سيناء والارهاب... خاصرة مصر الهشة
شبكة النبأ: منذ عزل الرئيس الإسلامي محمد مرسي تشهد مصر اضطرابات أمنية وعنف متصاعد خاصة في المنطقة الإستراتجية شمال سيناء، ففي الاونة الاخيرة تزايدت الهجمات وتوترات الأمنية بسبب تنمر مجموعة من الجهاديين الاسلاميين التي تهدد باشهار الحرب على الجيش المصري، الذي بدوره شدد لهجته حيال المجموعات الارهابية وخصوصاً المقاتلين المسلحين الموالين للقاعدة والذين يطارد الجيش عشرات منهم في شمال سيناء عند الحدود مع فلسطين.
وقد صعّد من أجواء التوتر والقلق التي تلف البلاد منذ مدة، تزايد الهجمات وأعمال العنف التي تقودها عناصر ارهابية مرتبطة بتنظيم القاعدة، أدت الى وقوع عدد من الضحايا لقوات الامن المصري، ليدفع هذا تطور خطير إلى التحذير من دخول مصر في اتون دوامة الإرهاب المسلح، خصوصا وان مصر تعاني منذ الإطاحة بحكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي، وضعا أمنيا مربكا سمح بصعود تيارات جهادية وانتشار السلاح على نطاق واسع في المناطق الحدودية.
ويعتقد بعض المرقبين أن متشددين إسلاميين مؤيدين لمرسي يقفون وراء الهجمات في المنطقة التي خفت القبضة الأمنية فيها منذ أطاحت انتفاضة شعبية بالرئيس حسني مبارك مطلع عام 2011، إذ يرون انه بعد نجاح ثورة 30 يونيو صعدت الجماعات الإرهابية والإجرامية هجماتها بشكل غير مسبوق، حتى وصلت الخسائر في صفوف الجيش خلال هذين الشهرين تعادل خسائره من ثورة يناير 2011، في هجوم هو الاكثر دموية في سيناء منذ سنوات.
وكانت جماعة أنصار بيت المقدس الإسلامية المتشددة التي تنشط في سيناء أعلنت المسؤولية عن محاولة لاغتيال وزير الداخلية اللواء محمد ابراهيم في القاهرة وتوعدت بشن مزيد من الهجمات للثأر مما يعتبره حملة قمع تعرض لها الإسلاميون في مصر، واقامت مجموعات متطرفة قواعد لها في هذه المنطقة التي تقطنها غالبية من البدو وعلاقتهم بالسلطة المركزية غالبا ما تتسم بالتوتر، كما تشهد المنطقة انواعا مختلفة من التهريب على الحدود الاسرائيلية، وقدمت السلفية الجهادية نفسها لسنوات كمجوعة مقاومة ضد اسرائيل ولكنها ركزت هجماتها مؤخرا على الجيش والشرطة المصريين، مما يطرح سؤالا موحدا تحليل: هل يسعى متشددون لإمارة إسلامية بسيناء؟.
لكن في الوقت نفسه كثفت القوات المصرية العمليات العسكرية مؤخرا في سيناء، فقد بدأ الجيش هجوما بريا واسع النطاق في شمال سيناء بمشاركة قوات جوية وبرية، وتعلن السلطات من وقت لاخر عن مقتل ارهابيين خلال هذه العمليات ضد المجموعات الجهادية المتطرفة.
ويرى الكثير من المحللين يوجد في سيناء عناصر من القاعدة وعناصر من السلفية الجهادية والجماعة الإسلامية، بالإضافة الى الخارجين عن القانون جنائيا وهم ليسوا أصحاب معتقد سياسي او فكري محدد، والجيش يقوم بمتابعة هذه الاصناف الاربعة في محاولة لكبح جماح هذه المجموعات حتى لا تتطور الامور لاعلان الاستقلال كما حدث في فترة ماضية عندما اعلنت قيادة جماعات القاعدة استقلال سيناء عن الدولة المصري، وأن الجيش المصري طور من أداءه وعملياته في الرصد والمتابعة والإستهداف في سيناء، وقضى على الكثير من المسلحين هناك والقى القبض على عدد آخر منهم، مبينا أن اربعة اصناف من المسلحين تهاجم الامن والجيش والمواطنين في سيناء.
