طعن «دستوري» في حظر الجمع بين «الرياضة» و«السياسة»
أم الحصم - عادل الشيخ
سامي سيادي طعن قانونيون بعدم دستورية المرسوم بقانون رقم (50) لسنة 2010، الذي يمنع اشتغال الرياضيين بالسياسة.
ودعا عدد من القانونيين والسياسيين السلطة التنفيذية إلى التخلي عن هذا المرسوم وعدم عرضه على مجلس النواب، لما له من سلبيات عدة أهمها التضييق على الحريات العامة.
كما دعوا مجلسي النواب والشورى إلى رفض المرسوم بقانون الذي يحظر الجمع بين عضوية الجمعيات السياسية وعضوية الهيئات الإدارية في الأندية والاتحادات الرياضية في حال عرضه، مشيرين إلى إمكانية الطعن عليه لدى المحكمة الدستورية.
--------------------------------------------------------------------------------
دعوا «السلطة» إلى التخلي عنه لما له من تضييق على الحريات العامة
قانونيون يطعنون في «دستورية» حظر الجمع بين «الرياضة» و«السياسة»
أم الحصم - عادل الشيخ
طعن قانونيون في دستورية المرسوم بقانون رقم (50) للعام 2010، الذي يمنع اشتغال الرياضيين بالسياسية.
ودعا عدد من القانونيين والسياسيين السلطة التنفيذية إلى التخلي عن هذا المرسوم وعدم عرضه على مجلس النواب، لما له من سلبيات عدة أهمها التضييق على الحريات العامة.
كما دعوا مجلسي النواب والشورى إلى رفض القانون في حال عرضه، والطعن فيه لدى المحكمة الدستورية.
جاء ذلك في ندوة نظمتها جمعية «وعد»، لمناقشة مرسوم حظر الجمع بين عضوية الجمعيات السياسية وعضوية الهيئات الإدارية في الأندية والاتحادات الرياضية، إذ تحدث في الندوة كل من المحاميين سامي سيادي وحسن إسماعيل.
إلى ذلك، تطرق المحامي سامي سيادي إلى الأبعاد القانونية والسياسية للتعديلات على قانون الجمعيات الأهلية، مشيراً إلى أن «هذا التعديل يأتي تحت مظلة نص المادة (38) التي نصت على (إذا حدث فيما بين أدوار انعقاد كل من مجلس الشورى ومجلس النواب أو في فترة حل مجلس النواب ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، جاز للملك أن يصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون، على ألا تكون مخالفة للدستور)».
وعقب سيادي: «يأتي هذا النص لمواجهة أي طارئ، وهذا ما ينقله مفهوم النص الذي اشترط بأن صدور تلك المراسيم بقوانين يجب أن يتفق بأن الحالة التي يصدر بشأنها المرسوم بقانون هي حالة لا تحتمل التأخير وتوجب الإسراع في اتخاذها لمواجهة تلك التدابير التي لا تحتمل التأخير، وعلى هذا التأصيل تسمى مراسيم الضرورة، كونها تستدعيها حالة ضرورة، وعلى هذا البناء ممكن أن نرجع أسباب صدور المراسيم، استناداً إلى نص المادة (38) من الدستور، إلى الشروط الآتية: وجوب وجود حالة تستدعي الإسراع (الاستعجال) في صدور المرسوم، أن تكون هناك حالة لا تحتمل التأخير وتستدعي اتخاذ تدابير عاجلة، أن تكون بين أدوار انعقاد كل من مجلس الشورى ومجلس النواب أو فترة حل مجلس النواب، وهي ما تسمى بالإجازة التشريعية كمفهوم».
وقال: «بالتالي نجد أن ما يوجب صدور المراسيم بقوانين من شروط واضحة في دلالاتها، وحال عدم توافر تلك الشروط يعد صدور المرسوم بقانون خرقاً واضحاً للدستور لما أوجبه من شروط لإصدار المراسيم بقوانين، ولا يعتد بأي أسباب أخرى عدا ما جاء نصّاً بالدستور انطلاقاً من القاعدة الفقهية (لا اجتهاد أمام صراحة النص)».
