عسكرة وزارة التنمية الاجتماعية
منيرة فخرو
فاجأتنا الصحف منذ أيام بخبر استغرب منه الجميع، وهو تصريح إحدى مسؤولات وزارة التنمية الاجتماعية بقرب انتهاء الوزارة من توحيد زي الباحثات الاجتماعيات بقسم الخدمات الاجتماعية واللواتي يصل عددهن إلى 26 باحثة منوهة أن الزي الموحد سوف يعمم على الباحثات منتصف الشهر المقبل.
وأوضحت بأن وزيرة التنمية الاجتماعية فاطمة البلوشي قد وجهت إلى توحيد زي الباحثات، والذي سيتضمن ألواناً هي الأسود الرصاصي والأبيض. ويشمل الزي، حسب ما أوردته صحيفة ''أخبار الخليج''، ثلاثة أنواع هي البالطو الطويل والبنطال والقميص أو التنورة والقميص.
الزي الموحد أو ''اليونيفورم'' يتم ارتداؤه في الجيش والبوليس وفي بعض المدارس (ابتدائية وإعدادية وثانوية) ويرتدى في السجون للرجال والنساء وفي المستشفيات، كما ترتديه الفرق الرياضية ومضيفات الطيران بل حتى راقصات الاستعراضات في المسارح يرتدين زياً موحداً، لكن ليس في دوائر الحكومة من قبل باحثات اجتماعيات يدخلن بيوت المواطنين ويحتجن فقط إلى إبراز بطاقتهن الشخصية أو المهنية كي يمارسن عملهن.
سبحان الله.. لم تجد الوزارة أحداً تفرض عليه زيها سوى الباحثات الاجتماعيات اللاتي، كما نما إلى علمي، قد أبدين احتجاجهن على فرض هذا الزي عليهن وكأنهن قطيع لا يؤخذ بقبوله أو رفضه فقيل لهن: نحن نعطيكن الأوامر وأنتن تنفذنها، مع العلم بأن الموظفات صاحبات الشأن خريجات خدمة اجتماعية تخرجن من جامعات مختلفة. لم أسمع بقرار من هذا النوع في أي مجتمع متحضر، فالباحثة الاجتماعية هي موظفة ومواطنة قبل أن تكون أي شيء آخر ويجري عليها ما يجري على سائر موظفات الوزارة. وهن لسن ممرضات أو عاملات في مصنع ولا هن ينتمين إلى وزارة الدفاع أو الداخلية كي يلبسن ''اليونيفورم''. فلماذا قررت وزيرة التنمية إجبارهن على لبس ما لا يرتضينه؟ علماً بأن غالبيتهن محجبات ومحتشمات في مظهرهن العام لكن كما يبدو فالنساء دائماً هن من يجبرن على الالتزام بزي معين وليس الرجال.
تتابع رئيس قسم الخدمات المجتمعية التي أوردت الخبر إلى الصحف بأن ''توحيد الزي للباحثات وتنفيذ مشروع البحث الاجتماعي الشامل يأتي ضمن ملامح خطة الوزارة في عام 2008 من أبرزها التركيز على مبدأ الشراكة الاجتماعية مع مؤسسات المجتمع المدني من خلال تنفيذ برامج تلك المؤسسات في المراكز الاجتماعية. وتوحيد الزي الرسمي للباحثات الاجتماعيات واستخدام تلك الباحثات لجهاز الكتروني صغير بحجم كف اليد خلال البحث الاجتماعي متصل بالشبكة الرئيسة للوزارة'' انتهى الاقتباس. نحن نهنئ الوزارة على استعمالها لأحدث الأجهزة التي هي بحجم كف اليد، ولكن ما علاقة كل ذلك بتوحيد الزي؟ ومن هو مصمم الأزياء الذي اختار للوزارة تلك الألوان الصماء أبيض وأسود ورمادي؟ علماً بأن الوزارة ستقدم لكل واحدة منهن أربع بدلات اثنتان للصيف واثنتان للشتاء.
بعد فترة قصيرة ستنتقل وزارة التنمية الاجتماعية إلى مقرها الجديد حيث ستستأجر ثلاثة طوابق في مبنى المرفأ المالي، علماً بأن الباحثات الاجتماعيات سوف يبقين في المراكز الاجتماعية الثمانية الموزعة على مختلف مناطق البحرين فهل لذلك علاقة بوضع الوزارة الجديد؟ أم هي مقدمة لإلباس جميع موظفات الوزارة زياً موحداً كما تناهى إلى سمعنا؟
نود أن نسمع تبرير الوزارة على هذا التصرف الغريب الذي رفضته الباحثات المعنيات ونتمنى أن تصرف الوزارة اهتمامها على أمور أكثر جدية تواجهها مثل زيادة المساعدات المالية للأسر المحتاجة لمواجهة الغلاء ومثل بناء مؤسسات متقدمة لذوي الاحتياجات الخاصة وغيرها الكثير بدل أن تصرف وقتها في اختيار لباس موظفاتها.