#القعقاع_بن_عمرو
إن صوتا القعقاع بن عمرو في الجيش لخير من ألف فارس
________________________________
ما كاد خالد بن الوليد رضي الله عنه يسلم جنبه إلى الراحة بعد الفراغ من حروب الردة حتى جاء كتاب الصديق يأمره بالزحف لمحاربة الإمبراطورية الساسانية وفتح بلاد العراق واستنقاذها من أيدي الفرس لكن جنود خالد كانوا قد تناقصوا حيث استشهد منهم من استشهد في حروب الردة الطاحنة وسرح منهم إلى أهله من سرح بعد أن طال بينه وبينهم العهد فلم يبق مع خالدا من جيشه إلا ألفا مجاهد فقط فكتب خالد على الفور إلى الخليفة يعلمه بما حدث ويطلب منه العون والمدد .
وعندما وصل كتاب خالد إلى الخليفة رضي الله عنهما كان جالسًا بين أصحابه ومستشاريه فقرأ الكتاب بصوت مرتفع بحيث يسمعه جميع الحاضرين ثم أرسل في طلب شاب شجاع يدعى القعقاع بن عمرو فجاء القعقاع إلى الخليفة وهو مسلح ومجهز للسفر فأمره الخليفة أن يذهب إلى اليمامة كتعزيز لجيش خالد فنظر الحاضرون إلى أبي بكر بدهشة .
وقالوا: يا خليفة رسول الله أتمد قائدًا انفض عنه أكثر جنده برجل واحد؟!
هنا نظر الصديق إلى القعقاع قليلاً ثم قال: إن صوتا القعقاع بن عمرو في الجيش لخير من ألف فارس ثم التفت إليهم وقال: لا يهزم جيشا فيه مثل القعقاع .
مضى خالد بن الوليد بجيشه نحو العراق ومعه القعقاع بن عمرو الذي عده عليه الصديق رضي الله عنه بألف فارس, وفي طريق انضم المثنى بن حارثة بقواته فأصبح الجيش عشرة آلاف مقاتل .
وجه خالد وجهه شطر منطقة الحفير الواقعة على مقربة من الخليج الفارسي مما يلي الصحراء, وكان هرمز أمير لهذه المنطقة من قبل ملك الفرس وكان هرمز هذا من أعظم قادة الفرس في عصره.
وما إن حط خالد بن الوليد رحاله في المنطقة حتى وجه كتابًا إلى هرمز يقول فيه: أما بعد فأسلم تسلم أو أختار لنفسك وقومك الإسلام أو الجزية أو الحرب وإن كانت الحرب فلا تلومن إلا نفسك فقد جئتك بقوم يحبون الموت كما تحبون الحياة .
طار صواب هرمز لما قرأ رسالة خالد وكتب إلى ملك الفرس أزدشير يخبره بقدوم المسلمين نحو العراق ثم هاب من ساعته ورص صفوفه وجمع جموعه وأسرع بهم نحو موارد الماء في الحفير ونزل عليها قبل أن يصل إليها خالد بجيشه ووقف هرمز في مقدمة جنده وكان قد أضمر في نفسه شرًا لخالد وطوى صدره على غدره .
بدأت المعركة بمبارزة بين قائدي الجيشين وكان هرمز محارب قوي معروف في الإمبراطورية الساسانية كبطل لا يجرؤ على منازلته في المبارزة أحد فتقدم هرمز على فرسه من بين الصفوف في الساحة التي تفصل بين العسكريين وهتف هتاف المتحدي
وأخذ يقول: إليَ يا خالد أبرز لي يا ابن الوليد لكنه قد جعل وقفته قريبًا من معسكر الفرس بعيدًا عن معسكر المسلمين .
