الهجرة الى امريكا... معركة تشريعية تحبط حلم الكثيرين
شبكة النبأ: مشروع إصلاح قانون الهجرة الذي دعا له الرئيس الأمريكي باراك اوباما، لايزال محط اهتمام الكثير من الاوساط السياسية والاعلامية والشعبية في الولايات المتحدة الامريكية، كونه قانون مهم سيخدم وبحسب بعض المراقبين اكثر من 11 مليون مهاجر مقيم بصفة غير شرعية في الولايات المتحدة الأمريكية، هذا بالإضافة الى ابعاده السياسية والاقتصادية المهمة، وقد اقر مجلس الشيوخ الاميركي، بعد معركة تشريعية استمرت اشهرا عدة، اول اصلاح لقانون الهجرة منذ ربع قرن، الامر الذي من شأنه لدى رؤية القانون الجديد النور، ان يتيح لملايين المهاجرين غير الشرعيين، وغالبيتهم من المكسيكيين، قوننة اوضاعهم. وبأغلبية 68 صوتا مقابل 32 اقر المجلس هذا النص التاريخي الذي لا يزال بحاجة لمواءمته مع النسخة التي يعمل مجلس النواب على اقرارها، كي يقر القانون ويصدره الرئيس باراك اوباما الذي يعتبر من ابرز داعميه.
ويتيح نص الاصلاح، الواقع في اكثر من الف صفحة، تشريع اوضاع حوالى 11,5 مليون مهاجر غير شرعي ويعطيهم ايضا الحق في ان ينالوا الجنسية الاميركية بعد 13 عاما على الاقل. وينص الاصلاح القانوني ايضا على تعزيز اجراءات مراقبة الحدود الجنوبية للبلاد البالغ طولها 3200 كلم تتقاسمها الولايات المتحدة مع المكسيك.
من جهة اخرى اظهر استطلاع أن غالبية الأمريكيين يؤيدون منح وسيلة لملايين المهاجرين غير القانونيين للحصول على الجنسية. وفي الاستطلاع الذي اجراه معهد ابحاث الدين العام قال 63 بالمئة من الامريكيين إنهم يؤيدون اعطاء الاجانب غير الموثقين وسيلة لنيل الجنسية الامريكية اذا استوفوا شروطا معينة. وايد 70 بالمئة من الديمقراطيين مثل هذه الخطوة في حين دعمها 53 بالمئة من الجمهوريين.
ووجد الاستطلاع ان عددا اقل من الامريكيين يعتقدون ان الطريق الامثل لحل مشكلات الهجرة في البلاد هو تأمين الحدود والقبض على اي شخص يعيش في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني وترحيله. وقال 29 بالمئة ممن شملهم الاستطلاع هذا العام إنهم يرون ان هذا هو الحل الامثل انخفاضا من 36 بالمئة عام 2011. واعتمد الاستطلاع على 4465 مقابلة هاتفية مع بالغين.
أمر ضروري
على صعيد متصل أعلن رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض ألان كروغر أن الرئيس أوباما طالب بإصدار قانون ذكي وفعال ومنصف لتنظيم الهجرة لأن ذلك يعد أمرا بالغ الأهمية وأساسيا لتحقيق هدف الرئيس المتمثل في تعزيز الابتكار الاقتصادي وتنمية قطاع الأعمال.
وأكد كروغر، في تصريحات معدة سلفًا أدلى بها أمام غرفة التجارة الأميركية اللاتينية في واشنطن أنه ليس هناك بلد آخر قادر على تحقيق النجاح في دمج المهاجرين والاستفادة من إمكاناتهم ومواهبهم أكثر من الولايات المتحدة، مشددا على أن من شأن الهجرة أن تجدد طاقة القوة العاملة وقطاع الأعمال.
وفي هذا السياق، أبلغ كروغر مسؤولي شركات الأعمال اللاتينية بأن "إصلاح قوانين الهجرة القائمة على المعرفة والإدراك التي من شأنها تسخير الإبداع والطاقة لدى المهاجرين الذين يرغبون في تكوين شركات أعمال جديدة في أميركا وتقوية اقتصادنا عبر هذه العملية." وأضاف قوله "إن هذا يشمل المهاجرين الذين يأتون إلى بلدنا كأفراد في أسرة مواطنين أميركيين، أو كمقيمين دائمين، أو كلاجئين فارين من الاضطهاد، أو كطلاب يتابعون دراستهم في كلياتنا وجامعاتنا."
وكشف كروغر عن أنه من الصحيح أيضًا بأن المهاجرين يبدأون بتأسيس شركات أعمال بوتيرة أسرع من المواطنين المولودين في البلاد، ملاحظًا بأن نسبة 40 بالمئة من الشركات الخمسمائة الأكبر المصنفة ضمن قائمة مجلة فورتشون في الولايات المتحدة أسسها مهاجرون وأولاد مهاجرون. ورأى عالم اقتصادي من جامعة برينستون أن "المهاجرين يضيفون إلى القوة العاملة ويزيدون القدرة الإنتاجية للاقتصاد."
