باختصار
حكمة التفاهمات العربية
يعلم العرب أهمية التوحد فيما بينهم وان لم يكن كذلك فالتعاون والتنسيق خير لهم، لكن البعض يعمل وفق اجندات خاصة بعيدة عن التفكير الوحدوي باعتباره يذيب القطرية التي بات لها شأن في استفحال التعصب للذات.
ولقد ثبت ان جل مشاكل العرب وأزماتهم ونظرة الآخر إليهم نابعة من التقصير في التواصل العربي ضمن قواعد وبرامج ثابتة ودورية ، اذ لايكفي حصول قمة عربية كل عام تقوم على الاناشيد والتوافقات وتكتب فيها عناوين البيان الختامي قبل حصول اللقاء ، لأن الأهم هو تنفيذ حرفية مايكتب بل الاقتناع بما يكتب وليس في اعتباره حبرا على ورق يتم تناسيه فور الانتهاء من قراءته.
الدعوة إذن للقاء العربي والاسلامي بادرة خيرة لاتعتبر خروجا على المألوف بقدر ماهي تطور نحو صوابية الاعتراف بأهمية الجغرافيا والتاريخ والمعتقد والدين واللغة وسائر مايجمع ، ولهذا يصبح الكلام عن الاعتراف بأهمية العلاقات الايرانية السعودية التركية كما أوحى وزير الخارجية الايراني الجديد تصليبا للساحة العربية والاسلامية وإشهارا لقوة الضرورات في ساعات تقرير المصير.
ولا يكفي ذلك التطور ان حصل بالفعل ووضعت له مراسيمه التنفيذية ، بل لابد من فتح مروحة واسعة في العلاقات العربية والاسلامية مع الاعتراف دائما بالتشكيل الضرورة بين ايران والسعودية وتركيا ، اضافة الى مصر المحروسة وسوريا قلب العروبة النابض والبقية الباقية من تلك البانوراما العربية والاسلامية التي كلما عمقت عملها المشترك وتفاهماتها ، ساد التغيير المنطقة ، وصار بالامكان الاعتراف بأن احداثا سعيدة تجري ، وألفة تتقدم نتائج مرضية تتحقق.
اعتقد ان الشعار المرفوع حاليا حول تطوير العلاقات الايرانية السعودية التركية ستكون مدار المرحلة المقبلة .. فالمنطقة تعبت من التباعد، كما أتعبها التنافر ، والصراع الذي استنفر القوى وأغرقها في جو من الخسائر والمشاحنات أدى الى التباعد فالإقرار بسوء مصير المنطقة ان هي ظلت على تلك الحال.
يحدث اليوم ماهو الضروري للغد.. وما يستحقه الغد من تطوير للأسس غير الموائمة الآن، بات ملحا فيما شعوبنا في شوق إليه . ليس من أحد يمكنه العيش وحيدا وسط جغرافيا مدروسة بعناية، ووسط إقرار بالآخر الموجود على خارطة تلك الجغرافيا. أسوأ ماحدث في الماضي هو العمل عكس الجغرافيا الطبيعية والالتباس في فهم التفاهم حيث كان الخطأ الآكبر الشعور بأن الكل لي أو على الدنيا السلام.
من شأن كل خطوة تفاهم فانسجام فتقدم على هذا الطريق ان يؤنسن المنطقة ويعطي شعوبها أملا في العيش المفترض خارج منطق التصارع القائم. لايمكن لأحد ان يعيش وحده، الكل مضطر الى الكل ، وتلك هي حكمة التنازلات الايجابية.
زهير ماجد