عشان ننهي الجدل بتاع مين اللي بني الاهرامات قوم عاد ولا المصريين ولا الفضائيين ......
سر بناء الأهرامات ............
قبل حوالي 25 قرنًا قبل الميلاد، وتحديدًا ما بين 2480 و2550 ق. م، استطاع قدماء المصريين نقل ملايين الكتل الحجرية، التي تزن الواحدة منها أطنانًا، لبناء هرم يزن ستة ملايين وخمسمائة ألف طن يمكن رؤيته من الفضاء، في فترة استغرقت 20 عامًا، فكيف فعلوا ذلك دون الاستعانة بأي تكنولوجيا حديثة، أو شركات إنشاء ضخمة، أو معدات ثقيلة؟ هذا إذا نحِّينا جانبًا- مؤقتًا- عظمة البناء، ودقة التصميم المعماري.
أساطير كثيرة نُسِجَت للإجابة عن هذا التساؤل، ما بين قائلٍ إن ذلك من صنيع سكان قارة أطلنطس المفقودة، ومفترضٍ أن عماليقًا من تحت الأرض أو كائنات فضائية هم من أتمَّوا هذا البناء العجائبيّ، وزاعمٍ أنه بني بواسطة السحر، وأكثرهم واقعيةً نسب ذلك إلى عبقرية المصريين القدماء التي أذهلت العالم، ولم تُكتَشَف أبعادها الكاملة حتى الآن.
مرجعُ العجب يعود إلى أن الزلاجات المستخدمة كانت بدائية جدا؛ عبارة عن ألواح خشبية بسيطة مقلوبة الحواف، وسحبها فوق الرمال الساخنة مع حمولة تفوق طنين، لابد وأن يخلق جدارًا رمليا أمام الزلاجة، حتى قبل أن تبدأ في التحرك، ما يجعل التقدم شبه مستحيل.. الحل المنطقي الوحيد، هو إزالة الرمال المكدسة باستمرار؛ ما يجعل عملية النقل شاقة ومملة.
فكيف قلَّل المصريون القدماء احتكاك الزلاجة بالرمال أثناء الانزلاق؟ تساؤلٌ قدح البحث عن إجابته زنادَ شغف الباحثين الأجانب فشرعوا يُنَقِّبون عن تفسيرٍ علميّ، حتى قام باحثون من جامعة أمستردام، بقيادة دانيال بون، أستاذ الفيزياء في جامعة أمستردام، بمحاكاة عملية النقل، وتوصلوا إلى أن المصريين القدماء استخدموا “حيلة ذكية” وصفها تيرنس ماكوي في صحيفة واشنطن بوست بأنها بسيطة لدرجة مدهشة، لنقل حجارة الهرم الضخمة دون استخدام التكنولوجيا الحديثة؛ تتلخص في رش المياه على الرمال بمقدار معين؛ لتقليل صلابتها بما يحولها لعجينة رطبة ناعمة الملمس، تُسَهِّل سحب الأحجار الثقيلة وتجعلها أسرع، وتقلل عدد الأشخاص المطلوبين لإنجاز المهمة إلى النصف تقريبًا.
مكمن السر هو هذا القدر المناسب من الماء المصبوب الذي يعمل كالغراء؛ لأن الرمال الرطبة جدا أو المبللة جدا تعوق حركة الزلاجة، أما تلك المُغَذَّاة بقدرٍ مناسب من المياه فتمنع تكدس الرمال أمام الزلاجة وتسهل سحبها، وهو ما وصفه “بون”، رئيس الفريق البحثي، بأنه “خدعة في متناول الأيدي”، حسبما نقلت صحيفة ك. س. مونيتور.
واستشهد الباحثون على صحة نظريتهم بلوحةٍ يعود تاريخها إلى عام 1880 قبل الميلاد، مرسومة على جدران قبر Djehutihotep وتُظهِر شخصًا يصب الماء- وليس الزيت أو أي مادة أخرى- على الرمل أمام زلاجة ضخمة، وهو المشهد الذي أثار جدلًا ونقاشًا كبيرين؛ حيث كان علماء المصريات يفسرون هذا الماء المهراق باعتباره جزءًا من طقوس التطهير دون أن يسعوا أبدًا إلى البحث عن دليلٍ علمي، حتى جاءت الدراسة، التي نُشِرَت نتائجها يوم 29 أبريل 2014 في journal Physical Review Letters، بعنوان “احتكاك الانزلاق على الرمال الرطبة والجافة”، “لتكشف زيف هذا الادعاء” -على حد وصف “بون”- وتميط اللثام عن أسرار جديدة فى سلوك المواد الحُبَيْبِيّة، يمكن أن تكون مفيدة لدراسة كيفية تحسين النقل فى جميع أنحاء العالم.
وفي النهاية، يمكن القول إن مجرفة متناهية الصغر، ودلوًا بلاستيكيًا، يجعل الأطفال الصغار قاب قوسين من حدود هذه النظرية العلمية في كل مرة يصنعون فيها قلعة رملية على الشاطئ، ويكتشفون أن بنيانها يصبح أقوى إذا كان الرمل مبللا بالقدر الكافي لتتماسك حبيباته، لكن خوض تجربة الباحثين داخل المعمل ربما توضح أن كشف لغز بناء الأهرامات كان بحاجة إلى ما هو أكثر من رحلة شاطئية.
وتبقى الحقيقة التي يؤكدها العلماء أنفسهم، استنادًا إلى التجربة العلمية والصورة الجدارية التاريخية: أن الأسرار التي حيَّرت العالم، وألهبت خيال أنصار نظرية المؤامرة، قد تكون أبسط بكثير في الواقع.. أبسط لدرجة مذهلة.
إذًا؛ فليعد سكان قارة أطلنطس المفقودة إلى مخبئهم، وليشق العماليق طريق العودة إلى باطن الأرض، ولترجع الكائنات الفضائية إلى كوكبها، وليبطُل السحر وتتوقف التكهنات وتتوارى نظريات المؤامرة، مفسحة الطريق لقطرات المياه كي تتربع على عرش السرّ “البسيط لدرجة مذهلة”.