العالم حين يتضامن مع الصحفي الفلسطيني
بقلم: حمزة حماد
يحيي الصحفيون الفلسطينيون ومعهم أحرار العالم «اليوم العالمي للتضامن مع الصحفي الفلسطيني»، هذا اليوم الذي أقره الاتحاد الدولي للصحفيين في السادس والعشرين من أيلول بعد هبة النفق عام 1996م، لتسليط الضوء على معاناة الصحفي الفلسطيني الذي يواجه الاستهداف الإسرائيلي المتعمد والممنهج في الأراضي المحتلة.
هذه المناسبة العالمية التي تؤكد على صون حرية العمل الإعلامي، وخلق بيئة إعلامية مهنية خالية من الإرهاب الإسرائيلي جراء عمليات الاستهداف المتواصلة بحق الصحفيين من عمليات قمع وقتل متعمد واعتقال دون وجه حق سوى أن هؤلاء الفرسان يصرون على نقل الحقيقة وكل الحقيقة إزاء الاعتداءات التي أقل ما يمكن وصفها بـ«المتطرفة».
واهم إذا أعتقد الاحتلال أنه بجرائمه العنصرية والفاشية يستطيع أن يطمس الحقيقة أو يوقف مشوار نضالي قدمت خلاله الحركة الصحفية قرابة الـ55 شهيدًا منذ العام 2000م وأسرى قابعين خلف القضبان على طريق كشف الحقيقة وزيف رواية الاحتلال للعالم الذي ما زال يعيش دور المتفرج أمام معاناة شعبنا الذي يواجه سياسة «العقاب الجماعي»، ويواصل انتهاكه الصارخ للقانون الدولي الإنساني.
تزداد شراهة الاحتلال عامًا بعد عام في ارتكاب المزيد من المجازر الدموية بحق شعبنا، لا سيما الصحفيين جزءً منه، نتيجة غياب مبدأ المساءلة والإفلات من العقاب. هذا الدور الذي تواصل الأجسام الصحفية الفلسطينية المناداة به وضرورة العمل عليه من أجل وضع حد لهذه الانتهاكات الجسيمة والمفضوحة أمام الرأي العام الدولي، الذي من المفترض أن يكون مناصرًا للرواية الفلسطينية الصادقة، بدلًا من الإنصات إلى روايات وذرائع إسرائيلية واهية لا تغني ولا تسمن، وتزيد الوضع الفلسطيني تعقيدًا.
لذلك اعتاد الصحفي الفلسطيني أن يعيش الظروف الصعبة والخطيرة في ظل نظام الابارتهايد الإسرائيلي الذي يستهدف مناحي الحياة كافة للمواطن الفلسطيني، كما أن الفكرة في الانتماء للقضية تعزز لدى جموع الصحفيين مع اشتداد الأزمات، وهذا ما يجعل الصحفي يواصل نضاله بالكلمة الحرة المعبرة عن هموم الجماهير ونضالهم المشروع وفقا لقرارات الشرعية الدولية التي كفلت حق الشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير.
فاليوم باتت تقع مسؤولية كبيرة وعظيمة على المؤسسات والمنظمات الحقوقية والدولية لفضح جرائم الاحتلال على أوسع نطاق، بما يسهم في تشكيل رأي دولي مناصر لفلسطين يعمل على إزالة القيود على حرية الإعلام ووقف الانتهاكات، إضافة إلى ضرورة توفير الحماية الدولية الكاملة للصحفيين بموجب القرار الصادر عن مجلس الأمن (2222).
لا ضمان لوقف المجازر الدموية التي يقترفها الاحتلال إلا بمحاسبة قادته، فقد رحل الكثير من شهداء الصحافة ولم نرى سوى بيانات الإدانة والشجب والاستنكار من المؤسسات والمجتمع الدولي، أو التماهي مع رواية الاحتلال وهم يعلمون أنها تقوم على الكذب والتضليل من خلال تباطؤ الإجراءات التي تستعيد الحق الفلسطيني وتجعله في قبضة العدالة الدولية، وهذا بات ملحوظًا في حادثة اغتيال الزميلة شيرين أبو عاقلة وغيرها.
الفيلسوف اليوناني «هرقليطس» يقول: «دائمًا في النهاية تتغلب العدالة على منتجي الأكاذيب والشهود الزائفين»، لذلك لا مفر من تحقيق العدالة ومعاقبة مجرمي الحرب الإسرائيليين، فالعالم يدرك أن الإرهاب الإسرائيلي ينتج الدمار والجرائم الإنسانية والأخلاقية، وهذا يختلف تمامًا مع القانون الدولي الذي تشكل مبادئه وقواعده حياة ناظمة وخطوة مهمة لسيادة السلام ورد الحقوق لأصحابها، لا أن نعيش في حروب مختلة الموازين، وعليه مطلوب تحرك فلسطيني وعربي ودولي ينتصر للرواية الفلسطينية.