كنت كل يوم بشوفها طالعة للغيط راكبه العربية الكارو ورابطة فيها الجموستين بتوعها وأنا ماشي رايح الغيط عندنا قبل م أشتغل مدرس . وفي يوم قابلتها وهي رايحة الغيط كالعادة فسلمت عليا بوشها البشوش وقالت لي : ازيك يا تكتور عامل ايه يا روح خالتك ؟
أضحك على كلمة تكتور اللي طالعة منها بكل طيبة وتلقائية لناس عمرها ما شافت الحقد والغل وأبتسمت
وقولت لها : الحمد لله يا خالة حسنات بخير الحمد لله وشكرا على كلمة دكتور اللى طالعة منك زي العسل ، بس متهيألي مش هينفع ياخالة لأنى أدبي مش علمى .
تضحك وتقول : الله يجازيك خير ياروح خالتك على الكلام الكبير اللي بتقوله ده ومش فاهماه ما تأخذنيش أصل ما اتعلمتش . بس أنا شايفاك تكتور إن شاء الله.
قلت لها وإنا بضحك : تسلمي والله يا خالة حسنات ، بس عايز أسألك سؤال ؟
انتى مش كفاية عليكى خدمة في الغيط كدا وتقعدي معززة مكرمة وتبيعي العربية والحمار والجاموستين دول ؟
لقيت وشها اتاخد كدا وقالت : اخس عليك يا تكتور أحمد كدا تتكلم قدام الحتتين البهايم وتقول في وشي كدا .
أنا الحمد لله ربنا ما رزقنيش بأولاد وجوزي مات الله يرحمه ولكن لقيت في الحتتين البهايم دول ولادى والأرض بتفرح بيا وأنا براعيها وبحس بفرحة الزرع بيا لما بسقيه وأراعيه ، وغلوتك يا روح خالتك أوقات كتير بقعد أتكلم مع البهايم بعد لما أصلي العشا وبسيب لهم النور والع عشان بيخافوا من الضلمة ولما بتروح عليا نومه عن صلاة الفجر ألاقيهم بينادوا عشان يصحونى . انت ممكن تشوف كلامي ده غريب بس هو دا اللي بيحصل وزعلت لما قولت في وش البهايم كدا عشان بيزعلوا . أنا يا ابنى زي السمك اللى لو طلع من الميه يموت ، ابأه افتكرنى يا واد ياتكتور واكتب عنى قصة من قصصك اللي العيال بيتكلموا عنهم دول وابأه زور الارض بعد ما أموت حتى لو راحت لمين .
وفجأة لقيت عينيها دمعت وقالت : أنا حاسه يا روح خالتك إن اللى باقى ليا في الدنيا مش كتير .
قلت لها : كلامك يا خاله حسنات يتدرس في الكتب والله.
وعشان أضحكها قلت لها : بس أنا عايزك تصالحينى على الجاموستين دول والحمار كمان أقولك والعربية عشان شكلهم زعلوا من كلامي .
ضحكت وقالت : هم بيحبولك ومسامحينك ما تقلقش .
مر بعدها أسبوع واحنا راجعين من صلاة الفجر لقينا باب الخالة حسنات ما اتفتحش وفطرنا واحنا ماشيين على الغيط بردو ما اتفتحش ، فقلقنا وخبطنا عليها بس مش بترد . كسرنا الباب لقيناها ميتة وهي ساجدة . حتى الجموستين والحمار لقيناهم ميتين ، شكلهم لقوها ما دخلتش عليهم بعد الفجر زي العادة وحسوا انها ماتت فماتوا من الزعل .
ماتت الطيبة اللي كانت ماشية على الأرض واتفق أهل البلد نبني مدرسة في أرضها ونسميها مدرسة الحسنات تخليدا لذكرها . ومرت سنين وأنا حاليا مدرس في المدرسة وبروح الصبح أبتسم وأبص لأرض المدرسة وأقول ازيكم أخباركم إيه ندعي بأه للخالة حسنات . وأنا بكتب قاعد في الحوش بكتب القصة لقيتنى كنت بقول كلمة بس كتير واكتسبتها من كلامي مع الخالة حسنات ، فافتكرت إن اللى بنحبهم بناخد من كلامهم ومن طباعهم بدون ما نحس . وبس
#طيبة
#أحمد_سيد_رجب