اقرأ صمت أخيك .. فلعل عزة النفس أسكتته
.
دخل رجلٌ غريبٌ على مجلس أحد العلماء الميسوري الحال، وجلس يستمع إلى العالم وهو يُعلّم تلامذته وجُلساءه.
ولا يبدو على الرجل الغريب ملامح طالب العلم، ولكنه بدا للوهلة الأولى كأنه عزيزُ قومٍ أذلّتهُ الحياة!
دخل وسلّم، وجلس حيث انتهى به المجلس، وأخذ يستمع للشيخ بأدبٍ وإنصات، وفي يده قارورةُ فيها ما يشبه الماء لا تفارقه.
قطع الشيخ العالم حديثه، والتفت إلى الرجل الغريب، وتفرّس في وجهه، ثم سأله:
ألك حاجةٌ نقضيها لك؟
أم لك سؤال فنجيبك؟
فقال الضيف الغريب:
لا هذا ولا ذاك، وإنما أنا تاجر، سمعتُ عن علمك وخُلُقك ومروءتك.
فجئتُ أبيعك هذه القارورةَ التي أقسمتُ ألّا أبيعَها إلا لمن يقدّر قيمتها، وأنت دون ريبٍ، حقيقٌ بها وجدير.
قال الشيخ العالم: ناولنيها.
فناوله إياها، فأخذ الشيخ يتأملها ويحرك رأسه إعجاباً بها، ثم التفت إلى الضيف وقال له: بكم تبيعها؟
قال: بمئة دينار.
فرد عليه الشيخ:
هذا قليل عليها، سأعطيك مئةً وخمسين.
فقال الضيف:
بل مئةٌ كاملةٌ لا تزيد ولا تنقص.
فالتفت الشيخ نحو ابنه وقال له:
اذهب يا بُني إلى البيت فورا، وأحضر لي مئةَ دينار.
وفعلاً استلم الضيف المبلغ، ومضى في حال سبيله حامداً شاكراً.
ثم انفضَّ المجلسُ وخرج الحاضرون، وجميعهم متعجبون من هذا الماء الذي اشتراه شيخُهم بمئة دينار!
دخل الشيخ إلى بيته ودخل غرفة له يقرأ فيها ويراجع بعض المخطوطات ورسائل بعض العلماء.
ولكنّ الفضول دعا ولده إلى فحص القارورة ومعرفةِ ما فيها، حتى تأكد -بما لا يترك للشك مجالاً- أنه ماءٌ عادي.
فدخل إلى والده مسرعاً وجلس بجانبه..مندهشاً وهو يفول:
يا حكيم الحكماء، والله ما زاد ذلك الغريب على أن باعك ماءً عادياً بمئة دينار.
والله يا أبي لا أدري، أأعجبُ من دهائه وخبثه، أم من طيبتك وتسرعك؟
فابتسم العالم الحكيم ضاحكاً..
وقال لولده:
يا بني، أنت نظرتَ ببصرك فرأيتَه ماءً عاديّاً..
أما أنا، فقد نظرتُ ببصيرتي وخبرتي، فرأيتُ الرجل جاء يحمل في القارورة ماءَ وجهه الذي أبَتْ عليه عزَّةُ نفسه أن يُريقَه أمام الحاضرين بالتذلُّل والسؤال.
وكانت له حاجةٌ إلى مبلغٍ يقضي به حاجته لا يريد أكثر منه.
والحمد لله الذي وفقني لإجابته وفَهْم مراده وحِفْظِ ماء وجهه أمام الحاضرين.
ولو أقسمتُ ألفَ مرّةٍ أنّ ما دفعتُه له فيه لقليل، لما حَنَثْتُ في يميني.
إن استطعتَ أن تفهم حاجةَ أخيك قبل أن يتكلم بها فافعل،
فذلك هو الأجملُ والأمثل...
تفقَّدْ على الدوام احبابك، فربما هم في ضيقٍ
لا تقرأ وترحل .. تفاعل معنا ودعنا نرى اسمك بتعليق .. فتفاعلكم يشجعنا على الاستمرار.
إذا أعجبك هذا المحتوى فقل
"اللهم إني أسألك من فضلك ورحمتك".
وأُكتب لي تعليقا من عندك.. إدعم هذه الصفحة وشارك هذا المحتوى مع الآخرين الآن
وإذا كنت مثلي تحب القصص والقرأءة أدخل صفحتي على الفيسبوك (#عجور_٤٨) وأعمل متابعه.
_______________________________
#عجور٤٨ #عجور_٤٨ #عجور48 #عجور_48 #ajjur48