بمناسبة حفل تأبين الشهيد سعيد الإسكافي قررت أن اكتب لكم قصة الشهيد والتي يرويها صديقه الذي كان معه اثناء اعتقاله وتعذيبه وقتله في السجن
في ليلة الخميس .. الموافق 28/6/1995 ،مايقارب الساعة العاشرة والنصف او الحادية عشر تقريبا ، لقد تم الهجوم على منزلي و منزل صديقي الشهيد سعيد من قبل قوات الشغب ، علما بان منزلنا يبعد عن بيت الشهيد 10 امتار تقريبا .. وأثناء مداهمة المنزل تم ترويع الاطفال والنساء وتكسير اثاث المنزل من غير ادانة ولا تهمة .. في ذلك الوقت كنت مع احد اصدقائي نذاكر بعض الدروس في منزله ولم اعلم الداهمة ، وايضا الشهيد سعيد لم يكم في منزله اذ كان في بيت احد اقاربه ..
وحينما رجع كل منا الى منزله اخبرونا اهالينا بما حدث من مداهمة المنازل .. وقد تفاجأنا بما حدث .. اذ اثناء المداهمة للمنازل امرت قوات الشغب بالقبض علينا ..
عندما توجهت الى منزل صديق الشهيد سعيد و اذا بنا تقابلنا في الطريق .. وكلانا يسأل الآخر لماذا الهجوم و المداهمة لمنازلنا؟؟ وكانت الاجابة .. لا ادري ...!
قررنا نحن الاثنين بأن نسلم انفسنا الى مركز الخميس لنرى ما السبب .. ، فاخذ كل منا يودع اهله .. للمصير المجهول .. وعند ذهابنا .. توقف الشهيد وقال لي هيا بنا نصلي الى ربنا ركعتين في المسجد ومن ثم نذهب .. فذهبنا وصلينا حتى ركبنا سيارة والدي الذي اوصلنا الى مركز الخميس .. دخلنا الى المركز و وقفنا عند الاستقبال في الاثناء سألنا الشرطي ما القضية ؟؟
فأجبنا لا ندري .. كل الذي نعرفه بانه امر بالقبض علينا ولا ندري ما السبب ؟؟ فقام الشرطي بأخذ البيانات والعناوين .. علما بان الشرطي بحريني الجنسية ، وقال الشرطي لوالدي اذهب انت الآن وبعد بضع ساعات سوف نردهم الى منازلهم فذهب والدي وبقيت انا والشهيد سعيد في غرفة الاستقبال كل منا ينظر الى الآخر.
امر الشرطي البحريني شرطيا آخر بحرينيا بان ياخذنا الى ساحة تقع وسط المركز (حوش) و تحيطها العنابر والسجون .. كانت الساعة آنذاك التاسعة والنصف صباحا تقريبا أجلسنا الشرطي مع مساجين الجنائيات ( المخدرات.... نظرت الى الشهيد واذا ببسمة على شفتيه تعلو على وجهه ولم تكن عاداته كذلك اذ كان كثير المرح .. وجاء وقت صلاة الظهر أخذنا نتوضأ وصلينا و وضعوا لنا الطعام للغذاء إلا ان الشهيد رفض الأكل وما زال في صمت رهيب حتى صلينا المغرب .. مع حمرة تسود وجهه وكأنه احس بما يخبأ له من مصيبة وما يجري عليه .. واضعا رأسه بين ركبتيه ..
فأتيت اليه وجلست عنده و وضعت يدا على كتفه وسألته ما بك يا سعيد ؟؟ فرفع راسه وكان شديد الحمرة وقال لي بان راسه يؤلمه جدا .. فقمت وطلبت من الشرطي بان يحضر له الدواء وهو (البندول) فاتى به الشرطي وشربه الشهيد .. وبعد دقائق اتى شرطيا ونادى باسمائنا انا والشهيد و اخذنا الى مكان آخر وكانت الساعة السابعة تقريبا من ليلة الجمعة .. وكان الشرطي بحريني الجنسية أخذ يسالنا عن قضيتنا فأجبنا لا ندري ما القضية ..؟؟ فاخذ يضحك ويستهزئ بجوابنا ويقول سوف تعرفون ما القضية الان عند وصولكم العنبر ، وصلنا الى العنبر فتح الشرطي الباب و اذا به مكتب يجلس عليه شرطي بلوشي طويل القامة ضخم الجثة يعرف في المركز بصدام مع شرطي سوري (لعنهم الله) .. ومن هنا بدات رحلتنا المأساوية الحزينة التي تركت اثرا في نفوس الشعب المخلصين.. حيث كان كل منهما في يده (هروة) التي اذا نزلت على البدن كانها صعقة كهربائية .. حيث استلمنا الشرطيان البلوشي والسوري وخرج الشرطي البحريني من المكتب .. ادار بوجوهنا البلوشي الى الجدار وامر الشرطي السوري بان يفتشنا وفعل ذلك اللعين بما امر .. وعندما انتهى من تفتيشنا امر مرة ثانيه تقيدنا بالهفكري الحديد ويجعل الخرقة على اعيننا .. فصار المرتزق الزنديق حرا وصرنا نحن المواطنين مكبلين .. وابتدا التعذيب في ذلك الوقت ولم يكن ضابطا موجودا في ذلك الوقت وصرنابين يدي مجرمين سفاكين للدماء .. حرنا البلوشي ونحن مقبلين الى الزنزانة وأوقفنا فيها مقابلين الجدار مع الجو الحار في الصيف .. حتى اخذ يشتمنا ويلقي الاهانات وصار يتفنن في تعذيبنا ويضربنا ضربا شديدا على رؤوسنا بالهروة والهوز المتين الذي بداخله كانت بعض الحجارة حتى نصل الى الاغماء .. علما بان ايدينا مكبلة من الخلف .. حتى نسقط من شدة ضربنا على رؤوسنا مع الحر الشديد كان يغشي علينا .. حتى نعود بعد الغشية واذا بالركلات المتوالية (بالسفتي الحديد) في ذلك الوقت كنا نصرخ من شدة الالم والتعذيب الوحشي .. حيث كان الشهيد سعيد يردد عطشان .. عطشان وانا كذلك .
وحينما اوشك علينا الموت اوقف التعذيب بمقدر ساعة حتى اقبل علينا في يده كاس من الماء من السخان وهو يغلي .! وانا هنا لا اسطر كلمات للمبالغة ..
تصوروا اخواني هذا التعذيب .. مع هذا لا ندري ما قضيتنا .. اين القانون من هذا .. وبعد ساعة واصل التعذيب والتنكيل فينا ، هذه المرة اخذ الهوز او الكيبل ويفعل به حركات تمس الشرف وسخيفة منها يضع الهوز في دبرنا ، طبعا في هذه الحالة كانت ثيابنا علينا ونحن واقفين مكبلين مقابلين الجدار والخرقة على اعيننا ونحن نصرخ ونصيح ونتقلب من شدة التعذيب و هو يتلذذ ويضحك علينا كالكلب وصرت انا بحالة ليس قادر على الكلام من شدة الغضب والالم الشديد وكنت ابكي عاليا واذا بالشهيد يكبر في وجه الظالم بصوت عال .. اخذني الاستغراب لم يكبر سعيد ؟؟ ومن هو الذي يدفعه بترديد (الله اكبر .. الله اكبر) .. علما بان الشهيد سعيد كان يعاني معي نفس الالم والتعذيب .. وكلما ارتفع صوت سعيد عاليا ازداد غضب الجلاد ضربا