وعليه يرى أغلب المحللين أن مصر وتحديدا منقطة سيناء سوف تشهد مرحلة من الاضطرابات الأمنية والعنف، لكنهما مرحلة لن تطول لأن الحملة العسكرية مازالت مستمرة، فضلا كون الجيش المصري اقوى سيما بعد أن نشرت السلطات المصرية في قوات اضافية في سيناء للتصدي للجماعات الجهادية والسلفية لكنها في الوقت نفسه يمكن تسير بمصر صوب انزلاق جديد من الفوضى والعنف.
اضطرابات امنية متصاعدة
في سياق متصل تعرضت حافلة تقل عدداً من أفراد قوات الأمن المصرية بالعريش لإطلاق نار من قبل عناصر "ارهابية مسلحة"، ونقل موقع "المصري اليوم"عن شهود قولهم إن "الباص تعرض لإطلاق نيران كثيفة بمنطقة الوادي الأخضر شرق العريش وعقب ذلك وصل عدد من سيارات الإسعاف"، ولم تشر المصادر الى حصيلة الهجوم. بحسب يونايتد برس.
في أعقاب ذلك أغلقت قوات الأمن طريق العريش الشيخ زويد الدولي. وقال مواطنون إن الطريق تم إغلاقه تماما وتكدست السيارات على الطريق، يشار الى ان الجش المصري يشت منذ ايام حملة ضد المسلحين في سيناء.
على صعيد ذو صلة نقلت صحيفة (الأهرام) المصرية عن مصدر أمني أن الحملة الأمنية في سيناء نجحت حتى الآن في “القضاء على أكثر من 75% من عتاد الإرهابيين والقبض على عناصر مؤثرة لديها معلومات عن هؤلاء الإرهابيين”، كما كشف المصدر عن أن سلاح المهندسين أشرف على مهمة تفجير أحد أكبر الأنفاق على الحدود بين مصر وقطاع غزة.
وأوضح أن سلاح المهندسين أشرف على تفجير النفق الموجود جنوب صلاح الدين بمنطقة زراعات على بعد 120 مترا من خط الحدود مع غزة، مشيرا إلى أن عملية التفجير جرت بوضع متفجرات داخله وتفجيره. وذكر أن هذا النفق كان مجهزا بدرجة كبيرة. بحسب وكالة الانباء الالمانية.
ومن جانب آخر، تواصل السلطات المصرية إغلاق معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة، وقال مدير هيئة المعابر والحدود ماهر أبو صبحة في تصريح نشرته وكالة الصحافة الفلسطينية (صفا) إنه في حال أي جديد سيتم الإعلان فورا عبر موقع الداخلية ووسائل الإعلام. وكانت مصر أغلقت المعبر عقب تفجيرين استهدفا مبنى المخابرات الحربية وكمينا للجيش المصري في رفح.
وكان أبو صبحة كشف أن الجانب الفلسطيني قدم مقترحًا إلى نظيره المصري للخروج من الأزمة التي يعاني منها سكان القطاع الراغبون في السفر، موضحا أن المقترح ينص على معاملة المسافرين على أنهم معتمرين، بحيث يتم تسليم جوازاتهم للجانب المصري ليتم فحصها في أي وقت وعندما يفتح المعبر بالآلية التي يعمل بها حاليًا يتم السماح لهم بالسفر مباشرة، وأضاف أن الجانب الفلسطيني في انتظار رد السلطات المصرية على هذا الاقتراح الذي سيتمكن من حل أزمة المسافرين خلال ثلاثة أو أربعة أيام.
