في حضرة الذاكرة.. أمجاد يا عرب أمجاد
بقلم: محمد جبر الريفي
أحببت إذاعة صوت العرب منذ أن سمعت فيها نشيد أمجاد يا عرب أمجاد وهو الذي يذاع كل صباح عند بدء الإرسال ومن يومها تملكتني فكرة العروبة أجدت أثناء دراستي في المرحلة الابتدائية كتابة مواضيع الإنشاء عن العدوان الثلاثي وانتصار بورسعيد وثورة الجزائر وجميلة بوحريد، وفي الفصل كان الأستاذ منصور مدرس مادة اللغة العربية بمدرسة الإمام الشافعي الابتدائية بمدينة غزة يدعوني لاقرأ على تلاميذ الفصل ما اكتبه.
هكذا كان نشيد أمجاد ياعرب أمجاد حافزاً لي منذ الصغر على حب اللغة العربية الذي أبدع فيها عميد الأدب العربي طه حسين في كتابة كل نتاجه الأدبي كما نال فيها فارس الرواية العربية نجيب محفوظ جائزة نوبل للآداب، في حين شغف القراء بها بأعمال توفيق الحكيم المسرحية ووقائع يومياته في رواية يوميات نائب في الأرياف.
وجدت في لغتنا العربية حبي الأول ومتعتي المفضلة قراءة وكتابة واستمتاعاً وبالتحاقي بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة عام 64 من القرن الماضي اكتشفت فيها أكثر جمال اللغة دلالة الكلمة ودقة اللفظ وسعة المعنى، ظلت كلية دار العلوم منذ تأسيسها قلعة اللغة الحصينة ضد دعاة العامية وفكر الاستشراق والتغريب الحضاري أما إذاعة صوت العرب فقد استمرت هي الأخرى أنيسي المحبب في القاهرة كل صباح أسمع فيها نشيدي المفضل أمجاد يا عرب أمجاد وتعليق أحمد سعيد وخطاب عبد الناصر، وكنت بذلك أفضلها كثيراً على كل الإذاعات العربية.
غير أنه بعد هزيمة يونيو حزيران 67 التي وقعت في مثل هذه الأيام وما سببته من صدمة نفسية وخيبة أمل الجماهير العربية من جراء بيانات المذيع أحمد سعيد عند بدء الحرب وإعلانه عن سقوط مئات الطائرات الإسرائيلية المهاجمة ثم رحيل عبد الناصر وما تبع ذلك من تراجع المد القومي بعقد اتفاقية كامب ديفيد التي أخرجت مصر من دائرة الصراع العربي الصهيوني لم تعد إذاعة صوت العرب عندي إلا ذكرى جميلة من ذكريات الزمن الجميل الذي دائما يراودنا نحن العرب الحنين إليه لكن نشيد أمجاد يا عرب أمجاد الذي مازال يفتتح به الإرسال حتى يومنا هذا ما زال يتملك احساسي ويبعث في نفسي وروحي نشوة فكرة العروبة والانتماء القومي.