ـــ كلمات رجل يحاصره اليأس ـــ
ولدنا وسط المعاناة، كان التخلف و الفقر و كان الجهل مسيطرا، كانت المدن و الأرياف يجوبها الدجالون و كانت الخرافة هي مرجع أغلبية أفراد مجتمعنا… حاولنا التمسك بأمل إمكانية الخروج من كل هذا و العبور إلى مصاف المجتمعات التي يعيش أفرادها بعض السعادة لكن…
بعد أن بنينا المدارس و الجامعات و بعد أن أرسلنا بعثات تعليمية إلى الخارج و بعد تعلمنا اللغات الأجنبية كوسيلة لتحصيل العلم و جدنا أنفسنا نعود بعد بضع سنوات فقط لنغوص في فكر الخرافة و في فكر المؤامرة و في فكر الإنسياق وراء عواطفنا بعيدا عن المنطق في كل قضايا مجتمعاتنا
الفكر الغوغائي (فكر القطيع) الذي حذر منه غوستاف لوبون (Gustave le bon) يجعل المجتمع ينساق وراء آراء الأغلبية دون تفكير، فلو صرخ رجل ما في سوق و أشار إليك بأصبعه و قال :
ـ هاهو السارق
لأجتمع من حولك أغلب رواد السوق إن لم يكن كلهم من أجل ضربك دون أن يعطوك حتى فرصة الكلام و ربما خير مثال عن فكر القطيع هو تجربة القردة (يمكن الرجوع إليها على النات)
هل يمكن أن نواجه أنفسنا بموضوعية بعيدا عن العاطفة و طرح بعض الأسئلة الجدية حول حياتنا و مستقبل أبنائنا؟
* لماذا نحن متخلفون؟ ما هي الأسباب الحقيقية لتخلفنا بالنظر إلى تجارب بعض الشعوب التي بدأت مسيرة النمو بعدنا؟ (كوريا الجنوبية، ماليزيا، البرتغال، إندنوسيا، زيلندا الجديدة….)
* لماذا يكرهنا العالم و لا يتعاطف معنا؟ رغم إعتقادنا بأننا نمتلك إرثا حضاريا و دينيا لا يمكن لأحد أن يجابهه
* لماذا يخاف منا العالم و لماذا نخاف نحن من بعضنا البعض؟ يمكن العودة إلى تجارب الجماعات الإسلامية في الجزائر و في مصر و تجربة القاعدة في أفغانستان و تجربة داعش في سوريا و العراق
* هل يمكن أن نعيد قراءة تاريخنا بعيدا عن المسلمات؟ هل يمكن أن نقول الحقيقة لأبنائنا حول علماء الإسلام الذين نفتخر بهم في كتبنا و الذين تم في الحقيقة تكفيرهم و قتل البعض منهم و تعذيب البعض الآخر و حرق كتب البعض الآخر (الفرابي، الكندي، الرازي، إبن رشد،إبن الراوندي، إبن المقفع، الجاحظ، إبن بطوطة، إبن سيناء، إبن الهيثم، المعري، طه حسين …….إلخ)
* لماذا يسود بيننا التطرف للآراء في الدين و في الثقافة و في كل الآراء؟ لماذا لا نقبل بعضنا البعض مع قبول كل الإختلافات الموجودة بيننا؟
* لماذا نقف دائما مع القضايا الخاسرة في العالم؟(حرب أوكرانيا، حرب كوريا، سوريا...)
ملاحظة : مازلنا نقيم الطوابير أمام الدجالين الذين يدعون العلاج بقراءة كلمات لا يعرفون سرها سواهم و مازلنا نرفع أيدينا بالدعاء من أجل تدخل طير أبابيل من أجل القضاء على أعدائنا، مازلنا نشاهد جلوس دكتور الفيزياء أمام رجل الدين الذي توقفت دراسته مبكرا ليشرح له أن الأرض منبسطة(مسطحة) و ليست كروية أو بيضوية، مازلنا…. و مازلنا و ربما عدنا إلى وراء الزمن الذي بدأنا فيه الحلم؟ ربما أو أكيد أن ماضينا أفضل من حاضرنا و الخوف أن يكون حاضرنا أفضل من مستقبلنا
جمال دعموش