القاعدة في سوريا ..الخطر على الأردن
أسعد العزوني
نسوا أن القدس وفلسطين تحت الإحتلال وقيد التهويد القسري ، ومارسوا ظلامهم في أفغانستان حلفاء لأمريكا ضد الإتحاد السوفييتي السابق دفاعا عن كهوف تورا –بورا ومزارع الحشيش في أفغانستان ،وقدموا مع الإحتلال الأمريكي إلى العراق وأعلنوا أنهم سيقيمون إمارة إسلامية في العراق،وقتلوا من قتلوا ودمروا ما دمروا ،وهام يتدفقون اليوم على سوريا ،ويعلنون أنهم سيقيمون إمارة إسلامية في هذا البلد المختطف ظلاميا.
ولعله ليس غريبا ،بل هو مترابط حد الوثاق أن تغريدات إسرائيلية سامة تحذر من وجود القاعدة " الجهادية" في سوريا وعلى مقربة من الأردن ،وأنها تشكل خطرا عليه ،مع أن الخطر الدائم والداهم على العرب جميعا هو إسرائيل النووية التي ما تزال تستغبينا والعالم وتقول أنها حمل وديع يحيط بها قطيع من الغيلان العرب.
كنا من المتعاطفين مع الشعب السوري في بدايات حراكه السلمي ،وقلنا أن على النظام التغيير من طريقة تعامله مع الجميع ،فهذه سنة حميدة في الحياة ،ولكن عندما بدأنا نشهد إختطاف الحراك السوري إلى درجة إختطاف سوريا ذاتها ،فقد بات لزاما علينا إعادة النظر في طريقة تفكيرنا ونظرتنا للأمور ، وهذا لا يعيبنا لأن المراجعة المنطقية مطلوبة.
نحن ضد القتل وضد من يقوم به ،فما يحدث في سوريا عبارة عن حرب عالمية تعدت الحرب الأهلية بمراحل عديدة،وتهدف إلى إرجاع سوريا الدولة المتقدمة إقتصاديا وشبه المكتفية ذاتية والبريئة من التعامل مع مؤسسات النقد اليهودية وفي مقدمتها صندوق النقد والبنك الدوليين.
لم تنقطع المحاولات لكنها هذه المرة نجحت بالإستعانة بالظلاميين الذين تمثلهم القاعدة التي تعد حصان طروادة الأمريكي ،وهي الذراع التخريبي الثاني الأمريكي بعد إسرائيل في المنطقة.إذ لا تطأ القاعدة أرضا إلا ونذر الغزو الأجنبي تتبعها ،والأمثلة على ذلك كثيرة "الصحراء الأفريقية –مالي- العراق- سيناء- سوريا – ليبيا وقبل كل ذلك وفاتحة السوء أفغانستان.
صحيح أن قيادات القاعدة المختفين في مكان أمريكي ما ومرفهين جدا لدرجة أنهم يطلعون علينا ببيانات للأمة حول مجريات الأمور في العالمين العربي والإسلامي،إلا أنهم لم ينتبهوا إلى ما يجري في فلسطين ويبدوا أنهم يراهنون على تغير أمريكي تجاه إسرائيل عندها ستصدر الأوامر لهم بمعاكسة إسرائيل.
من لم تكن فلسطين قبلته فلا دين ولا إيمان له ،وهذا ما ينطبق على القاعدة الجهادية التي إستباحت كل محرم وإبتعدت عن الحلال الوحيد وهو مقارعة إسرائيل ،ولو فعلت ذلك لشهدنا لها بالحق ولكن الله لن يكتب لها نيل مثل هذا الشرف.
آن للعبث في سوريا أن يتوقف،وأولى الخطوات المطلوبة تطهير سوريا من الظلاميين ،والبدء بحوار وطني صريح وشفاف ،مع إدراكنا لصعوبة ذلك لأن سيل الدماء كان كبيرا .
وأن يتم الإتفاق على صيغة حكم لا تستثني أحدا من القوى السياسية ،وأن يتم تعويض المتضررين جميعا ،وإعادة اللاجئين السوريين وإستغلال الطاقات السورية التي بدأت تهجر بلدها كما فعلت الطاقات العراقية التي إستوطنت في دول الغرب وأعطت زبدة ما عندها والعراق ما يزال ينزف حتى يومناهذا.
مطلوب من دول جوار العراق أن تغير من طريقة تفكيرها ونظرتها للأحداث في سوريا وأركز هنا على تركيا التي لن تسلم من تداعيات الأحداث في سوريا ولعل أحداث تقسيم ليست ببعيدة عنا،كما أن الأردن مستهدف هو الآخر لأن تمكين القاعدة في سوريا سيكون لصالح إسرائيل العابثة في الأردن بكل الطرق.
يجب الإتعاظ من تداعيات سقوط العراق على الأردن على وجه الخصوص ،فسوريا لم تقصر يوما مع الأرد ن وقد كانت تزوده بالمياه العذبة حين كانت إسرائيل تبعث إلينا بمياه صرفها الصحي لنشربها.ناهيك عن أن سوريا هي عمقنا الإستراتيجي ،لكن طبيعة العلاقات العربية –العربية القائمة على التآمر والشك عطلت كل آليات التعامل الإيجابية بين الدول العربية.
ألا تعلم الدول التي تزج بأبنائها الظلاميين في سوريا أن الله أحل الجهاد في فلسطين دفاعا عن أقصاه ومسرى نبيه؟ ألا تعلم أيضا أن الفتنة أشد من القتل وأن نزول قطرة دم من مسلم أشد تأثيرا وإغضابا لله من هدم الكعبة؟ألا تعلم هذه الدول أنها تمارس الفتنة في سوريا؟ ثم ألا يعلم مشايخ السلاطين أن تحريم الجهاد الحقيقي الذي أمر به الله سبحانه حرام وحرام وحرام وسيفضي بمن حرمه إلى الدرك الأسفل من النار إنشاء الله؟