الرواية حين تصبح فيلماً
كثيرة هي الروايات التي تحوّلت إلى أفلام. بعض هذه الروايات كانت قد حققت شهرة بعد صدورها، ولعلّ هذه الشهرة هي ما حمل المنتجين والمخرجين على تحويلها إلى أفلام، فشهرتها السابقة تعدّ من عوامل تسويق الأفلام المستوحاة منها، وتحمل في الغالب عناوينها نفسها. ومن الروايات التي أصبحت أفلاماً: «زوربا» لنيكوس كازانتزاكيس، «كائن لا تحتمل خفته» لميلان كونديرا، «العطر» لباتريك زوسكند، «فتاة القطار» لباولا هوكينز، «هاري بوتر» لجي كي رولنغ، «سارقة الكتب» لماركوس زوساك. كما تحولت إلى أفلام روايات عمالقة الأدب الكلاسيكي ك «أحدب نوتردام» لفيكتور هوغو، «الجريمة والعقاب» لديستوفسكي، و«الحرب والسلام» و«آنا كارنينا» لتولستوي، فضلاً عن الكثير من مسرحيات شكسبير.
عرفت السينما العربية العديد من الأفلام المأخوذة من روايات لكتّاب مشهورين، خاصة نجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس وطه حسين ويوسف السباعي، وغسان كنفاني، حيث حولت إلى فيلم روايته «رجال في الشمس»، وإبراهيم أصلان، وعلاء الأسواني وغيرهم.
ظلّت العلاقة بين الرواية والسينما ملتبسة، وما من فيلم مأخوذ من رواية إلا وأثار الجدل حول ما إذا كان قد خدم فكرة الرواية أو أضرّ بها، حدّ إفساد فكرتها أحياناً، وإن كان هناك من يرى أن الأفلام المأخوذة من روايات ساهمت في رفع صيت هذه الروايات وزيادة شهرتها، وغالباً ما يقع المتلقي في دائرة المقارنة بين نصّ الرواية الأصلي سواء قرأه قبل أن يرى الفيلم المأخوذ عنها أو بعد ذلك، وبين الطريقة التي قدّم بها الفيلم المعني أحداثها، وهنا تتفاوت الآراء أيضاً حيث نجد من يقول إنه أحبّ الفيلم أكثر من الرواية نفسها، أو العكس.
لعلّ هذه المقارنة لا ضرورة لها، فليس متوقعاً من مخرج الفيلم وكاتب السيناريو أن ينقلا الرواية حرفياً، وإلا غاب الإبداع عن الفيلم المعني، حيث أن عدّة المخرج ورؤيته عن العمل تختلفان عن عدّة الكاتب ورؤيته، وبالتالي فإنه يتعين النظر إلى الرواية والفيلم المأخوذ عنها كعملين منفصلين، وهذا ما نادى به إدوارد بيرغر مخرج النسخة الثالثة من الفيلم الألماني «كل شيء هادئ على الجبهة الغربية»، المأخوذ عن رواية للكاتب إريك ماريا ريمارك، حين قال إنه «ليس قلقاً بشأن الانتقادات الموجهة لفيلمه بأنه يعتمد بشكل فضفاض على الرواية على عكس أفلام سابقة مأخوذة عنها»، موضحاً أن:«الكتاب هو كتاب. وعندما يتمّ تحويله إلى فيلم، فإن الأمر يُعدّ طريقة جديدة، فصانعو الأفلام يمكنهم – بل ويجب – أن يتحلوا بقدر كبير من الحرية عند تحويل الأعمال الروائية إلى عمل درامي»، معتبراً أن فيلمه يُعدّ تفسيراً جديداً للرواية، التي صدرت في عام 1929.
https://www.alkhaleej.ae/2023-10-26/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%AD%D9%8A%D9%86-%D8%AA%D8%B5%D8%A8%D8%AD-%D9%81%D9%8A%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%8B/%D8%B4%D9%8A%D8%A1-%D9%85%D8%A7/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A3%D9%8A-%D8%B2%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A7