إسرائيل والثأر من غزة... ضرب ايران مثالا!
شبكة النبأ: لايزال الهجوم الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة محط اختلاف وتشكيك لدى الكثير من الأوساط والمراقبين، فمنهم من يعتقد ان موافقة إسرائيل على القبول بالهدنة والوساطة المصرية كان بسبب قوة الهجمات التي تلقتها، أما الرأي الأخر فيرى ان إسرائيل قد عمدت الى تنفيذ هذا السيناريو المعد والمدروس لعدة أسباب أهمها كان اختبار قدراتها الدفاعية المتمثلة بسلاحها الجديد(القبة الحديدية) حيث استطاعت إسرائيل ان تثير غضب الجانب الأخر، من خلال تنفيذ هجمات نوعية استطاعت من خلالها استهداف العديد من قادة حماس وهو ما نتج عنه ردة فعل قوية استطاعت إسرائيل من خلاله التعرف على أهم نقاط الضعف في منظومتها الجديدة خصوصا وإنها تلوح دائما بضرب إيران وغيرها، لذا فقد اختارت ان تكون التجربة الأولى في غزة. وفي هذا الشأن اثنت الولايات المتحدة وإسرائيل على أداء نظام القبة الحديدية المضاد للصواريخ خلال النزاع الأخير في قطاع غزة والذي أكدت واشنطن على مواصلة "التزامها القوي" به. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي أيهود باراك خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأميركي ليون بانيتا في البنتاغون ان "نظام القبة الحديدية بدل معطيات النزاع ومكننا من التحرك بشكل نشط ضمن مهلة زمنية قصيرة" خلال النزاع الذي استمر ثمانية أيام بين إسرائيل والمجموعات المسلحة الفلسطينية في قطاع غزة.
وتمكنت البطاريات الخمس التي تم نشرها لحماية البلدات الإسرائيلية من اعتراض 85% من الصواريخ التي أطلقت من قطاع غزة خلال النزاع مع المجموعات المسلحة في القطاع في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر، بحسب ما أوضح باراك. وقال ان "55 صاروخا فقط من اصل 1500 تم إطلاقها سقطت على المدن". وتابع باراك ان النظام كان "ناجحا للغاية" في التصدي للصواريخ وفي احتساب مسارها ما جنب إسرائيل "إهدار" صواريخ على قذائف تتوجه الى مناطق غير مأهولة. وأوضح ان في حين "ترتفع كلفة يوم واحد من المعارك الى 1,5 مليار دولار" فان القبة الحديدة أتاحت خفض مدة النزاع الى خمسة أيام، مقدما لنظيره الأميركي مجسما مصغرا للنظام.
من جهته أكد بانيتا لباراك ان "الالتزام (الأميركي) حيال نظام القبة الحديدة سيستمر في المستقبل" مؤكدا ان "القبة الحديدة لا تثير الحروب بل تمنع وقوعها". وخصصت الولايات المتحدة حتى الان 205 ملايين دولار لتمويل النظام واعلنت في ايار/مايو عن مساهمة اضافية بقيمة 70 مليون دولار. وتتلقى إسرائيل حليفة واشنطن الاكبر في المنطقة حوالى ثلاثة مليارات دولار من المساعدات العسكرية الأميركية كل سنة. بحسب فرنس برس.
وتتألف كل بطارية من رادار للرصد والتعقب ومنظومة لمراقبة اطلاق الصواريخ وثلاث منصات اطلاق كل واحدة منها مزودة ب20 صاروخ اعتراض. وتتيح المنظومة التي لن تبلغ فعاليتها نسبة 100% باعتراف مصمميها انفسهم، اسقاط صواريخ لدى اطلاقها على بعد 4 الى 70 كلم. كما تمول واشنطن جزئيا النظامين الاسرائيليين الاخرين المضادين للصواريخ وهما نظام "ارو" (السهم) المضاد للصواريخ والقادر على اعتراض صواريخ بالستية ونظام "دايفيدز سلينغ" (مقلاع داود) للصواريخ المتوسطة المدى ما بين 70 و300 كلم.
