#معركه_القادسيه
#الجزء_الاول
يا عز الاسلام المدائن تشهد وعموريه
صوت الاذان في ارض الروم والقادسيه
وفتح مصر من بعده بلاد السند و القسطنطينيه
___________________________________
ﻣــﻌــــﺴــــﻜﺮ ﺍﻟــﻤــﺴــﻠﻤﻴﻦ ﻭﺍﻟــﻔــﺮﺱ ﻗُﺒـﻴﻞ ﺍﻟــﻘــﺎﺩسية
ﻣﻌﺴﻜﺮ ﺍﻟﻔﺮﺱ ﻭﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ :
ﻛﺎﻧﺖِ ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻟﻠﻔﺮﺱ ﻋﺸﻴﺔَ ﻗﺪﻭﻡ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻣﻀﻄﺮﺑﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺲُ ﻋﻠﻰ ﻋَﺮْﺵ ﺍﻟﻤﺪﺍﺋﻦ ﺷﺪﻳﺪًﺍ، ﻏﻴﺮ ﺃﻥَّ ﺍﻟﻔﺮﺱ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣُﺠْﻤﻌﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺣﺮْﺏ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﻣﻨﻊ ﻭﺻﻮﻝ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻓﻠﻤﺎ ﻣَﺨَﺮ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﺍﻟﺴﻮﺍﺩ، ﻭﻓﺘﺤﻮﺍ ﺑﻌﺾَ ﻣﺪﻥ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ، ﻛﺎﻟﺤﻴﺮﺓ ﻭﻋﻴﻦ ﺍﻟﺘﻤﺮ، ﻭﺍﻷﻧﺒﺎﺭ، ﺃﺩْﺭﻛﺖِ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓُ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻔﺮﺱ ﺃﻧَّﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔُ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﺍﻟﺘﺼﺪِّﻱ ﻟﻠﺪﻋﻮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﺠﺒﻬﺔ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ ﻣﻀﻄﺮﺑﺔ، ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻠﻬﻢ ﻳَﺤْﺰﻣﻮﻥ ﺃﻣﺮَﻫﻢ، ﻭﻳﻌﻘﺪﻭﻥ ﻋﺰﻣَﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﺘﻮﻳﺞ " ﻳﺰﺩﺟﺮﺩ ﺍﺑﻦ ﺷﻬﺮﻳﺎﺭ " ﻣَﻠِﻜًﺎ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺴﺎﺳﺎﻧﻴﺔ، ﻓﺎﺟﺘﻤﻊ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻔﺮﺱ ﻭﺍﺳﺘﻮﺛﻘﻮﺍ، ﻭﺗﺒﺎﺭَﻯ ﺍﻟﺮﺅﺳﺎﺀ ﻓﻲ ﻃﺎﻋﺘﻪ ﻭﻣﻌﻮﻧﺘﻪ، ﻭﺑﺬﻟﻚ ﺗﻮﺣَّﺪﺕِ ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻔﺮﺱ، ﻭﺗﻔﺮَّﻏﺖ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻟﺤﺮْﺏ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﻃﺮْﺩﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ، ﻓﻜﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻣﻤﺎ ﻫﻴَّﺞ ﺃﻣﺮ " ﺍﻟﻘﺎﺩﺳﻴﺔ "
ﺃﻋﻠﻦ ﻳﺰﺩﺟﺮﺩ ﺣﺎﻟﺔَ ﺍﻟﻄﻮﺍﺭﺉ ﻭﺍﻻﺳﺘﻨﻔﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻓﻲ ﺑﻼﺩﻩ، ﻭﺷَﺮَﻉ ﻓﻲ ﺇﻋﺪﺍﺩ ﺟﻴﺶ ﻗﻮﻱٍّ ﺯﻭَّﺩﻩ ﺑﻌﺘﺎﺩ ﺣﺮﺑﻲ ﺟﻴِّﺪ، ﻭﺿﻢَّ ﺇﻟﻴﻪ ﺧِﻴﺮﺓَ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﻔﺮﺱ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳِّﻴﻦ، ﻭﺃﺳﻨﺪ ﻗﻴﺎﺩﺗﻪ ﺇﻟﻰ " ﺭﺳﺘﻢ " ؛ ﻟﺮﺗﺒﺘﻪ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ، ﻭﻟﻌﺒﻘﺮﻳﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺮﺏ، ﻭﻣﻬﺎﺭﺗﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ؛ ﻭﺫﻟﻚ ﻟﺤﺮْﺏ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﻃﺮْﺩﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ، ﻭﺍﻟﺘﺼﺪِّﻱ ﻟﻠﺪﻋﻮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ . ﺷﺮَﻉ " ﺭﺳﺘﻢ " ﻓﻲ ﺇﻋﺪﺍﺩ ﺧﻄَّﺔ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﻟﻀﺮْﺏ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ، ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﺑﺎﻟﺪﻫﺎﻗﻴﻦ ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻮﺍﺩ، ﻭﺗﺸﺠﻴﻌﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻤﺮُّﺩ ﻭﺍﻟﻌِﺼﻴﺎﻥ، ﻓﺎﺿﻄﺮﺑﺖِ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﻌﺎﻣَّﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺮﺓ ، ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﺘَﺤَﻬﺎ ﺧﺎﻟﺪٌ ﻭﺍﻟﻤﺜﻨَّﻰ؛ ﻭﺫﻟﻚ ﺍﺳﺘﺠﺎﺑﺔً ﻟﺪﻋﻮﺓ " ﺭﺳﺘﻢ " ، ﻭﺗﻨﻔﻴﺬًﺍ ﻟﺨﻄﺘﻪ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ، ﻓﻨﻘﺾ ﺃﻫﻞُ ﺍﻟﺬِّﻣَّﺔ ﻋﻬﻮﺩﻫﻢ ﻭﺫِﻣﻤﻬﻢ، ﻭﺁﺫﻭﺍ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻫﻨﺎﻙ
ﻣﻌﺴﻜﺮ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﺇﻋﻼﻥ ﺍﻟﻨﻔﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ " ﺃﻭ ﻣﺎﻳﺴﻤﻰ ﻓﻲ ﻋﺼﺮﻧﺎ ﺍﻟﺘﻌﺒﺌﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ " ﻓﻲ ﺟﺰﻳﺮﺓ ﺍﻟﻌﺮﺏ :
ﻟَﻤَّﺎ ﻋﻠﻢ ﺃﻣﻴﺮُ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺨﻄَّﺎﺏ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ - ﺑﺎﺟﺘﻤﺎﻉ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﻔﺮﺱ ﻋﻠﻰ ﻳﺰﺩﺟﺮﺩ ﻭﺗﺘﻮﻳﺠﻪ ﻣﻠﻜًﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻭﻋﻠﻢ ﺃﻳﻀًﺎ ﺑﻌﺰْﻡ ﻗﻴﺎﺩﺗﻲ ﺍﻟﻔُﺮْﺱ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺮْﺏ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﻃﺮْﺩﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ، ﻭﺍﻟﺘﺼﺪِّﻱ ﻟﻠﺪﻋﻮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، ﺃﺩْﺭﻙ ﺧﻄﻮﺭﺓَ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﻭﺃﺑﻌﺎﺩﻩ، ﻭﻣﺎ ﺳﻮﻑ ﻳُﻔﺮﺯﻩ ﻣﻦ ﺁﺛﺎﺭ ﺳﻠﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺳَﻴْﺮ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ، ﻓﻘﺮَّﺭ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﻣﻨﺎﺟﺰﺓَ ﺍﻟﻔُﺮْﺱ، ﻭﻣﻨﺎﺯﻟﺘﻬﻢ ﻓﻲ ﻟﻘﺎﺀ ﻋﺴﻜﺮﻱ ﺣﺎﺳِﻢ، ﻳُﻨﻬﻲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻟﻠﻔﺮﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ، ﻭﻳُﻤﻜِّﻦ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺑﺄﻣْﻦ ﻭﺳﻼﻡ . ﻓﺄﻋﻠﻦ ﻋﻤﺮ ﺣﺎﻟﺔَ ﺍﻟﻄـﻮﺍﺭﺉ ﻭﺍﻻﺳﺘﻨﻔﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻓﻲ ﺟﺰﻳﺮﺓ ﺍﻟﻌﺮﺏ، ﻭﺫﻟﻚ ﻹﻋﺪﺍﺩ ﺟﻴﺶ ﺇﺳﻼﻣﻲٍّ ﻛﺒﻴﺮ، ﻓﻜﺘﺐ ﺇﻟﻰ ﺃﻣﺮﺍﺀ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ، ﻭﺭﺅﺳﺎﺀ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﻓﻲ ﺟﺰﻳﺮﺓ ﺍﻟﻌﺮﺏ " ﻳﺄﻣﺮﻫﻢ ﺃﻻ ﻳَﺪَﻋُﻮﺍ ﺃﺣﺪًﺍ ﻟﻪ ﺳﻼﺡٌ ﺃﻭ ﻓَﺮَﺱ، ﺃﻭ ﻧﺠﺪﺓ ﺃﻭ ﺭﺃﻱ، ﺇﻻَّ ﺍﻧﺘﺨﺒﺘﻤﻮﻩ، ﺛﻢ ﻭﺟﻬﺘﻤﻮﻩ ﺇﻟﻲَّ، ﻭﺍﻟﻌَﺠَﻞَ ﺍﻟﻌَﺠَﻞ "