وبخصوص انعدام دستورية التعديلات، أوضح سيادي «من التعريف بالنص السابق يتضح جليّاً أن التعديلات على قانون الجمعيات لم تتوافر فيها أسباب وشروط إصدارها، وصحتها كونها لا تعالج حالة تستوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، وعلى ذلك تقوم مسئولية مجلس النواب الذي يجب أن يجسد الإرادة الشعبية».
وأضاف «فضلاً عن ذلك فإن آلية إصدار المرسوم بقانون وإن هي تستند إلى نص دستوري، والمعنى هنا نص المادة (38)، إلا أن ذلك يتجاوز ما قرره الدستور من سيادة للشعب مصدر السلطات جميعاً (المادة 1 فقرة د) ويمس بشكل أساسي المادة (27) التي نصت على (حرية تكوين الجمعيات والنقابات على أسس وطنية ولأهداف مشروعة وبوسائل سلمية مكفولة وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون، بشرط عدم المساس بأسس الدين والنظام العام، ولا يجوز إجبار أحد على الانضمام إلى أية جمعية أو نقابة أو الاستمرار فيها)».
وتابع «كما نصت المادة (31) من الدستور على أن (لا يكون تنظيم الحقوق الحريات العامة المنصوص عليها في الدستور أو تحديدها إلا بقانون، أو بناءً عليه ولا يجوز أن ينال التنظيم أو التحديد من جوهر الحق أو الحرية)».
وفي البعد السياسي للمرسوم بقانون الذي يحظر الجمع بين عضوية إدارة الأندية والجمعيات السياسية، أشار سيادي إلى أن «المتابع للشأن السياسي يجد أن السلطة التنفيذية وبخطوات ممنهجة تعمل على محاصرة العمل السياسي ابتداءً بالتدخل في تعديل القوانين واقتراحها لتضييق هامش الحريات السياسية واختزاله في العملية الانتخابية التي تمرّ كل أربع سنوات، وأيضاً محاولة تعزيز بأن المجلس النيابي هو المؤسسة التي منها ومن خلالها يتم العمل السياسي والشواهد كثيرة حول رفض كل ما من شأنه دفع العملية السياسية بالبلد وتوسيع مساحة العمل السياسي».
وأردف «كما يراد من ذلك محاصرة الهيئات والجمعيات الأهلية وإبعادها عن الشأن السياسي وخلق الوعي السياسي في أوساط الشباب والمنتمين إلى الأندية والهيئات الثقافية الحقوقية».
وعن الخطوات المطلوبة لمناهضة المرسوم بقانون، أفاد سيادي: «إن المرسوم بقانون في تكوينه التشريعي خلال مرحلة إصداره في غياب السلطة التشريعية يجوز الطعن عليه بالإلغاء، وبالتالي فإن لأية جمعية سياسية أو أهلية أو ناد الحق في الطعن في القرار أمام المحكمة الإدارية بطلب إلغاء القرار».
وأضاف «إن المعارضة مطالبة عبر جناحها بالبرلمان برفض التعديلات والمرسوم بقانون حال عرضه على مجلس النواب، وإن كان البرلمان وبحسب نص المادة (124) من لائحته الداخلية يصوت على المراسيم بقوانين بالموافقة أو الرفض من دون الحق بالتعديل كما أن صدور قرار المجلس يكون بغالبية أعضاء المجلس».
أما المحامي حسن إسماعيل فعبر عن أسفه لصدور المرسوم بقانون، قائلاً: «إنه في الوقت الذي كانت فيه مؤسسات المجتمع المدني جميعها تتطلع إلى تعزيز وصون الحريات التي تحققت وتنشد سلطة تشريعية غير منقوصة تقوم على مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث وتسعى إلى تحرير العمل الأهلي من القيود من أجل مشاركة حقيقية من دون وصاية أو تسلط من الدولة على مبادرات الجمعيات، تقوم السلطة التنفيذية بإصدار ثلاثة مراسيم».
