قطر حتى 2022
في مطلع شبابي كنت واحداً من أهم لاعبي كرة «تنس الطاولة» على مستوى المملكة، وكنت أمثل نادي «النصر السعودي» باعتباري لاعباً فيه... ولكن انتمائي لتنس الطاولة لم يبعدني عن كرة القدم فكنت أحضر معظم المباريات، وأتابع ما لم أتمكن من حضورها، ومن أجل ذلك أصبحت أتفهم مشاعر اللاعبين والمشجين، صحيح أن بعضهم يتصرف بشكل غير لائق وهذا ما لم نكن نفعله سابقاً إلا أن الحماس والتعبير عنه سمة من سمات هذه اللعبة.
فوز قطر بتنظيم مسابقة كأس العالم 2022 كان حدثاً مهماً على مستوى المنطقة، وأتفهم كل مشاعر الفرحة التي رأيتها في قطر - خاصة - وفي العالم العربي - عامة - فلأول مرة تتمكن دولة عربية من تحقيق فوز في حدث عالمي مهما كان نوعه، ولما كان هذا الفوز على أميركا - بجلالة قدرها - أدركنا مقدار الفرحة التي أثلجت صدور العرب، وربما كان تعبير الشيخ «يوسف القرضاوي» من أنه للمرة الأولى نفوز على أميركا ولو بالكورة هو واقع كل عربي شاهد الاستبداد الأميركي ضد العرب في كل شيء فكان هذا الفوز الكروي مريحاً ومفرحاً.
الفوز بتنظيم هذا الحدث قضية مهمة لكل العرب ولكن تتحقق هذه الأهمية لو أن قطر أحسنت استغلال هذا الحدث على أوسع نطاق لأنه قد لا يتكرر مرة ثانية!
بالإمكان استغلال هذا الحدث سياسياً وذلك بطرح بعض القضايا العربية والإسلامية من خلال كل وسائل الإعلام وبأشهر اللغات العالمية، وخاصة قضية القدس وفلسطين... ليس بالضرورة أن يكون هذا الطرح مباشراً أو فجاً فهناك وسائل كثيرة بإمكانها إيصال الفكرة المستهدفة سواءً كانت للحاضرين في قطر أو المتابعين لهذه المباريات من خارجها.
وبالإمكان التحدث عن تاريخ قطر - خاصة - والخليج عامة، فهذه المنطقة تمتلئ حضارة منذ تاريخها القديم وحتى اليوم.
وللأسف فهناك الكثيرون ممن لا يعرفون شيئاً عن تاريخ الخليج الحضاري، بل إن البعض قد لا يسمع ببعض دوله، والخليج مرتبط في أذهانهم بالجمل والخيمة والتخلف الفكري والحضاري، وكل ما فيه - حسب رؤيتهم - نفط لا يحسن أهله الاستفادة منه ولذلك يرى بعضهم أن الأوروبيين والأميركان أولى بنفط المنطقة من أهلها المتخلفين!
قد يكون من الضرورة الحديث عن سماحة الإسلام أمام الأعداد الكبيرة التي ستزور قطر بهذه المناسبة، فكثيرون ربطوا بين الإرهاب وبين الإسلام، وبفعل الإعلام الصهيوني ومن يقف معه أصبح الدفاع عن الأوطان إرهاباً، والمطالبة بالحقوق إرهاباً، ومساعدة المنكوبين إرهاباً إلى غير ذلك من أنواع الإساءة للإسلام وللمسلمين... وجود الآلاف في قطر في ذلك العام، ومتابعة أكثر منهم من خارجها فرصة عظيمة لكي نشرح للعالم سماحة الإسلام وأهله، وأن ما يقوم به البعض موجود عند كل الشعوب قديمها وحديثها. الاقتصاد عنصر مهم في هذا التجمع العظيم؛ قطر ستنفق مليارات الدولارات منذ الآن وحتى يأتي ذلك التاريخ، بعض المنشآت ستستفيد منها قطر بعد انتهاء المونديال وربما لا تستفيد من البعض الآخر... هذا لا يهم كثيراً خاصة إذا استطاعت قطر أن تسوّق للاستثمارات الخارجية في أهم منتجاتها، وحسناً إذا فعلت قطر ذلك لكل دول الخليج وأعتقد أن بإمكانها أن تنسق مع هذه الدول فهذه فرصة يصعب تعويضها.
المواطن القطري بدأ يجني ثمار هذا الفوز، لكنا المطلوب منه أن يعطي صورة ممتازة عن قطر ومواطنيها أثناء ذلك المونديال وذلك بحسب التعامل مع الضيوف، وتقديم كل أنواع التسهيلات لهم ليعودوا بانطباع جيد ليس عن قطر وحدها بل عن العالم العربي كله، وهذه ليست مدة سهلة ولكن فوائدها كبيرة جداً!
أمنية خطرت ببالي ملخصها: هل يمكن أن تحقق الكرة ما عجزت عنه السياسة؟! هل يمكن أن يتوحد العرب كروياً ثم يتوحدوا سياسياً بعد ذلك؟! هل يأتي اليوم الذي تتوحد فيه كلمتهم؟ لعل وعسى...
وأخيراً... أحد المتفائلين تمنى أن تكون المباراة الأخيرة في المونديال بين السعودية وقطر! أمنية جميلة لعلها تتحقق!
محمد علي الهرفي
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3014 - الثلثاء 07 ديسمبر 2010م الموافق 01 محرم 1432هـ