ﺑَﻌَﺚ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻭﻗﺎﺹ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ - ﺇﻟﻰ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﻔُﺮْﺱ ﻭﻓﺪًﺍ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻇﺮﺓ ﻭﺍﻟﺠﻠﺪ، ﻳﺪﻋﻮﻧﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ، ﻭﺇﻟﻰ ﺇﻗﺮﺍﺭ ﺍﻷﻣْﻦ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ . ﻭﻭﺻﻞ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﺍﺋﻦ، ﻭﺍﻟْﺘﻘﻰ ﺑﻘﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔﺮﺱ، ﻓﻌَﺮَﺽ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺩَﻋﺎﻫﻢ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﻗﺪ ﺟَﺮَﺕ ﺑﻴﻦ ﺭﺳﻞ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔُﺮْﺱ ﻣﻨﺎﻇﺮﺓ ﻭﻣﺤﺎﻭﺭﺓ، ﺃﺩْﻟﻰ ﻛﻞٌّ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺤُﺠﺠﻪ ﻭﻭﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ، ﻭﻗﺪ ﺟﻨﺢ ﺭﺳﻞُ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻇﺮﺗﻬﻢ ﻟﻘﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔُﺮْﺱ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴِّﻴﻦ ﻭﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳِّﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻭﺍﻟﻤﻮﻋﻈﺔ ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ، ﻏﻴﺮ ﺃﻥَّ ﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔُﺮْﺱ ﻇﻨُّﻮﺍ ﺃﻥَّ ﺟﻨﻮﺡ ﺭﺳﻞ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠِّﻴﻦ ﻭﺍﻟﺤِﻜﻤﺔ ﻭﺍﻟﻤﻮﻋﻈﺔ ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺎﺩﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻇﺮﺓ ﺭﺍﺟﻊٌ ﺇﻟﻰ ﺿَﻌْﻒ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﺓ ؛ ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﺳﺘﻬﺰﺍﺀ ﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔُﺮﺱ ﺑﻌﺮﺏ ﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ ﻭﺍﺣﺘﻘﺎﺭﻫﻢ، ﻭﺑﺴﺒﺐ ﺟَﻬْﻠﻬﻢ ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ ﻭﺩﻭﻟﺘﻪ، ﻓﻘﺪ ﻏﺮَّﺗْﻬﻢ ﻗﻮﺗُﻬﻢ، ﻓﺮﻛﻨﻮﺍ ﺇﻟﻴﻬﺎ، ﻭﺟﻨﺤﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ﺑﺎﻟﻘﻮَّﺓ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ، ﻭﺍﻟﺘﺤﺪِّﻱ ﺑﺪﻓْﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﺧَﻨْﺪﻕ " ﺍﻟﻘﺎﺩﺳﻴﺔ " ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺔ ﻣِﻦ ﻧﻬﺎﺭ، ﻓﻠﻢ ﻳُﺼﻐﻮﺍ ﻟﺪﻋﻮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻷﻣْﻦ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ .
ﻭﺍﻧﺘﻬﺖِ ﺍﻟﻤﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺑﻴْﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔُﺮْﺱ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﺤﻘِّﻖ ﺃﻫﺪﺍﻓَﻬﺎ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺇﻗﺮﺍﺭ ﺍﻷﻣﻦ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ، ﻓﻜﺎﻥ ﻓﺸﻞُ ﺍﻟﻤﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﺍﻟﻔُﺮْﺱ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻷﻣﻦ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻣﻤﺎ ﻫﻴَّﺞ ﺃﻣﺮ " ﺍﻟﻘﺎﺩﺳﻴﺔ " ، ﻓﺄﺻﺒﺢ ﺍﻟﻠِّﻘﺎﺀ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﺍﻟﻔُﺮْﺱ ﺃﻣﺮًﺍ ﻻ ﻣﻔﺮَّ ﻣﻨﻪ .
ﺇﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ :
ﺍﺳﺘﺠﺎﺏ ﻋﺮﺏُ ﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ ﻻﺳﺘﻨﻔﺎﺭ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﻓﺄﺧﺬﺕْ ﻗﻮﺍﻓﻠﻬﻢ ﺗﺤﻂُّ ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻓﺎﺯﺩﺣﻤﺖْ ﻃﺮﻕ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﺳِﻜﻜُﻬﺎ ﺑﺎﻟﺠﻨﺪ، ﻓﺨﺮﺝ ﻋﻤﺮ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻧﺰﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺀ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻪ ( ﺻﺮﺍﺭ ) ، ﻓﻌﺴﻜﺮ ﺑﻪ . ﻛﺎﻥ ﺭﺃﻱ ﻋﺎﻣَّﺔ ﺍﻟﺠﻨﺪ ﺃﻥ ﻳﺘﻮﻟَّﻰ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺠﻴﺶ، ﻓﺒﻌﺚ ﻋﻤﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻳﺴﺘﺸﻴﺮﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ، ﻓﺎﺟﺘﻤﻊ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺟﻮﻩ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻭﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﻓﺮﺳﺎﻧﻬﻢ، ﻓﺎﺳﺘﺸﺎﺭﻫﻢ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ، ﻓﺎﺟﺘﻤﻊ ﻣَﻠﺆُﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻘﻴﻢَ ﻋﻤﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻭﻳُﺴﻨﺪَ ﻗﻴﺎﺩﺓَ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺇﻟﻰ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ، ﻭﻳﻤﺪَّﻩ ﺑﺎﻟﺠﻨﻮﺩ، ﻭﺃﺷﺎﺭﻭﺍ ﻋﻠﻴﻪ ( ﺇﻟﻴﻚ ﺍﻷﺳﺪ ﻓﻲ ﺑﺮﺍﺛﻴﻨﻪ،ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻭﻗﺎﺹ ) ﻓﺎﺧﺘﺎﺭ ﻋﻤﺮ ﺳﻌﺪ؛ ﻟﺼُﺤﺒﺘﻪ ﻭﺳَﺒْﻘﻪ، ﻭﻟﺠﺮﺃﺗﻪ ﻭﺷﺠﺎﻋﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ وقال عمرو بن الخطاب جملته ( والله لأضربن ملوك العجم بملوك العرب ) ﻓﺄﺭﺳﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﻋﻤﺮ، ﻓﻠﻤَّﺎ ﺣَﻀَﺮ ﻋﻨﺪﻩ ﻭﻻَّﻩ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺠﻴﺶ، ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ :" ﺇﻧﻲ ﻗﺪ ﻭﻟﻴﺘُﻚ ﺣﺮْﺏَ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ، ﻓﺎﺣﻔﻆْ ﻭﺻﻴﺘﻲ، ﻓﺈﻧﻚ ﺗَﻘْﺪَﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﺮ ﺷﺪﻳﺪ ﻛِﺮﻳﻪ، ﻻ ﻳﺨﻠﺺ ﻣﻨﻪ ﺇﻻَّ ﺍﻟﺤﻖ، ﻓﻌﻮِّﺩ ﻧﻔﺴَﻚ ﻭﻣَﻦ ﻣﻌﻚ ﺍﻟﺨﻴﺮ، ﻭﺍﻋﻠﻢ ﺃﻥَّ ﻋﺘﺎﺩ ﺍﻟﺤﺮْﺏ ﺍﻟﺼﺒﺮُ، ﻓﺎﺻﺒﺮْ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺃﺻﺎﺑﻚ، ﺗﺠﺘﻤﻊْ ﻟﻚ ﺧﺸﻴﺔُ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺍﻋﻠﻢ ﺃﻥَّ ﺧﺸﻴﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﺃﻣﺮﻳﻦ؛ ﻃﺎﻋﺘﻪ، ﻭﺍﺟﺘﻨﺎﺏ ﻣﻌﺎﺻﻴﻪ "
ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ :
