يجب الدفاع ان حقوق اطقال متلزمات دون بقلم:جعفر عبد الكريم صالح
تاريخ النشر : 2007-02-06
أطفال " متلازمة داون "
" البلاهة المنجولية " هي الاسم الدارج الذي يشعر الأهل , عادة , بالرعب , عندما يسمعونه يتردد أمامهم , فهو يعني ببساطة أن لديهم طفلاً معاقاً عقلياً , وأن إمكانية شفائه غير واردة , وأقصى ما يمكن أن يطمحوا إليه هو " التعايش السامي " مع الآلام التي يسببها وجود هذه الحالة في منزلهم .
والاسم العلمي للمنجولية هو " متلازمة داون " وهي اضطراب صبغي خلقي يحدث منذ لحظة تشكل البيضة الملحقة , ويسببه وجود صبغي زائد في احدى الخليتين العريسيتين : النطفة أوالبويضة فتأتي خلايا الطفل المصاب حاوية على 47 صبغياً عوضاً عن 46 .
وتقول الدكتورة منال عيس الأخصائية بأمراض الأطفال والرضع أن هذا الخطأ الذي يصيب الصبغيات ليس وراثياً إلا في نسبة قليلة جداً من الحالات لا تزيد على %4 وهو في واقعه , طفرة سببها الحقيقي لا يزال مجهولاً حتى الآن . ووجود هذا الصبغي الإضافي يؤدي إلى حدوث مظاهر شكلية مميزة لدى الأطفال , وإلى ازدياد احتمال حدوث بعض مساوئ التشكل الخلقي , وإلى تأخير تطوري فيزيائي ولغوي وتأخر في اكتساب المهارات المختلفة , وهذا الاضطراب هو السبب الأكثر شيوعاً للتأخر التطوري لدى الإنسان , فهو يحدث لدى جميع الأعراق والسلالات والجنسيات والمستويات الاجتماعية والاقتصادية . أما الجديد والمثير فيما يخص هذه المتلازمة , التي كانت تدعى سابقا بالمنجولية , فهو التغيير الجذري الحادث في المواقف الاجتماعية تجاه المصابين بها , في أنحاء مختلفة من العالم , خصوصاً في البلدان المتقدمة , فبعد أن كان الأطفال الذين لديهم هذه المتلازمة يعزلون منذ ولادتهم في مؤسسات خاصة , بدعوى أنهم متخلفون بشدة ولا جدوى من تعليمهم وجد أنه يمكن مساعدتهم بتطبيق برامج التدخل المبكر والتريبة المختصة , وتحقيق الدمج الاجتماعي , والتعليمي وتبين أن الإمكانات التعليمية لهؤلاء الأطفال أكبر بكثير مما كان الأطباء يعتقدون وأنهم عندما يعطون الفرصة المناسبة والعناية اللازمة , يمكنهم الوصول إلى مستويات تقرب من الأطفال الآخرين في كثر من الأحيان فإعاقتهم هي اجتماعية بالدرجة الأولى وسببها :
أولاً : حرمانهم من فرص التعليم , وثانياً : الجهل بمشاكلهم الصحية الخاصة والتي من الحيوي جداً الانتباه إليها وتدبيرها كي يستطعيوا استثمار قدراتهم الكامنة إلى حدها الأقصى . أما الحقائق العلمية المثبتة بشأن هؤلاء الأطفال فهي : الطفل الذي لديه متلازمة داون سوف يمر حتماً بجميع المراحل التطورية التي يمر بها أي طفل آخر , فهو سوف يحبو ويمشي ويتعلم الكلام , ويتعلم النظافة الشخصية لكنه يحتاج إلى وقت أطول من الأطفال الآخرين , فهو مبدئياً متأخر زمنياً عن أقرانه . وهذا الطفل قادر على التعلم والإدراك لديه جيد جدا , فهو يستطيع أن يفهم أكثر بكثير مما يستطيع أن يعبر أي أن لغته