فما إن سمع خالد بن الوليد نداءه حتى ترجل عن جواده ومضى إلى لقائه فنزل هرمز من على فرسه وكان هذا الإجراء دليلاً على شجاعة هرمز لأن المبارزة بين مترجلين لا تدع مجالاً للهرب لكن هرمزا لم يكن فارسًا كما يتخيل المرء في هذه الحادثة لأن هرمز قبل أن يخرج للمبارزة اتفق مع بعض رجاله الشجعان ووضعهم في الصف الأمامي قرب المكان الذي اختاره للمبارزة وأخبرهم أنه سيبارزا خالد, وفي الوقت المناسب سوف يناديهم عندئذ يندفعون ويحيطون بالمتبارزين ويقتلون خالد .
بدأ القائدان يتضاربان بالسيف والترس وضرب كل منهما خصمه عدة مرات لكن هذه الضربات لم تؤثر على أي منهما هنا أقترح هرمزا أن يلقيا بسيفيهما ويتصارعان فألقى خالد بسيفه على الأرض وهو لا يعلم بالمؤامرة وبداء بالمصارعة وبينما كان خالدا يحتضن هرمز نادي هرمز على رجاله فاندفع هؤلاء إلى الإمام وقبل أن يعرف خالد ما الذي يجري وجد نفسه وهرمز معه محاطون بعدة رجال أشداء من الفرس .
الآن عرف خالد المؤامرة ولكنه دون سيفه وترسه وهو لن يسمح لهرمز أن يتخلص من قبضته الحديدية وبدأ أنه لا مهرب من الورطة ولكن بما أن خالد كان أقوى من هرمز بدأ يدير خصمه باتجاه الرجال الأشداء بحيث لا يستطيع هؤلاء أن يضربوا ضربتهم خشية أن يصيبوا قائدهم هرمز .
هنا ثار الضجيج في صفوف الجيشين فأحدهما كان مبتهجا والآخر كان فزعًا وأثناء هذا الضجيج كانت الأنظار متجهة إلى المتصارعين ولم يسمع رجال هرمز وقع الحوافر التي كانت تقترب منهم ولم يعرفوا ما الذي أصابهم فقد سقط منهم ثلاثة رجال على الأرض بعد أن تدحرجت رؤوسهم أمامهم قبل أن يدرك الآخرون أن عدد المتحاربين في هذا الاقتتال قد أزداد رجلاً واحدًا أن هذا الرجل الإضافي هو الذي عده الصديق بألف فارس .
لقد رأى القعقاع رجال هرمز وهو يندفعون نحو خالد فأدرك بسرعة غدر القائد الفارسي والخطر الذي يتهدد خالدًا ولم يكن لديه وقت ليخبر أحد بذلك ولم يكن لديه ليشرح أو ليجمع المقاتلين فامتطي صهوة حصانه وانطلق من مكانه انطلاق السهم وقذف بنفسه في الساحة في اللحظة المناسبة وانصب على رجال هرمز انصباب الصاعقة وصرع القعقاع وحده العصبة الغادرة وألقوهم جثثًا هامدة في ساحة المعركة على مرأى من الفرس ومسمع فلم يجرؤ أحد منهم على أن يحرك ساكنًا وبعد دقيقة كان هرمزا ممددًا وهو الآخر على الأرض دون حراك بعد أن قتله خالد .
ولما وضعت الحرب أوزارها نظر خالد إلى القعقاع بن عمرو وقال: لله در الصديق فإنه اعرف منا بالرجال لقد صدق حين قال: إن جيشًا فيه القعقاع بن عمرو لا يهزم .
#المصادر
تاريخ الأمم والملوك
البداية والنهاية
الكامل في التاريخ
تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير الإصابة في تمييز الصحابة
سيف الله خالد للجنرال أكرم التاريخ الإسلامي مواقف وعبر تهذيب ابن عساكر
الأخبار الطوال
تاريخ اليعقوبي
أسد الغابة في معرفة الصحابة الدرر في اختصار المغازي والسير الوافي بالوفيات
غربال الزمان في وفيات الأعيان المعارف لابن قتيبة
تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر معرفة الصحابة لأبي نعيم
#صفحات_من_التاريخ