أعمدة
كيف نصل إلى الشراكة العادلة بين الرجل والمرأة؟
منيرة فخرو
يثير مصطلح الجندر أو ما يطلق عليه حالياً النوع الاجتماعي كثيراً من اللغط والجدل بين أوساط المجتمع. والسبب هو عدم وضوح معناه للكثيرين، ما يسبب اختلافاً في أساليب العمل والرؤية. وقد شهدنا في المؤتمر الذي عقده المجلس الأعلى للمرأة في الأسبوع الماضي وحضره كثير من المهتمين بالشأن العام بمن فيهم رجال الدين والفقهاء مساجلات منوعة بين المشاركين. كما طرحت فيه أوراق عدة توضح معظمها مفهوم الجندر أو النوع الاجتماعي خصوصاً من حيث كيفية رصد موازنات خاصة بالمفهوم في حالة تطبيقه. والمفهوم لا يعتمد على الفروق البيولوجية فقط بين المرأة والرجل، بل يتأثر بالثقافة والمحيط الاجتماعي. ويبين النوع الاجتماعي الفروق بين وضع المرأة والرجل وشروط وصولهما وتحكمهما بالمصادر والتنمية.
ولا شك بأن رعاية عاهل البلاد للمؤتمر وحضور السيدة الأولى سمو الشيخة سبيكة بنت إبراهيم لجلسات المؤتمر ومحاورتها لشتى الفرقاء خصوصاً رجال الدين كانت له دلالة واضحة وهي جدية القيادة السياسية في تطبيق المفهوم، وبالتالي رصد الموازنة الكافية التي يقتضيها التطبيق. وهو يعني أيضاً أن الحكومة عندما تضع موازنتها للمشروعات المقبلة، عليها أن تأخذ في اعتبارها تأثير تلك المشروعات على المرأة وتحسين مستواها خصوصاً في مجال مساواتها بالرجل أمام القانون وفي سلم الترقيات في شتى وظائف القطاع العام والخاص.
لماذا التمكين الآن وليس لاحقاً؟ في رأيي إن هذا ما يطلبه المجتمع الدولي للسنة الجارية وحتى العام 2011 التي خصصتها الأمم المتحدة للنهوض بإدماج النوع الاجتماعي وتمكين المرأة كما ذكرت الأمين المساعد للأمم المتحدة الأستاذة أمة العليم السوسوة التي شاركت في المؤتمر. تلك الخطة تعكس الالتزام بإدماج النوع الاجتماعي في الاستراتيجية للبرنامج بشأن تعزيز المساواة بين الرجل والمرأة بما يسمى «استراتيجية تعزيز المساواة بين الرجل والمرأة للسنوات 2008-2011». هذا البرنامج يركز على ثلاثة مداخل استراتيجية لتمكين المرأة على المستويات الإقليمية والوطنية والمحلية، وهي:
؟ حقوق المواطنة.
؟ توفير وإدارة الموارد الطبيعية (مع التركيز على المياه ودور المرأة في إدارة المياه والمحافظة على البيئة).
؟ التمكين الاقتصادي.
ما لفت نظري هو مساهمة المفكر الإسلامي المعروف الدكتور أحمد كمال أبو المجد في توضيح مفهوم النوع الاجتماعي من منظور إسلامي. فقد ذكر المفكر الكبير أن قضية المرأة ونظرة المجتمع إليها وتصورها لدورها داخل الأسرة وفي المجتمع قد شهدت ظاهرة مؤسفة تكاد تنفرد بها، وهي أن التقاليد القديمة المستقرة في كثير من الجماعات قد غلبت في جوانب كثيرة جوهر الرسالة السماوية. وأن البعض قد فسر دور المرأة في فرضيتين نابعتين من التقاليد القديمة أولها: تفترض أن المرأة دون الرجل في القدرة والمكانة، ومن ثم لا يجوز أن تكون بينها وبينه مساواة كاملة في الحقوق والواجبات، وثانيها: تزعم أن هناك شواهد في النصوص الدينية وفي التصور الديني العام تؤيد تفوق الرجل واستحقاقه لدور مجتمعي متميز لا تشاركه المرأة في بعض جوانبه. كما بين أن المدخل الإسلامي يدور حول قضيتين تحلان السعي إلى التعاون في إطار المساواة محل الصدام بين قطبين لا يتصور التصادم بينهما، والقضية الثانية أن ساحة البحث كلها تدور في التصور الإسلامي حول الأسرة والمجتمع وحول توزيع الأدوار بين الزوج والزوجة في إطار مصالح المجتمع وشروط تنميته.
وباختصار، فإن المؤتمر قد نجح في توعية الرأي العام وفي شرح مصطلح النوع الاجتماعي (الجندر)، وسواء كان هذا التأثير سلباً أو إيجاباً فما سوف يتبعه من ورش تقوم بها الجمعيات ذات الصلة سيعمق الوعي بالقضايا التي تواجه المرأة والأسرة.
* كاتبة بحرينية