وأضاف أن «هذه المراسيم؛ هي: المرسوم بقانون بتعديل أحكام قانون الرقابة المالية، والمرسوم المتعلق بالجمعيات والأندية السياسية، والثالث هو المرسوم المتعلق بجوازات السفر».
وأضاف أن «الأسئلة الرئيسية التي يمكن أن تثار في هذا الصدد، هو ما مدى دستورية هذه المراسيم ومدى توافقها مع الحالات العامة، وهل يجوز إصدار هذه المراسيم ونحن على أعتاب افتتاح الدور التشريعي؟».
وأجاب إسماعيل: «من الناحية الشكلية هناك مخالفة صريحة للدستور، وبعد الاطلاع على الدستور يتبين لنا أنه يتعين وجود ظرف استثنائي وهو ما يعني توافر شرط ركن الضرورة، ليكون هو المبرر للاستعجال، أي يجب أن تكون هناك ضرورة ملحة من دونها لا يجوز إصدار المراسيم، وشرط الضرورة شرط أصلي في إصدار هذه المراسيم».
وواصل أن «تحديد هذه الضرورة أمر متروك للسلطة التنفيذية ولكن يجب أن يكون تحت رقابة البرلمان... والواقع في البحرين يقول إن المراسيم الثلاثة لا تتوافر فيها على الإطلاق شرط الضرورة الملحة لإصدارها».
وسأل: «هل طرأ في البحرين ظرف استثنائي لمواجهة خطر لإصدار مثل هذه المراسيم؟ الواقع أن البحرين قد خرجت من انتخابات نيابية وبلدية شاركت فيها غالبية القوى، و كان بإمكان الدولة أن تطرح القوانين بصيغة مشاريع بقوانين في ظل عدم توافر شرط الضرورة، وهي بذلك اعتدت على اختصاص السلطة التشريعية ونالت من أحكام الدستور».
وبشأن كيفية التعاطي مع هذه المراسيم، أفاد إسماعيل: «بحسب الدستور فإنه يجب عرض هذه المراسيم على المجلس النيابي خلال شهر من اجتماع المجلسين، والسلطة التنفيذية إذا أرادت أن تزيل هذه المخالفة الصريحة عليها ألا تعرض المراسيم خلال شهر لتلغى، وعلى المجلسين الرقابة ودراسة شرط الضرورة لإصدارها».
واستطرد «أما من الناحية الموضوعية؛ فإن قانون الجمعيات ينظم طريقة وتكوين الجمعيات وحدد الرقابة عند من، فالجمعيات تكون عند وزارة التنمية الاجتماعية، والأندية عند الهيئة العامة للشباب والرياضة، والجمعيات الثقافية تكون تابعة إلى وزارة الثقافة، غير أن المرسوم الجديد يحدد أن الوزير المختص هو المختص بالرقابة، وإلى الآن لم يصدر قرار أو تبيان من هو الوزير المختص بالرقابة».
ولفت المحامي حسن إسماعيل إلى أن «الهدف من هذا التعديل جاء بقصد منع أعضاء مجالس الأندية من العمل في المجال السياسي، وهو أمر يمس الحريات الشخصية، في حين أن مؤسسات المجتمع المدني أصبح لها دور فاعل في المجتمع».
وقال: «على السلطة التنفيذية إذا كانت جادة ألا تعرض هذه المراسيم خلال المدة القانونية وهي شهر لتلغى تلقائيّاً بقوة القانون، وعلى المجلسين أن يرفضا هذه القوانين، ويمكن لمجلس النواب أن يستخدم حقه في اللجوء إلى المحكمة الدستورية لإلغاء هذه المراسيم».
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3010 - الجمعة 03 ديسمبر 2010م الموافق 27 ذي الحجة 1431هـ