الشهيد سعيد الاسكافي
[img(372.47619px,147.47618999999997px)]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][ltr]-
+[/ltr]
[rtl]لم يكن الحاج عبدالرسول الاسكافي عندما طلب منه مسؤولو التعذيب بوازراة الداخلية في صباح السبت الثامن من شهر يوليو 1995 مستعداً لسماع خبر استشهاد ابنه، خصوصاً وان المسؤولين الذين تحدثوا معه وطلبوا منه الحضور إلى المستشفى لم يخبروه بالوفاة، بل قالوا ان ابنه مريض. ولم يخطر بخلَد هذا الرجل ان من صلاحيات القسم الخاص ممارسة التعذيب حتى الموت بحق المواطنين، كما لم يتوقع أن يصل مستوى تعامل الجهاز الذي يفترض فيه أن يكون ساهراً على أمن البلاد حد الاعتداء الجنسي على المواطنين من أجل "ضمان الأمن والاستقرار" في البلاد! وعندما اكتشف الرجل ما حدث لابنه كاد يموت على الفور، وأغمي عليه فعلاً بعد رجوعه من المستشفى ومعه جثة ابنه. كيف يكون شعور والد يرى جثة ولده ممزقة؟! وماذا يمكن أن يكون احساس رجل شهم كريم عندما يتخيل ما حدث لفلذة كبده وهو بأيدي "اللجنة" المشرفة على التعذيب والتي تضم الجلادين المعروفين عادل فليفل وخالد المعاودة وخالد الوزان وأضرابهم من القتلة والشاذين جنسياً؟[/rtl]
[rtl]كان سعيد الاسكافي الذي ولد 7/3/1978 واحداً من شباب هذا البلد المعذب، الذي شارك في الانتفاضة المباركة ضد النظام الخليفي القمعي. وكان طالباً بالصف الأول الثانوي بالثانوية العامة الصناعية. وخرج في بعض التظاهرات شأنه كغيره من الشباب المتطلع لغد أفضل على أرض البحرين. عاش محروماً من حنان الاُم وحضنها الدافئ بعد أن توفيت والدته وتركته مع خمس أخوات وستة إخوة قبل بضع سنوات. يضاف إلى ذلك ثلاث أخوات وأخ واحد من والده الذي تزوج بعد وفاة والدته. كان جزاء هذا الفتى تلك المعاملة الوحشية على مدى ستة أيام في أيدي أكلة لحوم البشر، وهي معاملة وصفها الأطباء الذين رأوا صور التعذيب على جسده بعد استشهاده بأنها جريمة يستحق مرتكبها المثول أمام محكمة العدل الدولية بتهمة الحرب ضد الإنسانية؛ فمنذ أن اعتقله الجلادون في 29 يونية وحتى وفاته يوم الأربعاء 6 يولية تعرض هذا المجاهد الغيور إلى معاملة وحشية وقاسية غير متوقعة في عالم اليوم، خصوصاً وان حكومة البحرين تتشدق بعلاقاتها مع الدول المتحضرة. هذا الشاب الهادئ الوادع لم تكن له نوايا عدوانية ضد أحد، وإنما كانت مشاركته تعبيراً عن التضامن مع الشعب المستضعف. كانت آثار التعذيب واضحة على كل أنحاء جسمه، فيما أكد الأطباء تعرضه لأنواع عديدة من التعذيب بهدف كسر معنوياته وللحصول على "اعترافات". ولكن الشهيد سعيد حطم كبرياءهم عندما أصر على الصمت المطلق ولم يقل كلمة واحدة تضم أحداً من اخوته العاملين، فجن جنونهم وراحوا يعذبونه بأكثر الاساليب وحشية.. وعندما يحمي النظام نفسه بالانتقام من الشباب والأولاد فلاشكّ انه مفلس وينتظر النهاية المحتومة.[/rtl]
[rtl]في 29 يونيه جاءت عناصر الجهاز الخاص إلى منزل الشهيد لاعتقاله، ولكنه لم يكن هناك. فما كان منه بعد رجوعه إلى المنزل إلا أن قرر الذهاب إلى مركز التعذيب بنفسه معتقداً ان ذلك سوف يوفر على العائلة قدراً كبيراً من المعاناة؛ فهو يعلم ان من لا يفعل ذلك يفتح باب المشاكل على مصراعيه أمام عائلته. فذهب في اليوم التالي ولكنه لم يعد إلا جثة هامدة! وعندما كان على المغتسل اكتشف الذين كانوا يغسلونه انه تعرض لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي قبل وفاته. وقد أثار ذلك مشاعر المواطنين الذين حضروا لتشييعه بأعداد ضخمة. وفي اليوم الثالث لوفاته توجهت الجماهير إلى قبره لقراءة الفاتحة على روحه، ولكنهم فوجئوا بعدوان حكومي عليهم بدأ بإطلاق الغازات المسيلة للدموع والرصاص المطاطي والحي. وقد سقط عشرات الأفراد بسبب ذلك. وأصيب عدد منهم بشظايا في أعينهم، وفقد بعضهم بصر عين واحدة.[/rtl]