ﺳﺎﺭ ﺳﻌْﺪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻭﻗﺎﺹ ﺑﺎﻟﺠﻴﺶ ﻣﺘﻤﻬﻼً، ﻭﻛﺎﻥ ﺇﺫﺍ ﻣﺮَّ ﺑﺤﻲٍّ ﻣﻦ ﺃﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻧَﺪَﺑﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠِﻬﺎﺩ . ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺜﻨَّﻰ ﺑﻦ ﺣﺎﺭﺛﺔ ﻗﺪ ﺍﻧﺴﺤﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺮﺓ، ﻭﻧﺰﻝ ﻣﻊ ﺟﻨﺪﻩ ﺑﺬﻱ ﻗﺎﺭ ، ﻳﻨﺘﻈﺮ ﻭﺻﻮﻝَ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻭﻗَّﺎﺹ ﺇﻟﻴﻪ، ﻓﻠﻤَّﺎ ﻭﺻﻞ ﺳﻌﺪٌ ﺑﺎﻟﺠﻴﺶ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺎﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻪ " ﺯﺭﻭﺩ " ﺍﻧﺘﻔﺾ ﺟُﺮْﺡ ﺍﻟﻤﺜﻨَّﻰ ﺑﻦ ﺣﺎﺭﺛﺔ، ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺻﺎﺑﻪ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺠِﺴْﺮ، ﻓﻤﺎﺕ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳَﻠْﺘﻘﻲ ﺑﺴﻌﺪ، ﻭﻛﺎﻥ ﻛﻞُّ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﺸﺘﺎﻗًﺎ ﻟﺮﺅﻳﺔ ﺻﺎﺣﺒﻪ،ﻓﺨﺴﺮ ﺟﻴﺶ ﺍﻻﺳﻼﻡ ﻓﺎﺭﺳﺎ ﻣﻦ ﻓﺮﺳﺎﻧﻪ،ﻓﺎﺭﺳﺎ ﻃﺎﺏ ﻟﻠﺨﻴﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻮﻗﻬﺎ،ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﺒﻦِ ﺍﻻﺳﻼﻡ ﻓﺮﺩﺍ، ﺑﻞ ﺑﻨﻰ ﺃﻣﺔ،ﻭﺑﺮﻫﻨﻮﺍ ﻛﻠﻬﻢ ﺇﻥ ﻣﺎت ﺍﻟﻤﺜﻨﻨﻰ
ﻓﺤﻤﻴﺘﻪ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ،ﻭﺷﺠﺎﻋﺘﻪ ﻓﻲ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ،ﻭﺇﻳﻤﺎﻧﻪ ﻓﻲ ﺃﺭﻭﺍﺣﻬﻢ . ﻣﺎﺕ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻣﺴﺘﺨﻠﻔﺎً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺸﻴﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺨﺼﺎﺻﺔ . ﻭﺍﺻَﻞ ﺳﻌﺪ ﺳﻴﺮَﻩ، ﺣﺘﻰ ﺑﻠﻎ ﻣﻜﺎﻧًﺎ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻪ " ﺷﺮﺍﻑ " ﻓﻌَﺴْﻜﺮ ﺑﻪ . ﻗﺪﻡ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺑﻦ ﺣﺎﺭﺛﺔ ﺍﻟﺸﻴﺒﺎﻧﻲ ﺑﻮَﺻﻴﺔ ﺃﺧﻴﻪ ﺇﻟﻰ ﺳَﻌْﺪ ﻭﻫﻮ ﺑـ " ﺷﺮﺍﻑ " ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻭﺻﻴﺔ ﺍﻟﻤﺜﻨَّﻰ ﻟﺴﻌﺪ : ﺃﻻَّ ﻳﺘﻮﻏَّﻞ ﻓﻲ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻔُﺮْﺱ، ﻭﺃﻥ ﻳﻘﺎﺗﻠَﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﻭﺩ ﺃﺭْﺿﻬﻢ، ﻋﻠﻰ ﺃﺩْﻧﻰ ﺣﺠﺮ ﻣﻦ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻌﺮﺏ، ﻭﺃﺩﻧﻰ ﻣَﺪَﺭﺓ ﻣﻦ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻌﺠﻢ،ﻓﺘﺮﺣﻢ ﺳﻌﺪ ﻭﻣﻦ ﻣﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤُﺜﻨﻰ . ﻭﺟﻌﻞ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﻤﺎﻟﻪ ﻛﻠﻬﺎ ﻭﺍﻭﺻﻰ ﺑﺄﻫﻞ ﺑﻴﺘﻪ ﺧﻴﺮﺍ .
ﺭﺣﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤُﺜﻨﻰ ،ﻟﻘﺪ ﻧﺼﺢ ﺃﻫﻠﻪ ﺣﻴﺎ ﻭﻣﻴﺘﺎ،ﺩﺍﻓﻊ ﻋﻦ ﺍﻣﺘﻪ ﻭﻋﻘﻴﺪﺗﻪ ﺣﻴﺎ،ﻭﺣﺴﺐ ﺣﺴﺎﺑﻬﺎ ﻣﻴﺘﺎ،ﺧﻄﻂ ﻟﻠﻨﺼﺮ ﺣﻴﺎ،ﻭﺧﻄﻂ ﻟﻪ ﻓﻲ ﻭﺻﻴﺘﻪ،ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻭﺍﻻ ﻓﻼ .
ﻭﻗﺪ ﺃﻛَّﺪ ﻋﻤﺮ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻭﺟﺎﺀ ﺭﺩﻩ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﺍﻭﺻﻰ ﺍﻟﻤﺜﻨﻰ ،ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏٍ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺳﻌﺪ ﻭﻫﻮ ﺑـ " ﺷﺮﺍﻑ ".