منظومة جديدة
في السياق ذاته قال مسؤولون إن إسرائيل اختبرت بنجاح منظومة دفاعية جديدة لاعتراض صواريخ أقوى من تلك التي اعترضتها منظومة القبة الحديدية في صراع غزة وذلك بعد الإسراع في تطويرها. وأضاف المسؤولون أن منظومة مقلاع داود -التي توصف بانها الرد الإسرائيلي على الصواريخ الاطول مدى التي يمتلكها حزب الله اللبناني وسوريا- أسقطت هدفها وهو صاروخ في تجربة سرية اجريت في 20 نوفمبر تشرين الثاني في الصحراء اثناء القتال العنيف بين إسرائيل والفلسطينيين في قطاع غزة.
وتسرع إسرائيل الخطى لتطوير درعها الصاروخي متعدد الطبقات بمساعدة الولايات المتحدة وسط شعور بالقلق من تدهور الامن على حدودها مع غزة ولبنان وسوريا والمواجهة الدولية المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني المتنازع عليه. وقال مصدر في صناعات الدفاع بإسرائيل إنه كان من المقرر اجراء التجارب العملية لمنظومة مقلاع داود في 2013 لكن تم تقديم الموعد "بالنظر إلى شعور عام بالحاجة الملحة". وتستخدم المنظومة الجديدة تكنولوجيا مماثلة لمنظومة القبة الحديدية.
وطورت هذه المنظومة التي تعرف ايضا باسم العصا السحرية مؤسسة رافائيل للأنظمة الدفاعية المتقدمة التي تمتلكها إسرائيل بالتعاون مع شركة رايثون الأمريكية. وقال وزير الدفاع ايهود باراك في بيان "اكتمال البرنامج سيكون جزءا مهما لمنظومة الدفاع الإسرائيلية المضادة للصواريخ ذات الطبقات المتعددة." والقبة الحديدية هي الطبقة الدنيا من المنظومة وصممت للتصدي لصواريخ الناشطين في غزة ومقاتلي حزب الله اللبناني. وكانت تهدف في باديء الامر للتعامل مع صواريخ يصل مداها إلى 70 كيلومترا لكن المصممين يقولون انه تم تطويرها للتعامل مع صواريخ مداها نحو 250 كيلومترا.
والجزء الاعلى من المنظومة هو نظام آرو المضاد للصواريخ الباليستية والمصمم لإسقاط صواريخ إيرانية وسورية بعيدة المدى في طبقات الجو العليا على ارتفاع مناسب حتى يدمر بأمان اي رؤوس غير تقليدية قد تحملها هذه الصواريخ. ويقول مسؤولون إسرائيليون ان منظومة مقلاع داود ستكون حلقة وصل بين القبة الحديدية وآرو لصد الصواريخ السريعة والقوية والتي لا تستطيع القبة الحديدية التعامل معها أو اعتراض اي صواريخ باليستية يخطئها نظام آرو. ونشرت إسرائيل بالفعل الجيل الثاني من نظام آرو المعروف باسم آرو 2 بجانب القبة الحديدية. وتمكنت منظومة القبة الحديدية وهي ايضا من تصميم شركة رافائيل من اسقاط مئات الصواريخ الفلسطينية خلال القتال الذي دار في غزة من 14 إلى 22 نوفمبر تشرين الثاني.
تقليص قوة حماس
على صعيد متصل قال الجيش الاسرائيلي في تقرير إن عملية "ركيزة الدفاع" الاسرائيلية في قطاع غزة قلصت من القوة العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تسيطر على القطاع. وفي بيان سرد الجيش أسماء قادة النشطاء الفلسطينيين البارزين الذين قتلتهم اسرائيل والأسلحة والقواعد التي دمرتها. وأشار الجيش الاسرائيلي إلى المواجهة التي جعلت حماس تطلق صواريخها ردا على الغارات الجوية الاسرائيلية والقصف المدفعي البحري باعتبارها "قتالا في الجنوب" وقال إن العملية التي بدأت في 14 نوفمبر تشرين الثاني "حققت أهدافها المحددة سلفا".
وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الهدف من العملية هو منع حماس والجهاد الإسلامي وجماعات أصغر من إطلاق الصواريخ وقذائف المورتر على جنوب اسرائيل. ويقول النشطاء الفلسطينيون إنهم يدافعون عن غزة في مواجهة العدوان الاسرائيلي.
وذكر الجيش في الملخص التفصيلي للقتال أنه استهدف 1500 موقع وإن "جهاز القيادة والتحكم التابع لحماس تضرر بصورة كبيرة". وتابع التقرير أن الأهداف شملت "19 من كبرى مراكز القيادة ومراكز التحكم في العمليات ومقار لقياديين في حماس و30 من كبار الناشطين ومئات من قاذفات الصواريخ تحت الأرض و140 نفقا للتهريب و66 نفقا يستخدم في أعمال إرهابية وعشرات من غرف العمليات والقواعد التابعة لحماس و26 منشأة لصناعة وتخزين الأسلحة وعشرات من قاذفات الصواريخ طويلة المدى ومواقع الإطلاق."
وأضاف الجيش في البيان "هذه الخطوات أعاقت بشدة قدرات حماس على إطلاق الصواريخ وأدت إلى تراجع في عدد الصواريخ التي تطلق من قطاع غزة." ولم يذكر الجيش أي تقديرات لعدد الفلسطينيين الذين قتلوا في عملياته لكنه ذكر اسم سبعة من كبار القياديين في حماس والجهاد الإسلامي الذين تم "استهدافهم". ومنهم رجل مسؤول عن العمليات المضادة للدبابات وآخر مسؤول عن الدعاية وضابط كبير في الشرطة ورجل مسؤول عن الدفاع الجوي وآخر مسؤول عن عمليات الأنفاق في الجنوب حيث تمكنت حماس من تهريب أسلحة عبر مصر.
ويقول مسؤولون فلسطينيون في وزارة الصحة بغزة إن أكثر من 160 شخصا قتلوا في غارات جوية اسرائيلية وقصف في القطاع وإن أكثر من نصفهم مدنيون منهم 37 طفلا. وقال الجيش الاسرائيلي إن مقاتلي حماس وجماعات اخرى للمقاتلين أطلقوا 1506 صواريخ من غزة على اسرائيل منها 316 صاروخا أطلقت يوم 15 نوفمبر تشرين الثاني بعد يوم من تسبب غارة جوية في مقتل أحمد الجعبري القائد العسكري لكتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحماس في غزة.
وأضاف تقرير الخسائر الذي أعده الجيش الاسرائيلي أن أغلب الصواريخ أي 875 صاروخا انفجرت في مناطق ريفية مفتوحة.
وتمكن نظام القبة الحديدية الاسرائيلي من اعتراض 421 صاروخا في الجو وانفجر 58 صاروخا في مناطق عمرانية وتسببت في مقتل خمسة اسرائيليين وإصابة 240. وتعرض 152 صاروخا لعمليات إطلاق فاشلة. وقالت قيادة الجيش الاسرئيلي "هذه الإنجازات العملياتية تمثل الإطار الذي يقف وراء اتفاق وقف إطلاق النار." ويلزم اتفاق التهدئة الذي توسطت فيه مصر كلا الجانبين بوقف إطلاق النار لكن أجزاء أخرى من الاتفاق لم تصغ بعد بشكل نهائي. بحسب رويترز.
