ذكرى مقتل الملك فيصل ونهاية النظام الملكي
تلخيص 41سنة من تاريخ العراق من ثورة العشرين إلى ثورة تموز، وأهم الأحداث خلال حكم الملوك
-
-
بداية الملكية وتولي فيصل الأول
-
-
في عام 1917م وقعت العراق تحت الإحتلال البريطاني بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، وأعلنت بريطانيا تطبيق سياسة الإحتلال المباشر وضم العراق للتاج البريطاني، ثم طبقت سياسات عنصرية سعت لتحويل العراق من بلد عربي إلى بلد هندي، فيما عرف تاريخيا بخطة "تهنيد العراق" فسعت لجلب المهاجرين الهنود لتحقيق هذا الأمر.
-
فاندلعت في عام 1920م ثورة العشرين وهذا أدى لتراجع بريطانيا عن خطة التهنيد، وكذلك حولت وضع العراق من الإحتلال المباشر إلى الإنتداب، ووافقت على أن يكون في العراق حكومة وطنية ملكية، فترشح للعرش عدد كبير من الطامحين وأهمهم خزعل الكعبي أمير عربستان، وطالب النقيب نقيب اشراف البصرة، والمرشح الأقوى الامير فيصل بن الشريف حسين قائد الثورة العربية ضد العثمانيين، وتم انتخاب الأمير فيصل في عام 1921م ملكا على العراق.
-
-
حكم فيصل الأول والإستقلال
-
-
بدأ الملك فيصل عهده بمد الطرق من بغداد الى دمشق وعمان، وذلك لقناعته بأحقيته بحكم هذه البلاد مستقبلا، حيث كان له أيضا هدف اقتصادي من ذلك حيث اهتم بحقل نفط الموصل، وسعى لبناء خط أنابيب نفط إلى ميناء على البحر المتوسط، مما سيساعد العراق اقتصاديًا في حال سيطرته على بلاد الشام، كما بذل فيصل جهودًا كبيرة لبناء الجيش العراقي، وأما أكبر إنجازاته فهو تحقيق إستقلال العراق وإنهاء الانتداب في عام 1932م، ثم سعى للدخول في مفاوضات مع بريطانيا لتغيير الأوضاع في فلسطين ولكنه توفي في عام 1933م وقيل أنه مات مسموما
-
-
حكم الملك غازي
-
-
في عام 1933م تولى الحكم الملك غازي وكان شابا وطنيا متحمسا، واعتبر أن إتفاقية الإستقلال غير حقيقية، حيث إتهم بريطانيا بأنها تحكم العراق عن طريق رجالها وبما تملكه من نفوذ في الاقتصاد العراقي وبالشروط العسكرية التي في صالح بريطانيا، فسعى لإقصاء مسؤولين عراقيين وأهمهم نوري السعيد وكذلك رفض التعاون مع شركات النفط البريطانية، وتقرب غازي من الألمان، وأصبح صديق شخصي للزعيم النازي، وقام الإلمان بإعطائه معدات لإنشاء إذاعة جديدة، وجعلها الملك غازي في قصر الحكم، وأطلق عليها اسم "راديو قصر الزهور"، وكان يتولى بنفسه إذاعة الأخبار والتعليقات، وهو ما اعتبرته بريطانيا دعاية وطنية وقومية حادّة، فازدادت شعبيته في الدول العربية المجاورة، واعتبر غازي أن مساحة العراق أكبر من المساحة التي يحكمها، واستمر في الحكم إلى ان توفي عام 1939م وهنالك روايتين حول وفاته فالأولى تقول أنه مات في حادث سير والثانية تقول بأنه قتل.
-
-
حكم الوصي عبد الإله
-
-
في عام 1939م تم تنصيب الامير عبد الاله حاكما على العراق بصفته وصيا على عرش الملك الطفل فيصل الثاني، وفقد الحكم لفترة قليلة عام 1941م بسبب ثورة رشيد عالي الكيلاني الرافضة لأي نفوذ بريطاني، ولكن بريطانيا قمعت هذه الثورة وعاد معها الوصي عبد الإله ونوري السعيد وتم لاحقا إعدام العقداء الأربعة العقيد صلاح الدين الصباغ والعقيد كامل شبيب والعقيد فهمي سعيد والعقيد محمود سلمان وهذا أدى لإنخفاض شعبية الوصي عبد الإله ونوري السعيد وإعتبارهم عملاء عند الكثير من العراقيين.
-
وأما حرب فلسطين عام 1948م فهي السبب الأكبر لكره الجيش العراقي للعائلة الملكية، حيث وجد الضباط العراقيون الشجعان أنفسهم تحت قيادة البريطاني جلوب باشا، وأتتهم أوامر بالتحرك فقط في المناطق العربية في خطة التقسيم، ولكن الجيش العراقي عصى الأوامر وحرر مدينة جنين وحقق إنتصارات متلاحقة على العصابات الصهيونية، وكانوا يستعدون للتقدم لتحرير مدينة حيفا، ولكن رغم هذه الإنتصارات اتتهم أوامر بالإنسحاب ثم تمت الموافقة على الهدنة التي أنهت الحرب، وهذا أدى لإنتشار كره النظام الملكي داخل صفوف الجيش.
-
-
حكم الملك فيصل الثاني
-
-
في عام 1953م تولى الحكم الملك فيصل الثاني بعد أن بلغ السن القانوني للحكم، وبقي يعتمد في المشورة السياسية على خاله الوصي عبد الإله والباشا نوري السعيد، وسعى لإستثمار عوائد النفط لإقامة مشاريع تنموية، ولكنها لم تحل مشكلة الفقر في العراق، فكان هنالك فجوة بين أقلية تعيش في رفاهية وبين غالبية الشعب العراقي الذي يعيش في فقر، وسيطرت الطبقة العليا على البرلمان، وزاد النفور الشعبي عندما دخل العراق في حلف بغداد عام 1955م، وفي عام 1956م إندلعت أعمال شغب في الموصل والنجف ولكن تم قمعها.
