الكاتب اليمني، رائد الجحافي، يقتطف بعضا من مقدمة ابن خلدون بمقالة أسماها «ابن خلدون، الجاسوس»، وهي عبارة عن مقتطفات لرؤية مستقبلية قبل سبعة قرون، خطها ابن خلدون في مقدمته الشهيرة، فرأى ما لم نستطع أن نراه حتى ونحن نعيش عصرنا الحاضر، إنها إحدى روائع ابن خلدون، رائد علم الاجتماع في العالم، فقال فيها:
" عندما تنهار الدول يكثر فيها المنجمون، والمتسولون، والمنافقون، والمدّعون، والكتبة والقوّالون، والمغنون النشاز، والشعراء النظّامون، والمتصعلكون، وضاربو المندل (قد يكون الدف) وقارعو الطبول، والمتفيهقون، وقارئو الكفّ بالطالع والنازل، والمتسيّسون، والمدّاحون والهجّاؤون، وعابرو السبيل والانتهازيون، فتتكشف الأقنعة ويختلط ما لا يختلط، يضيع التقدير ويسوء التدبير، وتختلط المعاني والكلام، ويختلط الصدق بالكذب، والجهاد بالقتل.
عندما تنهار الدول، يسود الرعب ويلوذ الناس بالطوائف، وتظهر العجائب وتعم الإشاعة، ويتحول الصديق إلى عدو والعدو إلى صديق، ويعلو صوت الباطل ويخفت صوت الحق، وتظهر على السطح وجوه مريبة وتختفي وجوه مؤنسة، وتشح الأحلام ويموت الأمل، وتزداد غربة العاقل، وتضيع ملامح الوجوه..
يضيع صوت الحكماء في ضجيج الخطباء، والمزايدات على الانتماء..
يصبح الكل في حالة تأهب وانتظار، ويتحول الوضع الى مشروعات مهاجرين، ويتحول الوطن إلى محطة سفر، والمراتع التي نعيش فيها إلى حقائب، والبيوت إلى ذكريات، والذكريات إلى حكايات! "
رحمك الله يا ابن خلدون. هل كنت تتجسس على مستقبلنا؟ استطعتَ أن ترى ما عجزنا عن رؤيته حتى يومنا هذا!
.
#المجلة_الثقافية_الجزائرية