من جهته أعلن الجيش المصري انه سيواصل عملياته لاستهداف البؤر الاجرامية والتكفيرية في سيناء، وقال المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة العقيد أركان حرب أحمد علي، في مؤتمر صحافي عقده بمقر الهيئة العامة للاستعلامات اليوم، ان عناصر القوات المسلحة، تقوم منذ آب/أغسطس 2012 وحتى الآن بحرب غير تقليدية في مواجهة العناصر التكفيرية في سيناء وإحباط مخططاتهم ضد البلاد وأمنها القومي.
وشدِّد على أن القوات المسلحة المصرية ستواصل عملياتها لاستهداف البؤر الإجرامية والتكفيرية في سيناء حتى يعود لها الأمن بشكل كامل.
وأضاف أن عناصر القوات المسلحة والشرطة المدنية "تقوم بإحباط هدف توطين الإرهاب في سيناء وتهديد الأمن القومي المصري والذي قد يمتد إلى تهديد الأمن الإقليمي"، موضحاً أن "وجود الإرهاب في سيناء يعود إلى عدم الاهتمام بها".
وأشار علي إلى أن القوات المسلحة "قامت منذ أسبوع ببدء العمليات الرئيسية من المرحلة الحالية لمواجهة العناصر التكفيرية في سيناء بعد أن بدأت العمليات الإرهابية لتلك العناصر منذ ثورة 30 يونيو 2013 (التي أطاحت بنظام الرئيس السابق محمد مرسي) تطال المدنيين الأبرياء وتستهدف عناصر الأمن وحافلات المصانع والشركات العاملة في سيناء"، لافتاً إلى أن عناصر الجيش والشرطة المدنية تكبدت خلال مواجهة العناصر التكفيرية خسائر في الأفراد والمعدات، وقال أن عناصر متخصصة من الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة المصرية قامت، منذ آب/أغسطس 2012 وحتى الآن، بتدمير 354 نفقاً تربط بين مدينة رفح (أقصى شمال شرق صحراء سيناء) وبين قطاع غزة. بحسب رويترز.
وأضاف المتحدث أن عناصر القوات المسلحة قاموا خلال العمليات الدائرة في سيناء، منذ مطلع تموز/يوليو الفائت بشكل عام والأسبوع الفائت على وجه الخصوص، "بتوقيف 309 من العناصر التكفيرية، وعثرت على 357 قطعة سلاح ثقيل تُستخدم في الحروب من بينها أسلحة وقذائف مضادة للطائرات إلى جانب كميات كبيرة من الأسلحة الخفيفة وقنابل يدوية بعضها مختوم بخاتم "كتائب القسَّام" (الجناح العسكري لحركة حماس الفلسطينية)، بالإضافة إلى صندوق يحتوي على عدد من وثائق وجوازات السفر تستخدمها العناصر التكفيرية للتنقل والسفر"، وأضاف أن عناصر الجيش والشرطة المدنية ضبطت كذلك 203 عربات متنوعة يستخدمها التكفيريون في شن هجمات على عناصر الأمن والمدنيين في سيناء إلى جانب 19 صندوقا تحتوي على ألواح كربون ومساحيق تستخدم في صناعة المتفجرات.
جند الاسلام
على صعيد مختلف اعلنت مجموعة جهادية في شبه جزيرة سيناء المصرية مسؤوليتها عن هجومين بسيارتين مفخختين ضد الجيش اوقعا ستة قتلى في منطقة قريبة من مدينة رفح على الحدود مع قطاع غزة، ونشرت مجموعة ما يسمى بـ جند الاسلام بيان التبني على مواقع جهادية. واتهمت عناصر الجيش المصري باستهداف "المسلمين العزل" خلال الهجوم الواسع النطاق الذي بدأه الجيش قبل اكثر من اسبوع لمواجهة الاسلاميين المتشددين في شبه جزيرة سيناء. بحسب فرانس برس.
