نوبل العلوم والعرب
من بين المؤشرات العديدة التي تحقق بها الجامعات العالمية سمعة أكاديمية، وتحصل بها على التقدير، ويتم تقييمها أكاديميًا من الجهات الأكاديمية والبحثية المختلفة، عدد الحاصلين على نوبل من بين هيئة التدريس التي تعمل بها.
وأغلب الجامعات العلمية المرموقة، خصوصا في الولايات المتحدة تتنافس فيما بينها بمدى قدرتها على استمرار محافظتها على سمعتها وما يعنيه ذلك من مستوى أكاديمي في البحث والعلم، بالأبحاث الجديدة، والكشوف العلمية، وفرق البحث العلمي في الميادين العلمية المختلفة، وكذلك بعدد الحاصلين على جوائز نوبل ممن تخرجوا منها أو عملوا بها أو قدموا بحوثًا وكشوفًا علمية مرموقة.
لكن اللافت أن كلية علمية واحدة في العالم الغربي، يمكن أن يصل عدد الحاصلين فيها على نوبل ما يزيد على 30 شخصًا، بينما العالم العربي بكل جامعاته وأقسام البحث العلمي في تلك الجامعات غير قادر على إنتاج عالم مميز يستطيع أن يحقق إنجازًا مشهودًا، ومن حقق ذلك مثل العالم أحمد زويل على سبيل المثال، فإنه قد حقق الإنجاز بسبب وجوده في مناخ علمي وأكاديمي بالغ التميز، وبالغ الاهتمام بالبحث العلمي، بوصفه أحد أولويات تقدم الدول الغربية والأمريكية.
لا يعني ذلك أننا لا نملك العقول البشرية ولا الإنجازات، فهناك عشرات من العلماء العرب في المجالات المختلفة، يحققون إنجازاتهم في صمت، وتحتفي بهم الأوساط الأكاديمية والعلمية، لكن المناخ العام الرافض للعلم والعلوم في العالم العربي لا يجعل من هؤلاء الشخصيات نجومًا، ولا يمنح الفرصة لهم لزيادة تأثيرهم وإنتاجهم في المجتمع لأسباب عديدة لا تخفى على أحد، من قلة الميزانيات العربية المخصصة للبحث العلمي، إلى عدم اهتمام الإعلام العربي بالعلوم، مرورًا بتواضع مستوى التعليم العلمي العربي إجمالًا، وغياب الثقافة العلمية، وتكريس الإعلام للغيبيات والخرافات على حساب القيم العلمية والعقلية، وعدم توافر المستوى الأكاديمي والنظم التعليمية التي تؤسس مناخًا علميًا مختلفًا وغير ذلك من أسباب.
إنها مسئولية مشتركة تتحملها وسائل الإعلام ووزارات الثقافة والتعليم العربية جنبًا إلى جنب مع المؤسسات العلمية وأصحاب رءوس الأموال العرب، والحكومات. إن جانبًا كبيرًا مما تفيض به المنطقة من مشكلات سياسية له علاقة وثيقة بغياب العلوم والمعرفة، ولهذا تتوزع المسئولية علينا جميعًا، فالعلوم وإشاعة المناخ العلمي ينبغي أن تصبح أولوية ومسألة مصير وليست ترفًا.
رئيس التحرير
د. سليمان إبراهيم العسكري
---------------------------------------
طبق الا صل من مجلة العربي