ﻛﺘﺐ ﻋﻤﺮ ﺇﻟﻰ ﺳﻌﺪ ﻭﻫﻮ ﺑـ " ﺷﺮﺍﻑ " ﻳﺄﻣﺮﻩ ﺑﻨﺰﻭﻝ " ﺍﻟﻘﺎﺩﺳﻴﺔ " ، ﻭﺃﻥ ﻳﺄﺧﺬَ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔُﺮْﺱ، ﻭﺃﻥ ﻳﺠﻌﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻧْﻘﺎﺏ " ﺍﻟﻘﺎﺩﺳﻴﺔ " ﻣﺴﺎﻟﺢ ﻟﺤﺮﺍﺳﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﻣﺮﺍﻗﺒﺔ ﺍﻟﻌﺪﻭ، ﻭﺃﻣَﺮَﻩ ﺃﻥ ﻳﻠﺰﻡ ﻣﻜﺎﻧَﻪ ﻓﻲ " ﺍﻟﻘﺎﺩﺳﻴﺔ " ﻓﻼ ﻳَﺒﺮﺣْﻪ، ﻭﺃﻥ ﻳﺒﺪﺃﻫﻢ ﺑﺎﻟﺸﺪِّ ﻭﺍﻟﻀﺮﺏ، ﻭﺃﻥ ﻳﺼﻒ ﻟﻪ " ﺍﻟﻘﺎﺩﺳﻴﺔ " ، ﻭﻳﻜﺘﺐ ﻟﻪ ﺑﺄﺧﺒﺎﺭﻩ ﻭﺃﺧﺒﺎﺭ ﻋﺪﻭِّﻩ ﻛﺄﻧَّﻪ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﺃﻣَﺮﻩ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺤﺘﺎﻃًﺎ ﺣﺬﺭًﺍ، ﻣﺴﺘﻌﺪًﺍ ﻟﻠﻘﺎﺀ ﻋﺪﻭِّﻩ
ﺳﺎﺭ ﺳﻌْﺪٌ ﺑﺎﻟﺠﻴﺶ ﻣﻦ " ﺷﺮﺍﻑ " ، ﻓﻨﺰﻝ " ﺍﻟﻌُﺬَﻳْﺐ " ، ﺛﻢ ﺳﺎﺭ ﺣﺘﻰ ﻧﺰﻝ " ﺍﻟﻘﺎﺩﺳﻴﺔ " ، ﻓﻌﺴﻜﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﺋﻂ " ﻗﺪﻳﺲ " ، ﺑﺤﻴﺎﻝ ﺍﻟﻘﻨﻄﺮﺓ، ﻭﺟﻌﻞ ﺍﻟﺨﻨﺪﻕ ﻭﺭﺍﺀَﻩ . ﺍﻧﻀﻢَّ ﺇﻟﻰ ﺳﻌﺪ ﻓﻲ " ﺍﻟﻘﺎﺩﺳﻴﺔ " ﺟﻨﺪُ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﻗﺎﺩﺗﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ، ﻓﺄﺻﺒﺢ ﻋﺪﺩُ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﺩﺳﻴﺔ ﻗﺮﻳﺒًﺎ ﻣﻦ ﺳﺘﺔ ﻭﺛﻼﺛﻴﻦ ﺃﻟﻔًﺎ، ﻣﻨﻬﻢ ﺛﻼﺛﻤﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ، ﻣﻨﻬﻢ ﺑِﻀﻌﺔ ﻭﺳﺒﻌﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺑﺪﺭ، ﻭﺳَﺒْﻌﻤﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ، ﻭﻋﺪﺩ ﻣِﻦ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﻗﺎﺩﺗﻬﻢ ﻭﻓﺮﺳﺎﻧﻬﻢ ، ﻳُﻌﺪُّ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ " ﺍﻟﻘﺎﺩﺳﻴﺔ " ﺃﻛﺒﺮَ ﺟﻴﺶ ﻋﺒَّﺄﻩ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻟﻔﺘْﺢ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ
ﻇﻞَّ ﺳﻌﺪٌ ﻣﻘﻴﻤًﺎ ﺑﺎﻟﻘﺎﺩﺳﻴﺔ ﺷﻬﺮًﺍ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺮﻯ ﺃﺣﺪًﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻔُﺮْﺱ، ﻓﺄﺭﺳﻞ ﻋﺪﺩًﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺮﺍﻳﺎ ﺗُﻐﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺷﺎﻃﺊ ﺍﻟﻔﺮﺍﺕ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ " ﻛﺴﻜﺮ " ، ﻭ " ﺍﻷﻧﺒﺎﺭ " ، ﻭﺗﻌﻮﺩ ﺑﺎﻟﻐﻨﺎﺋﻢ، ﺃﺭﺍﺩ ﺳﻌﺪ ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﺧﺒﺮَ ﻋﺪﻭِّﻩ، ﻓﺄﺭﺳﻞ ﻋﻴﻮﻧًﺎ ﺇﻟﻰ " ﺍﻟﺤﻴﺮﺓ " ؛ ﻟﻴﺄﺗﻮﻩ ﺑﺨﺒﺮ ﺍﻟﻔُﺮْﺱ، ﻓﺬﻫﺒﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻭﺭﺟﻌﻮﺍ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﺃﺧﺒﺮﻭﻩ ﺑﺄﻥَّ ﻣَﻠِﻚ ﺍﻟﻔﺮﺱ " ﻳﺰﺩﺟﺮﺩ " ﻗﺪ ﺃﻋﺪَّ ﺟﻴﺸًﺎ ﻛﺒﻴﺮًﺍ ﻟﻤﻨﺎﺯﻟﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﻃَﺮْﺩِﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ، ﻭﻗﺪ ﻫﻴَّﺄ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻛﻞَّ ﻣﺎ ﺗﻤﻠﻜﻪ ﺩﻭﻟﺔُ ﻓﺎﺭﺱ ﻣﻦ ﻋَﺪﺩ ﻭﻋُﺪَّﺓ ﻭﻋﺘﺎﺩ ﺣﺮﺑﻲ، ﻭﺿﻢَّ ﺇﻟﻴﻪ ﺧِﻴﺮﺓَ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﻔﺮﺱ ﻭﻗﺎﺩﺗﻬﻢ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﻴﻦ، ﺃﻣﺜﺎﻝ : ﺍﻟﺠﺎﻟﻴﻨﻮﺱ ﻭﺍﻟﻬﺮﻣﺰﺍﻥ ، ﻭﻣﻬﺮﺍﻥ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ﻭﺍﻟﺒﻴﺮﺯﺍﻥ ، ﻭﺑﻬﻤﻦ ﺟﺎﺫﻭﻳﻪ ، ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ، ﻭﺃﺳﻨﺪ ﻗﻴﺎﺩﺓَ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺇﻟﻰ ﺭﺳﺘﻢ ﺑﻦ ﺍﻟﻔﺮَّﺧﺰﺍﺩ ﺍﻷﺭﻣﻨﻲ ﻛﺘﺐ ﺳﻌﺪٌ ﺇﻟﻰ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋُﻤﺮَ ﻳﺼﻒ ﻟﻪ " ﺍﻟﻘﺎﺩﺳﻴﺔ " ﻭﻣﺎ ﺟﺎﻭﺭﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ، ﻭﻳﺨﺒﺮﻩ ﺃﻥَّ ﺟﻤﻴﻊ ﻣَﻦ ﺻﺎﻟﺢ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻗﺒﻠﻪ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻮﺍﺩ ﺃﻟْﺐٌ ﻷﻫﻞ ﻓﺎﺭﺱ ﻗﺪ ﺧﻔُّﻮﺍ ﻟﻬﻢ، ﻭﺍﺳﺘﻌﺪﻭﺍ ﻟﻘﺘﺎﻟﻨﺎ، ﻭﻳﺨﺒﺮﻩ ﺃﻳﻀًﺎ ﺃﻥَّ ﺍﻟﻔُﺮْﺱ ﻗﺪ ﺃﻋﺪُّﻭﺍ ﺟﻴﺸًﺎ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺭﺳﺘﻢ ﻭﺃﺿﺮﺍﺑﻪ، ﻭﻋﺴﻜﺮﻭﺍ ﻓﻲ " ﺳﺎﺑﺎﻁ " ﻳﺤﺎﻭﻟﻮﻥ ﺇﻧﻐﺎﺿﻨﺎ ﻭﺇﻗﺤﺎﻣﻨﺎ، ﻭﻧﺤﻦ ﻧﺤﺎﻭﻝ ﺇﻧﻐﺎﺿﻬﻢ ﻭﺇﺑﺮﺍﺯﻫﻢ، ﻭﺃﻣﺮُ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻌﺪُ ﻣﺎﺽٍ،
ﺗﺘﺎﺑﻌﺖْ ﺗﻌﻠﻴﻤﺎﺕ ﻋﻤﺮ ﻟﺴﻌﺪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻭﻗﺎﺹ ﻛﺄﻧﻪ ﻳُﺪﻳﺮ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ،ﻓﻬﻮ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﻭﺍﻟﻤﻮﺟﻪ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ،ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺔ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ، ﻭﻳﺘﺤﻜَّﻢ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻭﺳﻌﺪ ﻳُﻨﻔِّﺬ ﻣﺎ ﺧﻄﻂ ﻫﺬﺍ ﻓﻘﺪ ﻛﺘﺐ ﻋﻤﺮ ﻟﺴﻌﺪ
