في السنن (
ماهي صورة العلاقة بينك، كصاحب وحدة سكنية مستهلكٍ للتيار الكهربائي، وبين محطة توليد الكهرباء الحكومية؟
هل ترى أن المحطةَ تجبرك أن تشغل هذا المكيف أو تلك المروحة أو ذلك المصباح؟ أم أن ذلك طوع اختيارك؟
من جهةٍ أخرى، إذا قطعت المحطة عنك التيار، ماهي حالة وقيمة القواطع او السويچات الكهربائية(SWITCHES) التي هي طوع يدك؟
إذاً، العلاقةُ بينكما تزامنيةٌ طولية (SIMULTANEOUS)، وليست أفقيةً منفصلة.
في المثال المذكور، ستقرر أنت بمحظ اختيارك، كيفية وكمية استهلاك الطاقة التي وصلتك- دون أن يعني ذلك استقلالٍك عن محطة التزويد. وستأتيك فاتورة الإستهلاك نهاية الفترة الزمنية، حسب الوحدات التي استهلكتها. فربما تكون مُرّشِداً أو مسرفاً، أو عواناً بين هذا وذاك.
من زاوية ثالثة، قد تقرر محطة التوليد أن كامل حصة هذا الحي من الطاقة الكهربائية- ولفترة زمنية ما- س من الوحدات. وأن متوسط استهلاك البيت الواحد، بناءً عليه وعلى فرض تعاون وتفاهم أهل الحي، سيكون ص من الوحدات. بالتالي فإن س ستساوي، حسب الفرض، مجموع إستهلاك جميع البيوت حسب المتوسط المفترض(أي عدد الوحدات × ص).
لكن أهل الحي لم يتفاهموا، وأسرف وبغى بعضهم أو أغلبهم على بعض وتجاوز حصته وأخذ من حصة غيره. ولربما زاد مجموع تجاوز المسرفين الباغين، فصار أكبر من حصة الحي كاملة. خاصةً إذا تولى الزمام واسع البلعوم، الذي يأكل ما يجد ويطلب ما لا يجد.
طبعاً لا نفترض هنا أن جهة التزويد عاجزة عن زيادة حصة ذلك الحي السكني، بل أنها ربما قررت تقدير وتحديد تلك الحصة، لحكمة تراها.
أصل المثال كان لتبسيط مفهوم قضية الأمر بين الأمرين، أي لا جبر ولا تفويض، على مستوى الفرد الواحد.
أما الزاوية الثالثة فتمهد لمسألة أخرى ذات ارتباط، وهي مدخلية العلل والأسباب في قرار وحركة الإنسان. وتمهد كذلك للكلام في البعد الإجتماعي للسنن التاريخية.
يتبع، بمشيئته وعونه تعالى.