الأرض لنـا
رضي الموسوي
اليوم الثلاثون من مارس يصادف ذكرى يوم الأرض الفلسطيني، العربي، الأممي، الذي يحييه الفلسطينيون في أراضي الـ48 وإلى جانبهم شعوب العالم التي أيقنت أن الاحتلال الصهيوني لم يكن يوما إلا غاصبا وقاتلا وسفاكا للدماء الطاهرة. وفي مثل هذا اليوم من العام 1976 انتفض أبناء المثلث والجليل في فلسطين احتجاجا ورفضا لاستمرار مصادرة أراضيهم، فواجهتهم قوات الاحتلال بالرصاص الحي وسقط منهم ستة شهداء وعدد غير قليل من الجرحى.
كان يوما مفصليا لفلسطينيي الداخل الذين خلعوا رداء الخوف وواجهوا قوات الاحتلال وهم عزل معلنين رفضهم لوثيقة متصرف لواء المنطقة الشمالية في الكيان (يسرائل كينغ) التي حذر فيها من تزايد أعداد الفلسطينيين على حساب اليهود ودعا إلى مواجهة هذه الزيادة بتكثيف الاستيطان ومصادرة الأراضي الفلسطينية، والتضييق الاقتصادي على الفلسطينيين عبر ملاحقتهم بالضرائب وإعطاء الأولوية لليهود في فرص العمل، وتخفيض نسبة التحصيل العلمي لدى أبناء الشعب الفلسطيني، وتسهيل هجرة شبابهم خارج فلسطين وعدم السماح بعودتهم.
في السبعينات والثمانينات، لم يكن إحياء هذه المناسبة خجولا كما هو الحال الآن، حيث يفعل التشطير في كل بلد عربي فعلته على أساس ديني ومذهبي. كان الفعل طبيعيا وواجبا على الجميع أن يدافع عن وجوده ضد الاحتلال الصهيوني الذي يستمر الصراع الحضاري معه باعتباره غدة سرطانية زرعت في خاصرة الوطن العربي.
وبعد 34 عاما على ذكرى يوم الأرض، لا يزال النظام الرسمي العربي متخبطا ومرهقا حتى الثمالة التي ضيعت بوصلته ليسلم كل الأوراق للولايات المتحدة، إدارة بعد إدارة، لتقود المفاوضات مع الكيان وتعيد الحق العربي إلى أصحابه!!
هكذا قرروا في القمم المتحركة، ولم يجدوا غضاضة من القبول بأن يتوسلوا قادة الكيان تجميدا مؤقتا لسياسة الاستيطان ولو لبضعة أشهر فقط تمهيدا لإعلان موافقتهم على ما تبقى من استراتيجية صهيونية تصادر الأرض وتحرق الشجر وتطرد البشر، استمرارا لطبيعة الاحتلال التي لم تتغير منذ نهايات القرن التاسع عشر عندما كانت عصابات شتيرن والهاغانا تنفذ المجازر في مختلف بلدات فلسطين، لتتواصل اليوم في الضفة الغربية والقطاع وداخل الخط الأخضر.
بعد ستة أسابيع من قتلها 6 شبان في المثلث والجليل، أقدمت قوات الاحتلال منتصف مايو 1976 على قتل لينا النابلسي، الصبية ذات الخمسة عشر ربيعا، بينما كانت عائدة من مدرستها في نابلس بالضفة الغربية. وكان للشعر والفن حينها دور الشرارة المحرك للفعل، وقد غنى لها الفنان اللبناني أحمد قعبور قصيدة نبض الضفة التي يقول في مقطعها الأخير:
<>لينا كانت طفلة تصنع غدها
لينا سقطت لكن دمها كان يغني
للجسد المصلوب الغاضب
للقدس ويافا وأريحا
للشجر الواقف في غزة للنهر الهادر في الأردن
يا نبض الضفة لا تهدأ أعلنها ثورة
حطم قيدك اجعل لحمك جسر العودة
فليمسي وطني حرا فليرحل محتلي>>.
هي فلسطين عنوان الصراع في المنطقة، رغم محاولات التطبيع المتعددة الاتجاهات التي تقود حتما إلى المزيد من منزلقات نتائجها الكارثية معروفة سلفا، ليس على الشعب الفلسطيني وحده، بل على شعوب الأمة أجمع