شبح أوسلو
بقلم: أحمد عمرابي
صحيفة البيان الإماراتية 20/9/2006
هل هناك من يدبر لنسف الاتفاق المبدئي بين قيادة (فتح) وقيادة (حماس) لإقامة حكومة وحدة وطنية فلسطينية؟
على خلفية المفاوضات التي أفرزت هذا الاتفاق المبدئي بين الرئيس أبومازن ورئيس الحكومة إسماعيل هنية نشرت الصحافة الإسرائيلية رواية إخبارية عن أربع من الشخصيات القيادية في فصيل فتح - محمد دحلان وجبريل الرجوب ونبيل عمرو وأحمد عبدالرحمن - قالت إنهم يتخذون مواقف معارضة ضد مشروع الحكومة الوطنية.
أغلب الظن أن هؤلاء هم الذين يتزعمون الآن حملة لنسف المشروع.
إذن لابد من طرح تساؤلين:
أولاً: هل يقوم هؤلاء الأربعة بدور نيابة عن "إسرائيل"؟
ثانياً: كيف يتصرف الرئيس أبومازن مع هذا الفريق؟
ما إن غادر الرئيس أبومازن الأراضي الفلسطينية متوجها إلى الولايات المتحدة للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة حتى صدرت عن اثنين من فريق الأربعة تصريحات مفادها أن الرئيس الفلسطيني قد جمد مشروع حكومة الوحدة الوطنية ومن قبيل التفسير قال أحدهما إن (حماس) تراجعت عن شروط اتفاق حكومة الوحدة.
لكن رئيس حكومة حماس نفى (التجميد) قائلا إنه اتفق مع أبومازن على استئناف المحادثات بشأن الحكومة الائتلافية لدى عودة رئيس السلطة الفلسطينية من الولايات المتحدة.
هناك إذن التباس أو تناقض.. أو بالأحرى غموض فهل يتعلق الأمر بتجميد؟ أم هو مجرد تأجيل ريثما يعود أبومازن؟
لقد أعلن الناطق الرسمي باسم حكومة (حماس) أن الحركة لم تتلق أي شيء عن تجميد الاتصالات بخصوص حكومة الوحدة مضيفاً أن الاتصالات التي جرت بين أبومازن وإسماعيل هنية حتى ليلة مغادرة الرئيس الفلسطيني كانت (جيدة وإيجابية).
ولكن كيف يتجرأ القياديان الفتحاويان نبيل عمرو وأحمد عبدالرحمن وهما من أقرب المساعدين للرئيس أبومازن على أن ينسبا إلى الرئيس قولاً في شأن سياسي خطير دون أن يتلقيا منه ضوءاً أخضر؟ أم أنهما تلقيا هذا الضوء؟!
القياديون الفتحاويون الأربعة ينتمون إلى فريق أوسلو وبهذه الصفة فإن رؤيتهم لقضية المصير الفلسطيني أقرب إلى الأجندة الإسرائيلية.. وهي على هذا الأساس رؤية ناشئة عن حرصهم انطلاقاً من دوافع ذاتية على إبقاء الأوضاع كما هي عليها، وهي رؤية تتطابق مع ثوابت الرؤية الإسرائيلية لمستقبل الشعب الفلسطيني التي لا تتيح لهذا الشعب سوى حكم ذاتي كأعلى سقف.
وبناء على هذه الرؤية فإن "إسرائيل" ترفض من حيث المبدأ أي مشروع لحكومة فلسطينية تشارك فيها الفصائل التي تعارض اتفاق أوسلو.. وخاصة الفصائل التي تتبنى الكفاح المسلح كنهج نضالي.
تأسيساً على هذا كله نعيد طرح التساؤل: أين يقف أبومازن الآن؟
لا ينبغي أن يكون مثار دهشة إذا ثبت فعلاً أن أبومازن قرر تجميد مشروع حكومة الوحدة.. أو حتى إلغاءه لاحقاً من قبيل الاستجابة لضغوط إسرائيلية مدعومة بضغوط أميركية ذلك أن أبومازن كان الشريك الفلسطيني الأكبر في عملية التفاوض السري مع الإسرائيليين التي انتهت إلى اتفاق أوسلو.