل قائمين على مسيرة للنيابة العامة بحجة حدوث تجاوزات ومخالفات للقانون ارتكبها عدد من المشاركين في المسيرة، فيما لا يحال آخرون نظموا اعتصامات هي في الأساس مخالفة للقانون،! الواجبات الواردة بقانون الاجتماعات العامة والمسيرات والقرار الوزاري المنظم لذلك، يجب أن يكون مطبّقاً على الجميع وبلا استثناء، وبلا محاباة، وبلا مراعاة لطرف على آخر، فعندما نتحدث عن حاكمية القانون، فالحاكمية على الجميع سواسية، والعاصمة المنامة أيضاً للجميع فلا يمكن أن تفتح أبوابها لأناس بالاعتصام والاحتجاج، وتمنع عن آخرين.
كما من غير المنطقي أن تشهد مسيرات مراقبة بالمروحيات، وتصويرها، والعمل على تحجيمها ببيانات وإحصاءات غريبة وعجيبة، وفي المقابل الآخر، لا يحدث المثل.
هاني الفردان
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3544 - الإثنين 21 مايو 2012م الموافق 30 جمادى الآخرة 1433هـ