-
وكان الخطر الأهم على عرش فيصل الثاني هو ظهور زعيم عربي ذو شعبية كبيرة وهو الرئيس المصري جمال عبد الناصر الذي كان يعتبر الأنظمة الملكية أنظمة رجعية ويعمل على خلعها وعلى أن يصبح زعيما لجميع البلاد العربية، وزاد الخطر حينما إتحدت مصر وسوريا عام 1958م بزعامة جمال عبد الناصر بدولة واحدة وهي "الجمهورية العربية المتحدة"، فأعلن فيصل الثاني والملك حسين إتحاد العراق والأردن بدولة كونفدرالية بإسم "الإتحاد العربي الهاشمي"
-
-
إستهتار الحكومة الملكية بالتنظيم الإنقلابي
-
-
بعد الهزيمة في حرب فلسطين ظهر تنظيمان يسعيان للإنقلاب وإنهاء الملكية وهما "تنظيم المنصور" و"تنظيم الضباط الأحرار" وحدث إتحاد بينهما عام 1956م، وفي عام 1957م أصبح عبد الكريم قاسم زعيما للتنظيم، وكان إستهتار الوصي عبد الإله ونوري السعيد أحد أسباب النهاية حيث أتت أخبار للحكومة في عام 1956م عن تنظيم في الجيش يسعى للإنقلاب فقاموا بتشتيت ونقل الضباط لأماكن متفرقة بدلا من أن يقوموا بإعتقالهم وفصلهم، وكذلك أرسل ملك الأردن حسين رسالتين الأولى في 1958/07/01م والثانية في 1958/07/11 م يؤكد وجود إنقلاب عسكري وشيك ويذكر إسم عبد الكريم قاسم كقائد للتنظيم، ولكن الحكومة العراقية استهانت وبل ردت بأنها مستاءة من الإنذارات الأردنية، وأن كل ما ورد فيها شائعات، وأن عبد الكريم قاسم علاقته ممتازة مع فيصل الثاني ونوري السعيد.
-
-
ثورة تموز ونهاية الملكية
-
-
كان تنظيم الضباط الأحرار واضع خطة كاملة بإنتظار الوقت المناسب لتنفيذها، وأتت الفرصة حينما طلبت الأردن مُساعدة من العراق، خوفاً من قيام ثورة في لبنان قد تمتد إلى الأردن، وأرسلت الحكومة العراقية لواء مكون من 3 أفواج كان من ضمنها فوج بقيادة عبد السلام عارف، وأبلغ عبد السلام عارف قائده بأن مساره الى بغداد ثم الفلوجة ثم الأردن، فاستغل عبد السلام عارف الأمر ودخل إلى بغداد ولم يخرج منها وسيطر على معسكر الرشيد في أول ساعات يوم 14 تموز 1958م ثم قطع الإتصالات بين وزارة الداخلية ورئاسة الوزراء ثم سيطر على مبنى التلفزيون والإذاعة وأذاع بيان الثورة وأعلن الجمهورية العراقية ونهاية النظام الملكي فتحركت وحدات مختلفة من الجيش العراقي لتنضم للثورة.
-
ومع طلوع الشمس وصل الجيش إلى قصر الرحاب الذي يقيم به الملك وحدثت مَقاومة شرسة واشتباكات قوية، وانضم للمهاجمين جنوداً من معسكر الوشاش وانضم العقيد طه البامرني آمر الحرس الملكي إلى المتمردين، فأعلن الملك فيصل الإستسلام.
-
-
مقتل الملك فيصل الثاني
-
-
نفذت العائلة الملكية أوامر المهاجمين وخرجت من القصر وخرج الملك فيصل الثاني والمصحف فوق رأسه وطلب الضباط الأحرار منهم السير عند حديقة القصر، وأثناء سيرهم في حديقة القصر قام النقيب عبد الستار العبوسي بإطلاق النار عليهم فقتل الملك فيصل الثاني والوصي والملكة نفيسة ووالدة الأمير عبد الإله والأميرة عابدية.
-
وقال النقيب عبد الستار العبوسي لاحقا بأنه قتلهم كي لا يتكرر ما حدث عام 1941م حينما تم خلع عبد الإله وعاد وانتقم بالشنق والتنكيل بمن تمردوا ضده من الضباط، وتم سحل جثة عبد الإله ثم تعليقها على وزارة الدفاع، وأما جثة الملك فيصل الثاني فقد نُقلت إلى مستشفى الرشيد العسكري، وفي المساء دفن الملك قرب المستشفى، وفي عهد الرئيس صدام حسين تم نقل جثة الملك فيصل الثاني إلى المقبرة الملكية في الأعظمية.
***** المصادر:
1) الملك فيصل ودوره السياسي في العراق، علاء جاسم
2) الملك فيصل الأول، عبد المجيد كامل
3) زلزال في أرض الشقاق، كمال ديب.
4) تاريخ العراق الحديث والمعاصر، محمد سهيل طقوش
5) تاريخ الوزارات العراقية، عبد الرزاق الحسني
6) حكام العراق، جلال النعيمي
7) الجيش والدولة في العراق، سامح رشيد القبج
ثورة 14 تموز 1958 في العراق، ليث الزبيدي
****************
كتب بقلم:
المؤرخ تامر الزغاري
****************