# من صور البِر ..!!
* تقول تقدّم أحدُهم لخطبتي
وكان شرطُه الوحيد للزواج
هو الإعتناء بوالدته ،،
قال بأنه لن يطلب مني أكثر من ذلك
فقط أُراعي أمه وقت غيابه...
فأُمه طريحة الفراش منذ عشرة أعوام ،،
فبعد وفاة والده لم يبق له سواها في الحياه ،،
فقط هذا شرطي.. أمي....
أعرف بأنكِ لستٍ مُكّلفه برعايتها أو خدمتها
ولكن إذا وافقتِ
فستعملين ذلك من باب إنسانيتك
وطاعةً لي..
هكذا أخبرني...
كانت أمه تعرضت لحادث سير مُرعب
فقدت معه التحكم في جسمها بالكامل
وشُلت أطرافها ،،
وكان هو القائم برعايتها ،
ولكن نظراً لدراسته وعمله
هناك أوقات يغيب عنها
وهي بحاجة إلي أدوية وإهتمام...
فكّرت كثيراً وتحيّرت أكثر ،
فهذا كأنه بحاجه إلى خادمه
وليس زوجه...
تكلّمت مع والدي الذي خفف من ضجيج تفكيري
وقال لي :
اسمعي يا ابنتي
هذا مستقبلك
وليس لي حق التأثير عليكِ
ولكن طالما سألتيني عن رأيي
فأنا أؤمن جيداً
بأن صنائع المعروف تقي مصارع السوء ،،
وشخص كهذا حريص على والدته
فلن يُضّيعك معه
ولن يظلمك حقك...
إن أحبك أكرمك ،
وإن كرهك لن يظلمك ،،
فإذا كنتِ ستُراعين أمه
ليس بشكل يُرضيه
ولكن ستضعينها في مقام أمك
فاقبلي ابنتي ،،
وإذا كان الشيطان سيجد بابه إلى قلبك
فيحملك على ظُلمها فقولك لا.....
أسلم لكِ..
تزّوجنا فعلاً ،،
وفي أول ليلة لي معه
أخذني إلى غُرفتها ،،
صُعقت من منظر الغرفة
كانت كقطعة من الجنة ،،
ألوانها ،،
ترتيبها ،،
وسائل التدفئه فيها ،،
مُختلفةً تماماً عن باقي البيت ،،
تركني واقترب من سريرها
كانت نائمة
أخذ يهز كتفها برفق قائلاً :
أمي.. أمي،،
لقد أحضرت هديتي لكِ ،،
هذه زوجتي
الا تريدي رؤيتها!!!
فتحت عينيها برفق
ونظرت له بإبتسامة ودعه
ثم حوّلت نظرها عليّ ،،
لا أستطيع وصف تلك اللحظة ،،
كانت عيونها مليئةً بألم
وثغرها مبتسم بحُزن ،،
كان وجهها كالقمر في ليلة تمامه ،،
هادئ جداً لإمرأه في السبعين من عمرها...
قالت : مُبارك عليكِ بُنيتي زفافك ،،
وأدعو الله أن يهدي لكِ صغيري هذا ،،
وأن يرزُقك ولداً باراً مثله ،،
وألا تكوني ثقيلة عليه مثلي ،،
ثم ذرفت عينيها دموعاً أشبه بفيضان سُمح له بالجريان..
سارع لمسح دموعها
وقال : هذا الكلام يُغضبني
وأنتِ تعلمين ذلك ،،
أرجوكي يا أماه لا تُعيدها ،،
واقتربت أنا منها
وقبّلت يدها ورأسها
وقلت : آمين.. يا أمي...
مرّت أيامي في هذا البيت
ودهشتي فيه تزيد يوماً بعد يوم ،،
كان هو من يُغيّر لها الحفّاظ ،،
وكان يُحمّمُها في مكانها بفرشاة الإستحمام...
وكان يُبلل لها شعرها ،،
ويُسّرحه لها
وعندما تألمت من المشط
أحضر لها مشط غريب
كان من الورق المقُوّى
ناعم من أجل فروة رأسها ،،
كان قد رآه في أحد الإعلانات التجارية....
فأحضره لها ،،
سُرّت جداً بذلك المشط ،،
كان يُضّفر لها شعرها في جديلتين صغيرتين ،،
كانت تخجل عندما يفعل لها ذلك
وتبتسم بحياء
وتقول :
لست صغيرةً لكي تفعل هذا أيها الولد ،،
فلتُنهي ذلك ،،،
كان يرد :
عندما يُعجب أحدهم بكِ
فستشكُريني ..
عندها تغرق في ضحكٍ عميق
كنت أراه من خلف ذلك الضحك
ينظر لها كطفل ما زال في السادسة من عمره....
حقاً كان يُحبها....
لا أعرف ماذا قصد عندما أخبرني بأنه يريدني أن أعتني بها ،،
هو يفعل كل شيئ ....
أخبرني بأن وقت خروجه وعمله يستثقله عليها
بأن تكون فيه وحيده....
كنت أستغرب كيف يجد وقت لكل ذلك ،،،
فقط كنت أنا أساعدها في تناول وجباتها وأخذ أدويتها....
هذا كل دوري...
أحببت علاقته بها جداً ،
كان مُتعلق بها وهي أكثر ،،
كان يستيقظ في الليل على الأقل ثلاث مرات
لينقلها من جانب لآخر
حتى لا تُصاب بقُرح الفراش
وليطمئن عليها....
كان مع كل مُناسبه
يُحضر لها ملابس جديدة ،،
ويُشعرها بجو تلك المناسبة بمساعدة التكنولوجيا...
وفي أحد المرات
كان قد نسي إحضار حفاظاً لها ،،
وعندما استيقظ ليلاً للإطمئنان عليها
شم رائحة قذاره
فعرف أنها قد أحدثت على نفسها ،،
كانت تبكي بحرقة
وتقول آسفه حدث ذلك رغماً عني...
كان مُنهمكاً في تنظيفها
وهي تبكي وتقول :
أنت لا تستحق مني ذلك..
هذا ليس جزاءً لائقاً بك ،،
أدعو الله أن يُعجّل بما بقي لي من أيام...
أخبرها قائلاً :
أفعل ذلك أمي بنفس درجة الرضا
التي كنتِ تفعليها بها في صغري ،،
وبكيتُ أنا ،،
هذا الرجل فعلاً رزق....
أنجبت منه ولد ،،
تمنيت أن يكون مثله في كل شيئ ،،
فحملته وذهبت به عند جدته
ووضعته في حضنها
وقلت لها :
أريده مثل ابنك...
فابتسمت وقالت :
صغيري هذا رزق لي ،،
والرزق بيد الله عزيزتي ،،
فادعي الله أن يُربيه لكِ...
كانت حياته كُلها بركةً وخير ،
لم يتذمر منها قط
لا أمامي ولا أمام غيري....
كانت رائحته تفوح بالِبر بأمه
حتى ظننتُ أنها تكفي جميع العاقين......
اللهم ارزقنا بر آبائنا وأمهاتنا
أحياء واموات
اللهم آمين