يريدون تصفية أسانج معنوياً!
أصدر الانتربول مذكرة اعتقال بحق جوليان أسانج مؤسس موقع ويكيليكس بتهمة(الاغتصاب والاعتداء الجنسي) بناء على المذكرة التي تلقاها من الحكومة السويدية. وبموجب المذكرة يمكن للانتربول اعتقاله في الكثير من الدول الموقعة على اتفاق تبادل المتهمين، وتسليمه إلى السويد.
القضية ليست بحاجة إلى ذكاء كبير لمعرفة خلفياتها وأهدافها، لأن أسانج لم يرضخ لطلب من البنتاجون والمخابرات الأميركية, بالامتناع عن نشر الوثائق الأميركية حول الحرب العدوانية الأميركية على العراق، وقد نُشر جزءٌ منها أوضح الكثير من الحقائق التي تحاول واشنطن وحلفاؤها إبقاءها طي الكتمان، نظراً لما تسببه لها من إحراج, فهي تفند معظم الادعاءات الأميركية والغربية للأهداف المعلنة من الحرب على البلد العربي.
في مقابلة له مع إحدى الفضائيات العربية، وعد مدير موقع ويكيليكس بكشف ونشر المزيد من هذه الوثائق، كما أوضح حجم الإغراءات والضغوطات التي تعرض لها وموقعه, من أجل عدم نشر هذه الوثائق, ومنها:الإغراء بالأموال الوفيرة والتسهيلات الكبيرة لموقعه الإلكتروني. أما الضغوطات فقد تمثلت بالتهديدات الكثيرة التي تسلمها على موقعه, من خلال جهات معنية باغتياله معنوياً وشخصياً.رغم ذلك رفض المعني كل هذه الإغراءات والتهديدات, وأصر على استكمال مهمته في النشر.
بالطبع لو تم اغتيال أسانج بواسطة إحدى الوسائل المخابراتية القذرة, لمات وسط هالة من التقدير, من كافة الرافضين لهذه الحرب العدوانية، ولثبت تماماً صحة ما جاء فيها من حقائق.نظراً لذلك يريدون اغتياله معنوياً من خلال تهمة(الاغتصاب والاعتداء الجنسي) وإلصاقها بالرجل, في محاولة لتصويره بالشخصية المعتدية. وما دام معتدياً, فمن الطبيعي والحالة هذه, أن يكون كاذباً ومزوراً للوقائع, في وثائقه المنشورة والمتبقية على طريق النشر.
بالطبع أسانج من البشر،وبينهم قلة قليلة ممن يقومون باعتداءات جنسية، بمعنى آخر:فمجرد كونه إنساناً, فهو قابل للاتهام بارتكاب هذا الفعل الشنيع..... ولكن،لماذا تم توجيه التهمة له بعد نشر قسماً من هذه الوثائق؟ولماذا لم يتم توجيهها له في أغسطس الماضي مباشرة بعد ارتكابها؟ فوفقاً لمصادر في المحكمة الجزائية في ستوكهولم , فإن الفعلة ارتكبت في ذلك الشهر!ولماذا؟ولماذا؟ فالكثير من الأسئلة تتطرق إلى ذهن كل من يقرأ عن هذا الاتهام.
من الصعب تصديق هذه التهمة للادعاء السويدي،فلو ارتكبها أسانج فعلياً, فلن يتورط بكشف وثائق أميركية، لأنه يدرك مسبقاً ما ستفعله الأجهزة الأمنية الأميركية لتوريطه في القضية وكشفه وفضحه. لا نستبعد أن تكون الأجهزة المخابراتية الأميركية بالاتفاق مع مثيلاتها الغربيات وبخاصة السويدية، قامت بإقناع فتاة ممن يعملن معها, لرفع دعوى على أسانج واتهامه بالاغتصاب الجنسي! وحتى في حالة تزوير الواقعة(وهي الأغلب بالطبع) فستثار والحالة هذه ضجة عالمية كبرى حول التهمة،وسيجري التشويش على شخصية مدير الموقع الإلكتروني،فالمثل العربي والحالة هذه سينطبق عليه(الرصاصة التي لا تقتل،تسبب الدوشة)!.
أسانج لم يسرق الوثائق من البنتاجون،بل يُعتقد أن العسكري الأميركي الذي سرّبها إليه،هو مانينج, الذي تحوم الشكوك حوله،والذي قد يحاكم أو ربما يُقتل في حادثة سير عادية, أو بغيرها من الطرق القذرة!.
الشمس لا تغطى بغربال،والوثائق نُشر قسم منها وسيتم نشر المتبقي على دفعات.الجهة التي اقترفت تلفيق تهمة(الاغتصاب الجنسي) بأسابخ،لا تدرك على ما يبدو أن البشر يقرؤون, ويحللون في أدمغتهم, وقادرون على التفريق بين الخطأ والصواب.
التهمة تثبت بما لا يقبل مجالاً للشك،أن الأجهزة الأمنية في الدول المتقدمة(العالم الأول) لا تختلف عنها في معظم الدول النامية(العالم الثالث) حيث يتم اغتيال شخصيات كثيرة(من المعارضة على سبيل المثال لا الحصر)أو المعادين للأنظمة بوسائل كثيرة:قتل بطرق لا أخلاقية،حوادث سير،ومشاجرات مع آخرين وغيرهما. وفي حالة الاكتفاء باغتيال الشخصية للفرد يتم توجيه تهم له:اعتداء جنسي،التصوير في أماكن مشبوهة،الاتصال بمن يسمون بالمعادين للدولة،الاختلاس , وغيرها من التهم اللاأخلاقية،لمن يسعون للانتقام منهم أو منه،والتاريخ السياسي الإجرامي ملئ بهذه الحوادث والوقائع , التي حاولت اغتيال الشخصيات واستهدافها, بإلصاق التهم المسيئة إليها.
لقد قفز موقع ويكيليكس أشواطاً بعيدة في الشهرة, والواقعية, والجدية, في نشر الحقائق،وبات مقصداً لزيارة الملايين من البشر ,المنتشرين في كل أنحاء العالم.كما تفوق على مواقع الكترونية عالمية كثيرة،وحقق سبقاً صحفياً،وأصبح معلماً مهماً في تاريخ الصحافة والفضائيات والصحف العريقة, صاحبة الموازنات المالية الكبيرة.
اعتمد الموقع وكما أوضح رئيسه في مقابلته الصحفية مع الفضائية العربية المذكورة, على التبرعات المالية التي يقدمها كثيرون في العالم من الحريصين على إظهار الحقيقة،والحقيقة فقط!.
د. فايز رشيد*
كاتب فلسطيني