وذكر كروغر أن سن تشريعات لإصلاح قانون الهجرة من شأنها أن تُفضي إلى إزالة العديد من المشاكل التي تثير قلق الحكومة الفدرالية، وحكومات الولايات، والمجتمعات الأهلية في مختلف أنحاء البلاد؛ موضحًا بأن الإصلاح يرتكز على الجمع بين مبادرات تعزز أمن الحدود وأخرى تؤمن للمهاجرين غير الشرعيين وسيلة لاكتساب المواطنة.
وشدد كروغر على أن الإصلاح المنطقي لقانون الهجرة سوف يخلق تأثيرًا تسلسليًا متتاليًا على الاقتصاد الأميركي، وهذا يعني زيادة التوسع والتطوير لشركات الأعمال، وسيولد المزيد من فرص العمل، والمزيد من الزبائن لشركات الأعمال. ولفت، من ناحية أخرى، إلى أن العمال المهاجرين يعززون أيضًا الإنتاجية والمداخيل للعمال الأميركيين الآخرين. كما أن الاحتفاظ بالمهاجرين الموهوبين بعد إنهاء تعليمهم العالي في الولايات المتحدة يساعد في تنظيم الأثر التعاقبي على الاقتصاد. بحسب رويترز.
فاستنادًا إلى معلومات الكليات والجامعات في البلاد، يشكل المهاجرون نسبة 14 بالمئة من جميع خريجي الجامعات الذين يعملون الآن في الولايات المتحدة، بيد أنهم يتولون أكثر من نصف إجمالي الوظائف التي يشغلها جميع الحائزين على شهادات الدكتوراه في الرياضيات وعلوم الكمبيوتر والهندسة. واختتم كروغر حديثه بالقول "إن باستطاعتنا جلب المزيد من أمثال هؤلاء المهاجرين، والمهاجرين الآخرين إذا سمحنا لهم باستقدام عائلاتهم معهم." وأوضح، بأن إصلاح قانون الهجرة من شأنه أن يتيح لم شمل العائلات المهاجرة، الأمر الذي سيمكنهم الالتحاق ببقية أسرهم خلال فترة معقولة وبطريقة إنسانية."
جولة بالحافلة
الى جانب ذلك وبعد سنة على جولة لفتت الانظار، باشرت راهبات كاثوليكيات اميركيات جولة جديدة في الولايات المتحدة بالحافلة مطالبات باصلاح قوانين الهجرة. والراهبات في مجموعة "نتوورك" اخترن الانطلاق من جيرسي سيتي في ولاية نيوجيرسي (شرق) الواقعة قبالة مانهاتن وخلفها تمثال الحرية وجزيرة ايليس ايلاند التي كان وصل اليها اكثر من ثمانية ملايين مهاجر في القرنين التاسع عشر والعشرين.
وقالت الاخت سيمون كامبل التي قامت العام الماضي مع راهبات عدة بجولة في الحافلة عبر الولايات المتحدة للتنديد بالاقتطاع في الميزانية الذي يطال الفقراء "نظام الهجرة في بلدنا لا يعمل كما يجب ويمكننا ان نحدث تغييرا". واضافت "اقرت لجنة في مجلس الشيوخ مشروع قانون مهما، ونريد ان نتأكد من انه سيقر نهائيا".
وستتناوب 25 راهبة باللباس المدني ضمن المجموعة الصغيرة خلال هذه الرحلة التي من المقرر ان تعبر 15 ولاية من الشرق الى الغرب مرورا اولا بالساحل الشرقي نزولا الى فلوريدا قبل ان تنتقل الى تكساس ونيومكسيكو واريزونا وصولا الى كاليفورنيا على ان تختتم الجولة في سان فرانسيسكو.
ومن المتوقع ان تقطع الراهبات مسافة 10400 كيلومتر والمشاركة في 53 لقاء في اربعين مدينة في الحافلة التي تحمل اسم "نانز اون ذي باص" (راهبات في الحافلة) وزينت بصور لاياد مرفوعة وشعار جديد "ارفعوا ايديكم وارفعوا صوتكم" من اجل "اصلاح شامل للهجرة". واوضحت الاخت سيمون امام عشرات الاشخاص الذين اتوا لحضور انطلاق جولة الراهبات "نحن بلد مهاجرين وهذه هي القصة التي نريد ان نوريها. نحن بلد اكبر واقوى بسبب ارث المهاجرين".
محادثات واعتقالات
في السياق ذاته استأنفت الولايات المتحدة وكوبا محادثات الهجرة في واشنطن بعد توقف استمر أكثر من عامين وقال مسؤولون امريكيون انهم حثوا مجددا على إطلاق سراح المتعاقد الامريكي آلان جروس المسجون في الجزيرة الكوبية. والجولة السابقة من محادثات الهجرة بين البلدين عقدت في يناير كانون الثاني 2011 عندما اجتمع مسؤولون في العاصمة الكوبية هافانا.