وجاء في البيان "حقق نظام القبة الحديدية الدفاعي معدلا كبيرا من النجاح في اعتراض الصواريخ (84 في المئة) وظلت درجة الدقة التي تتسم بها حماس فيما يتعلق بضرب مناطق مأهولة بالسكان داخل اسرائيل أقل من سبعة في المئة." ويشعر الكثير من الإسرائيليين خاصة في تل أبيب -التي تعرضت لنيران الصواريخ القادمة من غزة للمرة الأولى- بالامتنان لوجود نظام القبة الحديدية. لكن كثيرين يستاءلون عما إذا كان قد تم نزع أسلحة حماس بشكل فعال وما إذا كانت الهجمات الاسرائيلية قد ردعت الحركة الاسلامية.
ما هي القبة الحديدية؟
قد تتبادر إلى الأذهان فكرة مفادها أن ما يعرف بالقبة الحديدية هي فقاعة تغلف محيط الأرض، لكن في الواقع القبة الحديدية هي عبارة عن تكنولوجيا تستهدف الصواريخ باستعمال أجهزة الرادار. ويعتبر نظام "القبة الحديدية" الأمني وسيلة دفاعية ضد الصواريخ قريبة المدى وقذائف الهاون، ويقوم النظام بتحديد الصواريخ القادمة نحوها، وإطلاق صواريخ مضادة لتفجيرها في الجو قبل سقوطها. وتحتوي كل من هذه الصواريخ على رادار يمكنه التحكم بإطلاقها، إضافة إلى قاذفة صواريخ متحركة، تسهل نقل النظام، ويتطلب تحريكها من موقعٍ لآخر عدة ساعاتٍ فقط.
ويبلغ طول وحدة هذا النظام ثلاثة أمتار، بقطر لا يتعدى ست بوصات وتزن 90 كيلوغراما. وبحسب معلومات من مجموعة التحليلات الأمنية "آي إيتش إس جاين" فإن الرأس الحربي لكل صاروخ يطلقه هذا النظام، يحتوي على 11 كيلوغراماً من المواد عالية الانفجار، ويتراوح مدى صواريخه بين أربعة كيلومترات إلى سبعين كيلومتراً.
وبدأت إسرائيل بتصنيع هذه الأجهزة الدفاعية عام 2007، وبعد سلسلة من الاختبارات في عامي 2008 و2009، قامت إسرائيل بنقل أولى الوحدات إلى منطقة جنوب إسرائيل في عام 2011، حيث أقرت القوات الجوية الإسرائيلية بأن الجهاز حقق نسبة نجاحٍ وصلت إلى 70 في المائة.
وتقوم فكرة هذه التكنولوجيا على أن الجهاز يرصد الصواريخ القادمة نحوه، ويقوم بتحديد موقعها وإرسال معلومات تتعلق بمسارها إلى مركز التحكم، الذي يقوم بدوره بحساب الموقع الذي يمكن أن يضرب به الصاروخ، فإذا ما كان الموقع المحدد يتيح أقل مقدارٍ من الضرر، يتم اعتراضه بصاروخٍ مضاد، وإلا فإنه يترك ليسقط. بحسب CNN.
رغم أن التنشئة المبدئية لهذه التكنولوجيا بدأت في إسرائيل، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية تبنتها بشدة، ففي شهر مايو/أيار 2010، وافق مجلس النواب الأمريكي على خطة لتحديد ميزانية قدرت بـ 205 مليون دولار أمريكي للقبة الحديدية، وفي شهر يوليو/تموز حدد الرئيس الأمريكي باراك أوباما ميزانية قدرت بسبعين مليون دولار من خزينة الدولة لهذا البرنامج الذي "لطالما كان أساسياً في توفير الأمن والحماية للعائلات الإسرائيلية"، وفق تصريح لأوباما. وتقدر قيمة كل وحدة من هذه التكنولوجيا بنحو خمسين مليون دولار أمريكي، بينما تصل قيمة الصاروخ الواحد إلى 62 ألف دولار.
شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 5/كانون الأول/2012 - 20/محرم الحرام/1434