العدد 7906 الخميس 2 ديسمبر 2010 الموافق 26 ذو الحجة 1431هـ
هل البؤس قدر اللقيط؟
فاتن فتاة قدّر لها الزمن بأن تكون مجهولة الأبوين، فتاة قدّر لها الزمن بأن يكون مجيئها إلى هذه الدنيا نتيجة لذنب لم ترتكبه، عاشت و تربت في الملجأ لسنين طوال دون أن تحصل على حنان الأم و الأب، دخلت المدرسة و من بعدها الجامعة دون أن يكون لها صديقات إطلاقا و السبب ماذا، السبب يكمن في نظرتهن لها كونها فتاة مجهولة النسب، كبرت و كبرت معها هذه العقدة و ظلت لفترة طويلة معها، فلا والدين و لا صديقات، لكنها استطاعت أن تتفوق في دراستها و تحصل على الوظيفة المناسبة بعد التخرج، حتى جاءها في يوم من الأيام من أرادها زوجة له على الرغم من معرفته بواقعها لكنها رفضت، بسبب خوفها ما قد يأتي في المستقبل و خوفها من نظرات البعض التي قد تتجه للزوج كونه قبل بلقيطة زوجة له.
عانت فاتن الكثير، فقد كانت تنادى من قبل البعض «ببنت حرام»، و بالطبع كان لهذا الأمر الأثر السلبي الكبير عليها، هذه قصة واحدة من مئات القصص التي يعيشها اللقطاء، فهي قصة حقيقية حصلت وتحصل العديد من أشباهها في عالمنا العربي و الإسلامي الذي يحرم العلاقات غير الشرعية وما ينتج عنها، حيث يعانون طوال حياتهم بسبب مجهولية نسبهم، دون أي ذنب يكونوا هم المسؤولون عن ارتكابه.
فمن جهتنا، لابد لنا أن نعي و نفهم أن هؤلاء بشر حالهم كحالنا و كل واحد منهم يستحق أن يعامل من قبلنا كما نعامل نحن أي شخص آخر، ولابد أن تكون لديه من الحقوق نفسها تلك التي لدينا فكونه لقيطا هذا ليس ذنبه حتى يعاقب عليه مدى العمر.
ففي العالم الغربي يختلف الوضع كليا تجاه اللقيط عما هو الحال في عالمنا العربي والاسلامي، ففي الغرب و نتيجة للمفاهيم المتعلقة بالحريات التي تنتشر في عموم الغرب، فاللقيط هناك لا يشكل هاجسا كبيرا على الإطلاق فهو مواطن كفلت له القوانين في دولته كافة حقوقه و وفرت له جميع احتياجاته، ولكن السؤال ماذا كفلت القوانين في بلداننا لهذه الشريحة من الناس؟ مختلف، مختلف كليا، فاللقطاء هنا يعانون من تفادي أفراد المجتمع لهم، ويعانون من تخوف هؤلاء الأفراد من التقرب منهم، ويعانون من الهاجس المهيمن على بعض الأسر التي لم يقدر لها أن تنجب الأطفال من تبنيهم و السبب هو نظرة المجتمع تجاههم.
فبسبب الفقر أحيانا أو بسبب وقوع بعض الفتيات في براثن العديد من الذئاب البشرية المنتشرة في كل مكان و الأهم من كل ذلك الافتقار للوازع الديني و الخوف من الله سبحانه و تعالى، تقام تلك العلاقات التي تأتي بعدد من الأطفال غير الشرعيين. و لكن الأمر اللافت هو أن هؤلاء – اللقطاء- أصبحوا لدى العديد من الأسر التي حرمت من الإنجاب حلاً لمعضلة كانت تقضّ مضاجعهم، وشكلت في الوقت نفسه حلاً إنسانياً يرأف بحال من فقد حنان الأبوة والأمومة.
ولاء رجب
المصدر صحيفة الا يام