وقالت وزارة الخارجية الامريكية ان الوفد الامريكي في المحادثات جدد دعوة الي اطلاق سراح جروس الذي يقضي حكما بالسجن 15 عاما في كوبا لانشائه شبكات للانترنت ليهود كوبيين في إطار برنامج امريكي تعتبره كوبا تخريبيا. وكان القاء القبض على جروس في اواخر 2009 والحكم عليه في مارس اذار 2011 قد أوقف تحسنا استمر لفترة وجيزة في العلاقات الامريكية الكوبية بعد ان تولى الرئيس الامريكي باراك اوباما منصبه في يناير كانون الثاني 2009 .
وناقش الجانبان ايضا تطبيق اتفاقات الهجرة بين كوبا والولايات المتحدة والتي تهدف الي تعزيز هجرة آمنة وقانونية ومنظمة بين البلدين. وعلى مدار نصف القرن الماضي توفي آلاف الكوبيين اثناء محاولة عبور مضيق فلوريدا في قوارب متهالكة ومراكب بدائية. وتقبل الولايات المتحدة حوالي 200 ألف كوبي سنويا عبر الهجرة القانونية وتقبل ايضا اولئك الذين يتمكنون من الوصول الي الشواطيء الامريكية. لكن بمقتضى "سياسة القدم المبللة.. القدم الجافة" فإنها تعيد الكوبيين الذين يجري انتشالهم من البحر. بحسب رويترز.
وقال الوفد الكوبي في بيان ان الاجتماع عقد في "مناخ من الاحترام" لكنه اشار الي ان الهجرة الامنة والمنظمة لا يمكن ان تتحقق ما بقيت سياسة "القدم المبللة.. القدم الجافة" سارية. ويأتي الاجتماع بينما تستطلع الولايات المتحدة وكوبا احتمال استئناف خدمات البريد المباشر التي يصر دبلوماسيون امريكيون على انها لا تعني تغييرا في السياسة الامريكية تجاه كوبا.
من جهة اخرى اعلن مدير الوكالة الاميركية للهجرة والجمارك جون مورتون ان الولايات المتحدة سجلت رقما قياسيا بإبعاد 410 الاف مهاجر من دون اوراق ثبوتية، مشيرا الى ان 55% منهم هم من اصحاب السوابق. وحصلت عمليات الابعاد التي بلغت 409 آلاف و849 خلال السنة المالية 2012، اي بين تشرين الاول (اكتوبر) 2011 وايلول (سبتمبر) 2012. وفي 2011، ذكرت الوكالة الاميركية للهجرة والجمارك انها ابعدت على الحدود 397 الف مهاجر سري. واوضح جون مورتون ان اكثر من نصف الاشخاص المبعدين في السنة المالية 2012 (225 الفا و390) هم من اصحاب السوابق الجزائية، اي اكثر بمرتين من السنة المالية 2008.
الى جانب ذلك قالت السلطات المكسيكية انها اعتقلت 108 مهاجرين لا يحملون وثائق. وقال معهد الهجرة المكسيكي ان 95 شخصا من امريكا الوسطى ومعظمهم من السلفادور وجواتيمالا وهندوراس اعتقلوا في ولايتي واهاكا وتباسكو خلال حملات قامت بها الشرطة الاتحادية. وقال المعهد ان سبعة من موطني امريكا الوسطى اطفال.
ويتسلل عدد متزايد من مواطني امريكا الوسطى عبر الحدود الجنوبية التي لا تتواجد فيها شرطة الى حد كبير في طريقهم الى الولايات المتحدة بدافع الفقر المتفشي وزيادة اعمال العنف التي تقوم بها عصابات المخدرات في بلدانهم. ويخاطر مواطنو دول اخرى ايضا بعبور الطريق الخطير عبر جنوب المكسيك. واعتقل ايضا ثمانية اشخاص من الهند وخمسة من بنجلادش في حملات الشرطة بجنوب المكسيك.
في السياق ذاته احتجزت السلطات المكسيكية 94 مهاجرا غير شرعي في شاحنة كانت متجهة إلى الحدود مع الولايات المتحدة. وقال المسؤولون إن من بين المحتجزين عشرة من نيبال وتسعة من بنجلادش والباقون من جواتيمالا والسلفادور وهندوراس. وتقول وزارة الأمن الداخلي الأمريكية إن عدد الآسيويين الذين ألقي القبض عليهم بتهمة دخول الولايات المتحدة بصورة غير مشروعة زاد بشدة في السنوات الأخيرة.
وانطلقت شاحنة المهاجرين غير الشرعيين من جواتيمالا وقالت الشرطة إنها اكتشفت وجودهم داخلها باستخدام الأشعة السينية عند إحدى نقاط التفتيش. وذكرت الإدارة الوطنية للهجرة في المكسيك إن عددا من المتسللين عولجوا من إصابات في اليد والساق وإن بعضهم عانى صعوبات في التنفس بسبب تكدسهم داخل الشاحنة.
شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 29/تموز/2013 - 20/رمضان/1434