[rtl]لقد أثبت استشهاد سعيد الاسكافي مدى التخلف والوحشية والدناءة في معاملة السجناء وأصبح واضحاً ان الحكومة لا تكتفي بالتعذيب الجسدي المعتاد بل تمارس بروتينية التعذيب النفسي والأخلاقي. وقد أدركت الحكومة خطأها الفاحش في معاملة الشهيد سعيد وسعت لاحتواء الموقف، إلا أن والد الشهيد رفض كل محاولات شراء الضمائر والمواقف وأصرّ على كشف الحقيقة. وكتب رسالة إلى وزارة الداخلية يتهمهم فيها بقتل ابنه ويطالب بإجراء تحقيق في ذلك، مؤكداً ان ابنه الشهيد تعرض لأبشع أنواع الاعتداء الجسدي والنفسي قبل وفاته في السجن وكانت آثار التعذيب واضحة في أنحاء جسمه، وخصوصاً في يديه اللتين تقرحتا. وقد توفي، كما يبدو يوم الأربعاء 6/7/1995 حيث سرب جهاز الأمن في ذلك اليوم خبراً بأن سعيداً سوف يطلق سراحه، ولكن اكتشف أهله يوم السبت انه قد استشهد.[/rtl]
[rtl]ولدى انتشار الخبر خرجت منطقة السنابس عن بكرة أبيها رجالاً ونساءً في تظاهرات حاشدة وفي يوم الاثنين 10/7/1995، حيث انتهاء مجلس الفاتحة، سارت مسيرة التشييع في منطقة النعيم، مسقط رأسه، ومرت في الشوارع العامة منددة بآل خليفة، وكانت حاشدة برغم اجراءات القمع، حيث اغلقت الشوارع ما بين النسابس والنعيم. وفي مساء السبت ليلة الأحد شهدت السنابس والديه واسكان جد حفص والمصلى وطشان تظاهرات عنيفة. وفي ليلة الاثنين خرجت مسيرات في منطقة سترة وأشعلت النيرات في أماكن عديدة تابعة للحكومة الظالمة. كما خرجت تظاهرات في الدير وسماهيج، وأحرقت أماكن تملكها العائلة الحاكمة وبعض الضباط في مناطق كرزكان، ودمرت ثلاثة محلات لاستيراد الخمور وبيعها تابعة لشركة البحرين للملاحة في المنطقة الدبلوماسية والعدلية والبديع. وفي ليلة الثلاثاء شهدت باربار تظاهرات وحرائق كبيرة في مؤسسات حكومية. أما في يوم الثلاثاء (11/7/1995) فقد شهدت منطقة النعيم مسيرة سلمية كبيرة شارك فيها أكثر من ثلاثة آلاف من الشباب والكهول والنساء، وتعرضت لرصاص كثيف أدى إلى اصابة عدد كبير بجروح بعضها كان خطيراً في العين والرأس، واعتقل أكثر من 50 من المشاركين، وعدد من الجرحى الذين كانوا يعالجون في مستشفى البحرين الدولي. وكان بين المعتقلين نساء ورجال كبار عوملوا بقسوة متناهية.[/rtl]
[rtl]كان الشهيد سعيد الاسكافي، برغم صغر سنه، يتمنى الشهادة كبقية الذين سبقوه على هذا الدرب. وعندما ذهب إلى المباحث لتسليم نفسه في 29/6/1995 أوصى أهله بالعناية بالدجاج وطيور الكناري التي كان يربيها وحوض السمك الذي كان يهتم به، الأمر الذي يؤكد وداعته وبراءته. وقد اعتمد على نفسه منذ صغره في كسب الرزق لتأمين حاجته من المال لمواصلة دراسته، وكان يشارك في الاحتفالات ويساعد الآخرين. ولم يكن كثير الخروج من المنزل إذ كان لا يخرج إلا لممارسة رياضة كرة القدم أو للدراسة المسائية في المأتم.[/rtl]
[rtl]لقد بقيت في نفوس الشعب حسرة عميقة باستشهاد هذا الشاب خصوصاً بعد أن تأكد ممارسة أبشع أساليب التعذيب وأقذرها ضد شاب يافع لم يتجاوز السابعة عشرة من العمر. وسوف تبقى هذه الحسرة في النفوس حتى تأخذ العدالة مجراها ويلقى قاتلوه ما يستحقونه.[/rtl]
[rtl]تحية اكبار واجلال شهيدنا الذي لم يتخلف عن أداء واجبه الإسلامي والوطني برغم حداثة سنة.. لقد كان كبيراً في نفسه، عظيماً في مواقفه، عملاقاً في إرادته، طوداً في صموده أمام الجلادين، شامخاً بأهدافه، خالداً باستشهاده.[/rtl]