رواية 1984 من أروع ما كتبه المؤلف "جورج أوريل" على الإطلاق والتي كتبها في أواخر سنوات حياته في عام 1948م، ولم تكن الرواية - كما يوحي اسمها- رواية استشراف مستقبل وخيال علمي لما سيؤول إليه شكل الحياة بعد 40 عاما من كتابتها، وإنما صاغها كرواية من روايات الديستوبيا التي يتخيل فيها مدينة لندن (إن لم يكن العالم ككل) قد غرق في الظلمات، حيث الحياة السوداء المخيفة التي يهيمن عليها حزب يسمى حزب أتباع المبادئ الاشتراكية الانجليزية.
وقد حول هذا الحزب حياة سكان مدينة "لندن" إلى جحيم الحروب والمجاعات والفقر والأمراض وغيرها من الكوارث، حيث قسمهم إلى طبقتين الأولى طبقة أعضاء الحزب والثانية طبقة العامة وكلاهما يعيشان حياة لا تطاق، الاختلاف فقط يكمن في أن الحزب المذكور يترك طبقة العامة لتقضي عليهم المجاعات والفقر والقذائف التي تمطرهم وليعيشوا فقط من أجل تلبية احتياجاتهم الأساسية من الأكل والملبس، بينما يتدخل في أدق تفاصيل حياة أعضاء الحزب ويجعلهم مراقبين بشكل صريح في كل لحظة من قبل شرطة مستحدثة تسمى بشرطة الفكر.
ورواية 1984 بالكامل تُروى من منظور بطلها المُسمى “ونستون” وهو أحد أعضاء الحزب البائسين والذي يعيش وحيدًا لا يذكر شيئًا عن تاريخه تقريبًا ويدفعه حنقه وبغضه على نوعية الحياة التي يعيشها للتساؤل إذا ما كانت الحياة قبل وجود الحزب الاشتراكي الانجليزي أفضل أم في وجوده.
الفصل الأول:
قسم مؤلف الرواية "جورج أورويل" رائعته إلى ثلاثة أجزاء رئيسية، معظم فصول الجزء الأول كانت تصويرًا للشكل الذي آلت إليه الحياة في لندن حيث يمنع الحزب عن الإنسان كل شيء دون قوانين واضحة، فالكتابة ممنوعة والاختلاء بالنفس ممنوع والحب ممنوع والزواج يسمح به كأداء واجب فقط تجاه الحزب وبالتأكيد الانتقاد أو الاعتراض على أي شيء من أخطر الممنوعات، حيث يسيطر الحزب على كامل تفاصيل حياتك منذ استيقاظك وحتى نومك حيث زُرعت في كل غرفة داخل كل بيت، وفي كل ساحة وكل مكان شاشاتٌ تسمى شاشات الرصد والتي تستطيع أن تراك وأن تخاطبك وتأمرك وتنهاك بل وحتى ترقب ردّات فعلك عند مشاهدتك الأخبار.
ومن خلال ونستون يمكنك أن تلاحظ كيف انعكست سيطرة الحزب على الحياة الاقتصادية للبلاد، فالطعام والشراب كانا من أسوء الأنواع وحتى السيجار وجودة الشقق والأدوات وكل شئ، وعلى النقيض من هذا تمامًا كان الإعلام الورقي