الاستقبالية أفضل من لغته التعبيرية . وربما تكون نقطة ضعفه الأساسية هي في النطق فالرخاوة العضلية لديه تسبب صعوبة في تكوين وإخراج الحروف , المشاكل السمعية كثيرة التواتر والتي إذا لم تعالج سوف تسبب صعوبة في فهم الكلام واكتساب اللغة , فهذا الطفل بحاجة إلى دعم أساسي في مجال تقويم النطق كي يستطيع التعبير عن نفسه وكي نستطيع بدورنا فهمه . وتبين أن توجيه العناية لمشاكل الطفل المنجولي الصحية يسهم إلى حد كبير في تعزيز قدرته على التعلم وهذه المشاكل هي : مشاكل السمع ونسبتها %80-60 وتشمل نقص السمع النقلي بسبب الالتهابات المتكررة في الأذن الوسطى , وتعالج بالصادات ونقص السمع الاستقبالي ويعالج بالتضخيم . ومشاكل البصر وهي تشمل الساد , والحول ومساوئ في الانكسار . ونقص هرمونات الغدة الدرقية ويمكن التصدي لها بإجراء المعيرات الهرمونية الدورية وإعطاء الاعاضة المناسبة عند اللزوم . وعدم ثبات المفصل الفقهي الفائقي ونسبته %20 ولا نفعل هنا كثرة توارد التشوهات القلبية الخلقية بنسبة %20 ولا نغفل هنا كثرة توارد التشوهات القلبية الخلقية بنسبة %50-40 وانسداد القناة الهضمية ( %12 ) وهذه يجب تحري وجودها منذ الولادة ومعالجتها جراحياً منذ الطفولة الأولى .
والطفل المنجولي يستفيد من المحيط الغني بالمثيرات الحسية البصرية والسمعية , واللمسية والمحفزة للعمليات العقلية والادراكية , وذلك منذ الطفولة الباكرة , كما يستفيد من التفاعل الاجتماعي , وحرمانه من هذه المثيرات يعني فرقا كبيراً في حياته ومستقبله , هذا الطفل يجب أن نحفز لديه كل مراحل التطور بدءاَ من التواصل البصري والمناغاة , مروراً بالجلوس والحبو , إلى الوقوف والمشي .. وهذا هو ما يدعى بالتدخل المبكر وهو يؤدي إلى الحاق الطفل بأقرانه الذين يقاربونه بالعمر . إذا فهذا الطفل بحاجة إلى خمسة أشياء : محيط عائلي محب ومحتضن , وبرنامج تدخل مبكر, ورعاية صحية ملائمة وتقبل اجتماعي مبني على المعرفة الصحيحة وتربية متخصصة . وتتحدث الدكتورة منال عن قدرات الطفل المنجولي التعليمية فتقول : نستطيع القول وبكل ثقة أن هؤلاء الأطفال يمكنهم تعلم القراءة من أعمار باكرة جداً ومستويات القراءة تتفاوت
لديهم حسب الفروق الفردية , وتتراوح ما بين مستوى الصف الثالث ومستوى الصف الثاني عشر , وهي وسيطاً بمستوى الصف السادس على الأقل , أما سقف القدرات التعليمية الأخرى فهو غير معروف حتى الآن , والتجربة ما زالت جديدة في أكثر البدان تطوراً , والأمثلة حول العالم كثيرة عن أشخاص وصلوا لشغل وظائف عدة في شركات معروفة عالمياً , ولممثلين حازوا على جوائز عالمية , ولفنانين ورسامين وموسيقين . وتنهي اتلدكتورة حديثها بالقول : هؤلاء الأطفال يستفيدون جداً من الموقف الاجتماعي الإيجابي , ومن الدمج التعليمي والاجتماعي , فهم بحاجة إلى الإيمان بهم وبقدرتهم على التعلم , وسوف نجد دوماً أننا سنفاجأ بإنجازاتهم .
جعفر عبد الكريم صالح