...... كان ملك أحد القبائل وإبنه ذات يوم في ركب كبير لزيارة أخته التي تزوجت وذهبت للسكن مع زوجها في بلاد بعيدة قطعوا الفيافي والوديان ولما إقتربوا بلدتهم في الطريق حتى رأو جارية صغيرة جالسة عل حجر وهي تبكي وتنوح وصوتها يسمع من مسافة كبيرة
إقترب الركب منها نزل الملك عن ظهر فرسه وسلم عليها وسألها ما الذي يبكيك يا جارية ؟
فأجابته :دعني في حالي أشكو همي لله فلا يقدر العباد أن يفعلوا شيئا
قال لها :صدقت لكن نحن قوم من العرب فينا المروءة والنجدة ولا عاش من أنزل دمعة من عينيك أخبرني عن حكايتك ،ةولن تجدي منا إلا من يسركي
قالت :يا سيدي لا أزال طفلة ولم أعرف من الحياة إلا القسوة ومن زوجي إلا السوء والمذلة هذا قدرى ولا ينفع فيه إلا البكاء
قال لها الملك :إعلمي يا جارية أن الله رحيم بعباده وهو لا يغلق أمامك بابا إلا ليفتح لك واحدا أحسن منه قولي لنا عن أهلك وسنحملك إليهم أم تريدين أن نأتي بهم إليك ؟
أجابت: اني يتيمة ومقطوعة من الشجرة ليس لي إلا وجه الله وهو فقط من يعلم بحالي
ربّت الملك على كتفها وقال لها: اعتبريني من اليوم أباك وإبني الذي يقف هناك أخاك وهذا وعد أقطعه على نفسي فرحك فرحنا وحزنك حزننا أبشري فالله سمع شكواك وأرسلنا إليك في هذا اليوم
سكتت البنت، ومسحت دموعها فنادى الملك إبنه ليأتيها بطعام فحلب ناقة وحمل لها لبنا وصحفة تمر وكانت جائعة فأكلت وشربت ثم مسحت شفتيها .
قال لها الولد:هل تريدين مزيدا من اللبن يا أختي ؟
فبكت من جديد وقالت: لم يناديني أحد بهذا الكلمة من قبل لم أكن أعلم أنها جميلة لهذا الحد ثمّ إنبسطت نفسها
ورجعت لها روحها فأصلحت الغطاء على رأسها وبعدها قالت لهما :قصتي محزنة فحينما كان رجل فقير مارا مع حماره في الطريق وجدني تحت شجرة وأنا لا أزال صغيرة،
فأشفق على وحملني إلى داره وفرحت إمرأته بي رغم كثرة أبنائها وصارت تطعمني من حليب عنزة كانت عندها فصح بدني بعد أن كدت أموت وعاملتني كإبنتها
وسمع الناس بحكايتي لكن لم يجأ أحد للبحث عني فكبرت مع تلك العائلة الطيبة كواحدة منهم وسموني شيماء وكانوا يحبونني ولما يشتري الرجل شيئا لأبنائه يأتيني بمثله
ولمّا كنت ألعب في الزقاق مع البنات كان المارّة يقفون وينظرون إلي بدهشة فلقد كنت بارعة الجمال رغم ثيابي القديمة وحذائي المثقوب .
وفي يوم من الايّام أتت إمرأة من نفس القبيلة وخطبتني لولدها لكني رفضت فلقد كنت سعيدة رغم فقرنا لكنّهم أغروني باللباس والمجوهرات وكنت صغيرة فصدقتهم
وأسكنوني معهم وأعطوني غرفة مفروشة بالزرابي لكن ما إن مر الشهر الأوّل حتى بدأت أمّه تطلب مني أن أخدمها وكذلك إخوته وكانت الدار كبيرة يلزمها كثير من الجهد
فتحملت كل ذلك على الأقل لي سقف يأويني ورجل يأتيني بقفّةويا ليت كان ذلك فقط فكل يوم أسمع الشتائم ويعايروني بأنه ليس لي أصل ولا يخجلون من القول أنني إبنة حرام
وكان زوجي يدافع عني لكنهم ألّبوه عل حتى صار يضربني
بلا رحمة وقالت له أخواته البنات: إضربها على وجهها لكي لا تفتخر أمامنا بجمالها واحمد لله أنه لم يفعل فمازالت عنده بقية من حب Lehcen tetouani
وذات يوم كنت أمشط شعري في غرفتي مرت أحد أخواته فدبت في قلبها الغيرة لشدة جمالى،فإلتقطت حجرا ورمتني به فأصاب المرآة التي إنكسرت أمامي فهربت من الدار وتركت كل شيئ وجئت إلى المكان الذي وجدني فيه الرجل لأول مرة لمّا كنت صغيرة
وصار لي يومان هنا دون طعام ولا شراب وأنا أبكي وأدعو الله ليفرج كربتي وأجد أبي وأمي الذان أراهما كل يوم في أحلامي
كان الملك وإبنه يسمعان وقد أخذهم التأثر لقصتها وأتوها بقربة ماء فمسحت وجهها وأزالت عن ثوبها الغبار وقال لها الملك: سأنتقم لك من هذه المعاملة القاسية وأرجع لك حقك
الآن سترجعين إلى دار زوجك وهذا ما دبرته : سنتظاهر أننا نبحث عنك ولما نقترب من دارك ستخرجين إلى الزقاق وتصيحين بفرح : لقد جاء أبي وأخي واتركي الباقي علينا
فقالت : لا تقلق يا سيدي سيكون كل شيء على ما يرام بإذن الله
#حكاية_اليتيمة_الجزء_الأول