ﻳﻘﻮﻝ : " ﻻ ﻳﻜﺮﺑﻨَّﻚ ﻣﺎ ﻳﺄﺗﻴﻚ ﻋﻨﻬﻢ، ﻭﻻ ﻳﺄﺗﻮﻧﻚ ﺑﻪ، ﻓﻘﺪ ﺃُﻟْﻘﻲ ﻓﻲ ﺭُﻭﻋﻲ ﺃﻧﻜﻢ ﺇﺫﺍ ﻟﻘﻴﺘﻢ ﺍﻟﻌﺪﻭَّ ﻫﺰﻣﺘﻤﻮﻫﻢ، ﻓﺎﻃﺮﺣﻮﺍ ﺍﻟﺸﻚ، ﻭﺁﺛﺮﻭﺍ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺍﺳﺘﻌِﻦْ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﺗﻮﻛَّﻞ ﻋﻠﻴﻪ " ، ﻭﺃﻣﺮﻩ ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﺑﺎﻟﻌﻬﺪ، ﻭﺣﺬَّﺭﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻐَﺪْﺭ ﻭﻋﺎﻗﺒﺘﻪ، ﻭﺃﻣﺮﻩ ﺃﻥ ﻳﺒﻌﺚَ ﺇﻟﻰ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﻔُﺮﺱ ﻭﻓﺪًﺍ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻇﺮﺓ ﻭﺍﻟﺠﻠﺪ، ﻳﺪﻋﻮﻧﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ .
#يتبع_مع_الجزء_التالى
-------------------------------------------------------
[ ١ ] : ﺍﺑﻦ ﺍﻷﺛﻴﺮ، ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ، ﺝ 2 ، ﺹ : 268
[ ٢ ] : ﺍﻟﻄﺒﺮﻱ، ﺝ 3 ، ﺹ : 477 - 478
[ ٣ ] : ﺍﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ : ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ، ﺝ 9 ، ﺹ : 613
[ ٤ ] : ﺍﻟﻄﺒﺮﻱ . ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺮﺳﻞ ﻭﺍﻟﻤﻠﻮﻙ، ﺝ 3 ، ﺹ : 479
[ ٥ ] : ﺍﻟﻄﺒﺮﻱ . ﺝ 3 ، ﺹ : 481 - 483
[ ٦ ] : ﺍﻟﻄﺒﺮﻱ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺮﺳﻞ ﻭﺍﻟﻤﻠﻮﻙ، ﺝ 3 ، ﺹ : 490 - 491
[ ٧ ] : ﺍﻟﻄﺒﺮﻱ، ﺝ 3 ، ﺹ : 487 ﻭ 490 - ﻭﺍﺑﻦ ﺍﻷﺛﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﺝ 2 ، ﺹ 311
[ ٨ ] : ﺩ . ﺟﻤﻴﻞ ﺍﻟﻤﺼﺮﻱ، ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻓﻲ ﺯﻣﻦ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ - ﺻﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠَّﻢ - ﻭﺍﻟﺨﻠﻔﺎﺀ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ 0- ﻁ 1 0- ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻤﻨﻮﺭﺓ : ﻧﺸﺮ ﺍﻟﺪﺍﺭ، 1407 ﻫـ / 1987 ﻡ ) ، ﺹ : 286.
[ ٩ ] : ﺍﻟﻄﺒﺮﻱ ﺝ 3 ، ﺹ : 595 ﻭ 596
[ ١٠ ] : ﺍﻟﻄﺒﺮﻱ، ﺝ 3 ، ﺹ : 492 - ﻭﺍﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﺝ 9 ، ﺹ : 617
[ ١١ ] : ﺩ . ﺟﻤﻴﻞ ﺍﻟﻤﺼﺮﻱ، ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ، ﺹ : 286
[ ١٢ ] : ﺍﻟﻄﺒﺮﻱ، ﺹ : 495
[ ١٣ ] : ﺍﻟﻄﺒﺮﻱ، ﺝ 3 ، ﺹ : 499
[ ١٤ ] : ﺍﻟﻄﺒﺮﻱ، ﺝ 3 ، ﺹ : 498 ، 500 ، 501 ، 504
[ ١٥ ] : ﺍﻟﻄﺒﺮﻱ، ﺝ 3 ، ﺹ : 5
#صفحات_من_التاريخ