واشار البيان الى انه "كان لزاما على اخوانكم فى جماعة "جند الإسلام" سرعة الرد على هذه الجرائم"، مضيفا: "تم استهداف موقعين أمنيين كبيرين من بينهما وكر المخابرات الحربية في رفح والذي تهاوى عن بكرة أبيه"، واوضح متحدث عسكري ان ستة جنود قضوا في هذين الهجومين اللذين استهدفا مقر الاستخبارات العسكرية وحاجزا قريبا منه، ومجموعة "جند الاسلام" غير معروفة وتم التعريف عنها في وسائل الاعلام الرسمية على انها جماعة ناشطين اسلاميين يتخذون مقرا لهم في سيناء.
انتصارات زائفة
في المقابل اكدت مجموعة جهادية مهمة في سيناء في بيان نشرته على شبكة الانترنت ان الجيش المصري "يروج لانتصارات زائفة" في شبه الجزيرة غداة اعلانه عن مقتل ثمانية جهاديين في ضربات جوية نفذتتها مروحيات، وقال بيان نشر على موقع "السلفية الجهادية" ان "الاعلام الحكومي و على رأسه الكذاب العسكري (في اشارة الى المتحدث العسكري) كل دوره هذه الأيام هو الترويج لعمليات زائفة وانتصارات وهمية"، واضاف البيان ان "عمليات الجيش في سيناء ما هي إلا اعتقالات عشوائية للأبرياء و إخراج صورهم على أنهم مسلحون وخطرون وهم من الأبرياء ولا ناقة لهم ولا جمل في أي أحداث في سيناء ، وعمليات قصف لبيوت الأهالي يصورونها على أنها قصف لمواقع المسلحين وكل ما يصرحون به من قتل أو أسر لأعداد كبيرة من المسلحين فهو كذب مفضوح". بحسب فرانس برس.
وكانت مصادر امنية اكدت ان ثمانية على الاقل من الجهاديين الاسلاميين قتلوا واصيب 15 اخرون في ضربات نفذتها مروحيات عسكرية في شمال سيناء، ووصفت المصادر الامنية هذه العملية بأنها "الاكبر من نوعها في سيناء" مؤكدة انها استهدفت مخازن للسلاح والمتفجرات ومنازل كان يختبئ بها جهاديون.
أكبر حملة عسكرية
الى ذلك قتل ثمانية مسلحين اسلاميين واصيب 15 بجروح في غارات نفذتها مروحيات للجيش المصري الثلاثاء في شمال سيناء، كما افادت مصادر امنية، واكد المسؤولون الامنيون ان العملية الجوية التي وصفوها بانها "الاكبر من نوعها في سيناء" والتي كانت مستمرة ظهرا، استهدفت مخازن اسلحة ومتفجرات ومنازل كان يختبىء فيها المقاتلون الاسلاميون، وافاد شهود ان اربع مروحيات اباتشي اطلقت نحو 15 قنبلة ابتداء من على عدة قرى جنوب رفح، حيث يوجد معبر رفح الذي يصل قطاع غزة بمصر، واكد الشهود ان ستة منازل هدمت، فيما اقدم مسلحون يعتقد انهم اعضاء في حركة جهادية اسلامية على قتل مواطن قبطي الاحد في شبه جزيرة سيناء، شمال شرق مصر، كما افادت مصادر امنية وكالة فرانس برس.
واستنادا الى هذه المصادر فان هاني سمير كامل (37 سنة) قتل بالرصاص في مدينة العريش، عاصمة محافظة شمال سيناء حيث تزايدت الهجمات التي تشنها الحركات الجهادية المتطرفة على قوات الامن والمسيحيين منذ عزل الرئيس الاسلامي محمد مرسي في 3 تموز/يوليو الماضي، واوضحت المصادر نفسها ان الجناة تمكنوا من الفرار.
شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 18/أيلول/2013 - 11/ذو القعدة/1434