قيل ... أن جميع الطرق تؤدي إلى روما، لكن روما لم تكن يوما مقصدك، بل الطريق الذي يؤدي إليها، و ليس أي طريق، بل طريق بعينه.
قد تتشابه الطرق، و قد تتقاطع، بعضها يصل سريعا و بعضها يحتاج للكثير من الوقت و الجهد، بعضها متسع، و البعض الآخر محفوف بالورود. غير أنها ليست الطريق الذي تريده، و أنت لا تريد الا الطريق الذي يتراءى لك في كل رؤيا.
بعض الطرق ترحب بك للسير فيها، و تعدك بوقت جميل، يذهب بعضها لأبعد من ذلك، و يفهمك أنك لن تحتاج حتى للسير فيها، فيكفيك أن تأخذ الخطوة الأولى. لكنك تعلم أن الوصول لروما لا يعني لك شيئا دون الطريق. و أن الطريق الذي اخترته مسبقا هو ما يعني كل شيء.
تصل للطريق الذي اخترته و ألفته من الحلم الأول، لكنك تدرك أن هذا الطريق، رغم كل ما يبعثه فيك، ليس لك، و أن السير فيه ضياع لك و دمار للطريق، كل الإشارات الموضوعة عليه تخاطبك بعدم الدخول. أنت لن تسير على هذا الطريق، غير أنك لا تقوى على المغادرة. كل ما تستطيع فعله هو الجلوس عند مدخل الطريق لتبقى قريبا منه، لكنك لن تستطيع السير فيه أبدا.
تجلس عند مدخل الطريق، تحمل عيناك كل شوق و لهفة، تنظر للسالكين فيه و كأن الطريق لا يعني لهم شيئا، بالنسبة لهم، لا يختلف هذا الطريق عن أي طريق آخر، أعينهم تتعلق بروما. و تجلس أنت في حسرة على الطريق الذي لا يمكنك سلوكه. لا يداخلك شئٌ من الأمل، و لا تقوى رجلاك على حملك بعيدا عنه. هل تنتظر معجزة؟ زمن المعاجز قد ولى، غير أنك لا تقوى على الإلتفات عن الطريق الذي يسكن جوانحك.
ترى حفرة عند مدخل الطريق حفرها البعض و تركها مكشوفة. ترتجف رجلاك و هي تحملك إليها، تكاد تقع أكثر من مرة، إلا إنك تتمكن من السيطرة على كل الاهتزازات في جذع الشجرة المتهالك الذي تتخذه جسداً. تصل للحفرة، تنزل فيها و تضطجع مولياً وجهك الطريق الذي لطالما حلمت به.
تغمض عينيك
و لا تفتحهما أبدا