عندما سقطت بغداد على يد المغول عام 1258م قتل من اهل المدينة أعدادًا ضخمةً جدًا، وقد تناثرت الجُثث في الطُرقُات كأنها التُّلُولُ، ثُمَّ تساقطت عليهم الأمطار فتغيَّرت صُورتهم، وأنتنت المدينة من جيفهم، وتغيَّر الهواء، واضطر هولاكو أن ينقل مُخيمه من المدينة بِسبب رائحة العُفونة التي انطلقت من جيف القتلى.
وحصل بِسبب ذلك وباءٌ شديد حتَّى تعَدَّى وسرى في الهواء إِلى الشَّام، فمات خلقٌ كثيرٌ من تغيُّر الجوِّ وفسادِ الرِّيحِ في حلب ودمشق. يقولُ ابن كثير في هذا المجال: «فَاجْتَمَعَ عَلَى النَّاسِ الْغَلَاءُ وَالْوَبَاءُ وَالْفِنَاءُ وَالطَّعْنُ وَالطَّاعُونُ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ». وسُرعان ما أُصيب بالوباء الكثير من الأشخاص الذين نجوا من المذبحة، فماتوا هم أيضًا. ويُقال أنَّ هولاكو كان قد عقد العزم على إحراق بغداد عن بُكرة أبيها قبل أن يُغادرها لِكثرة ما أنتن جوُّها وبعد أن لم يبقى فيها من معالم الحضارة والعمران إلَّا اليسير، لكنَّ (كتبغا) احد قادته نصحهُ ألَّا يفعل لأنَّ بغداد مدينة كبيرة ومقصد التُجَّار من كُل حدبٍ وصوب، ويُمكنُها أن تأتي للمغول بالأموال الطائلة، فصرف هولاكو النظر عن إحراقها.
اليوم جو العراق بعد عيد الاضحى وذبح الضحايا رائحة لاتطاق ...